عمار العركي يكتب : تأملاتي …. فى تأملات جمال عنقرة و لقاء البرهان أبي أحمد

الخرطوم الحاكم نيوز

طالعت مقال للكاتب الصحافي الأستاذ جمال عنقرة، تحت عنوان: (لقاء البرهان وآبي احمد …. وهل يصحح اللقاء مسار العلاقات الثلاثية) ، وقبل أن يجيب الأستاذ جمال بالإيجاب وامكانية ذلك ، وجه إنتقادات “معممة” شملت الكُتٌاب والسياسيون، وإستثنى التعميم بكلمة “بعض” السياسيون والفنيون والأكاديميون والإعلاميون لتناولهم موضوع اللقاء بسطحية مخلة جداً ، حيث كتب عنقرة ( ولكن كثيرين من الذين تحدثوا، وكتبوا تناولوا الموضوع بسطحية مخلة جدا، فاعتبر بعضهم تصفية الخلافات السودانية الإثيوبية، بداية لعودة التوتر بين العلاقات السودانية المصرية، واعتبر آخرون مجرد قبول البرهان الجلوس مع أبي أحمد بيعا لدماء الجنود السودانيين السبعة والمواطن الذين اغتالتهم القوات الإثيوبية، وذهب آخرون مذاهب أخري في التحليل لم يخرج أكثرها عن هذه الدائرة الضيقة التي تنظر إلى الأمور بمناظير معتمة).

بعد ذلك إسترسل أستاذ عنقرة فى تحليل اللقاء – بنظرة الكاتب الصحافي وليس الخبير المُلم – حتى يصل بالقارئ إلى الإجابة على السؤال الوارد فى عنوان مقاله بامكانية أن يصحح اللقاء مسار العلاقات الثلاثية.

قبل الخوض فى نقاط تأملاتي وخلافى مع تأملات الأستاذ جمال ، أسجل إعجابى وثنائىً كونه تناول هذا الموضوع بالكتابة والتحليل والترجيح فى ظل شح وندرة التناول بالرغم من اهمية وإستراتيجية الموضوع ، فله التحية والتقدير.

شخصياً – وكأحد المهتمين، ولدىً عديد من الكتابات والمقالات فى هذا الشأن، أشعر برأس السوط رغم مفردة “بعض” والتى تُستخدم. “كمراقة” و”مخارجة” فى هكذا نقد ، ولكني أسرد بعض التأملات وأقول للإستاذ جمال : –

– العلاقات السودانية الأثيوبية ومنذ الإستقلال وحتى يومنا هذا تُدار من جانب السودان بإسلوب العلاقات الشخصية على مستوى المؤسسات أو الأفراد، وليس هنالك إستراتيجية مهنية علمية مدروسة ومكتوبة ، مما يجعل عملية “القراءة التحليلية والتنبؤ” معقدة وعسيرة على الخبراء المتابعين، ناهيك عن غيرهم.

– العلاقات السُودانية المصرية كذلك لا تخضع للمنطق والواقعية بقدر خضوعها “للسياسة العاطفية والعاطفة السياسية” ولا تخضع او تعترف بالمنطق والواقع.

– بينما ظل السودان – ومن قبل سد النهضة والفشقة – وبحكم توسطه الجغرافى وعمقه الاستراتيجي المتداخل مع الدولتين ، هو حلقة الوصل وعنصر اساسي في شكل العلاقة بين الدولتين.

* فى ظل هذا التعقيد المكاني والزمانى والذى إزداد تعقيدا بسد النهضة وتداعياته ، الفشقة وتداعياتها ، وتغيير أنظمة الحكم والسياسة فى الدول الثلاث وتداعياتها ، والذي تبعه مباشرة تغيير فى المواقف حيال القضيتين ، فمن غير المعقول او المقبول أن تتم الإجابة على “سؤال العنوان” والذى يحمل داخله كل هذه التفاعلات والتداعيات بكل هذه البساطة ، ليكرر الأستاذ جمال عنقرة ذات “السطحية” التى نبذها ونقدها فى مقدمة المقال و ثم يعود ويختم مقاله بها؟!!

وإحقاقا للحق ، وفى هذا الخصوص كتب الأستاذ عنقرة فى مقاله :
( يمكن إعادة النظر في معالجتهما برؤي وافكار شاملة، ليس هذا مكانا ولا مقاما لطرح تفاصيلهما، ولكن أعتقد أن لقاء البرهان أبي أحمد، اتاح هذه الفرصة التي يجب استثمارها، وعدم اضاعتها كما اضعنا من قبل فرصا عدة)، وهذا أيضاٌ أحسبه “مراقة ومخارجة” وكفاية شر السؤال عن أين ” المؤشرات والحيثيات التى عليها تم البناء التحليلي والإجابة على السؤال??!.
فالأستاذ جمال لم يذكر “التفاصيل” رغم أهميتها ، ولم.يحدد “الفرص المضاعة” رغم ضروريتها؟!!

خلاصة القول ، يظل لقاء “البرهان وآبي احمد” لقاء تكتيكي من الرجلين، لخدمة أهداف مختلفة وخاصة بكل واحد منهما، ليس لها أى تأثير إيجابي على العلائق البينية ثنائية كانت او ثلاثية وذلك للمؤشرات والحيثيات الآتية:-

– اللقاء فى أصله هامشياً وليس أساسياً.
– اللقاء تم ترتيبه برغبة من طرف واحد “آبي احمد” ، وبضغط وترتيب من طرف غير محايد وهو الأثيوبي “ورقنه جيبهو” وزير الخارجية الأثيوبي السابق ، والمدير التنفيذي الحالى لهئية الإيقاد.
– أفترض ، بأن كل طرف- البرهان آبى أحمد – مطالب بإستحقاقات داخل بلاده قبل تطبييع العلاقة، فالأثيوبيون “لن يقبلوا بتطبييع العلاقة مع السودان الذى يقف مع مصر ، وينتشر فى مشاريعهم الزراعية”، والسُودانيون لن يقبلوا فكرة التطبيع قبل مداوة ومعالجة آثار التعديات والخروقات الأثيوبية ، وإستعادة كامل آراضيهم المحتلة ومن ثم وضع العلامات الحدودية .
– جبل الجليد وفقدان الثقة بين البلدين، بلغ مرحلة من الضخامة والتراكم،التى من الصعب أن يُحدث فيهما لقاء “هامشى وعابر” أي تغيير يستحق الذكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى