الرادار – ابراهيم عربي – (محاكمات رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (7)

بقلم : إبراهيم عربي 
توقفنا في الحلقة السابقة عند سؤالين هما : 
1/ ماهو سر ذلك العداء السافر من قبل منظومة اللجنة الأمنية تجاه قائدهم الأعلى الرئيس البشير ؟  
2/ كيف كانت علاقتهم مع الرئيس البشير قبل ذلك ؟ .
المراقب يجد أن القاسم المشترك الأعظم بين هؤلاء في علاقتهم برئيسهم السابق المشير عمر البشير أنهم (رجال الرئيس وخاصته) ، فإذا تتبعنا سيرتهم نجد أن جزء مقدرا منهم قد أعادهم الرئيس السابق للخدمة من المعاش في ظروف وملابسات متباينة .
ولكن هل هي علاقة خاصة بالرئيس البشير فقط أما لها أبعاد خفية خارجية ترتبت عليها سيناريوهات لاحقة ، لاسيما وأن سوزان رايس المسؤولة الأمريكية أوردت في كتابها (Tuff love) العديد من السيناريوهات والمكائد والخطط لإسقاط البشير ، ولا تنفصل بذاتها عما جاء في تقرير المخابرات الأمريكية إكتوبر 2020 ، حيث كشف التقرير عن خطط أمريكية عبر عدد من العملاء بالداخل ، قال أن الوكالة ساعدتهم ليتبوأوا أرقي المناصب الأمنية والقيادية بالبلاد سابقا وحديثا ، ولذلك نحن نتساءل هل يعني ذلك أن البشير ذهب ضحية مؤامرات دولية وإقليمية وداخلية تقودها أمريكا من علي البعد من حيث يعلم البشير أو لا يعلم ؟.
علي العموم بموجب تلك الخصوصية أعاد المشير البشير ، الفريق أول عوض بن عوف للخدمة في الجيش من المعاش بعد أن عينه سفيرا بسلطنة عمان ، وقام بتكليفه بوزارة الدفاع بل وترفيعه إلي موقع النائب الأول مبعدا رفيق دربه وكاتم أسراره الفريق أول بكري حسن صالح والذي يطلقون عليه (الصديق الوفي) ، وقد ظل بكري ملازما للبشير منذ أن عملا معا أوائل السبعينات وقاد معه إنقلاب الإنقاذ وبل هو من أدخل البشير إلي القيادة حسب تصريحاته عن تلك الليلة .
وليس ذلك فحسب بل ظل الفريق أول بكري حسن صالح ، العضو الوحيد من مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الباقي بالسلطة ، وظل كذلك رئيسا للوزراء عينه الرئيس في هذا الموقع المستحدث عقب الإنتقال إلى نظام الحكم المختلط (الرئاسي البرلماني) بموجب مخرجات الحوار الوطني وسنعود إلي (تفاصيل هذه العلاقة لاحقا) .
المهم أن إبن عوف حل محل بكري ، وهنا نشير الي إفادات زملاء إبن عوف وأبناء دفعته بالقوات المسلحة (الدفعة 23) عنه ، قالوا أن إبن عوف لم يكن ضابطا مميزا بتلك الدفعة ، ولم يبني رصيدا من العلاقات الإجتماعية مع دفعته أو أيا من الضابط ، وبل يصفونه بالإنطوائية والإنعزال ، ويشيرون أن معظم خدمته كانت خارج القوات المسلحة بجهاز الأمن (من رتبة المقدم الي اللواء) ، وقالوا عاد إبن عوف للقوات المسلحة برتبة اللواء ليقود سلاح المدفعية ومنها لإدارة الاستخبارات .
وبالنظر لسجل خدمة الرجل نجد أن إبن عوف ليس له رصيد خدمة عملياتية وبالطبع هذا (رصيد مهم للقادة وهم يتمايزون به بشكل حاسم فيما بينهم) ، وتبني عليها سمعة الضابط وصيته داخل الجيش ، فإذا أضفنا لذلك معاناة الرجل من مرض المصران العصبي المزمن ، الذي جعله قابلا للتوتر واختلاق المشاكل والعنف اللفظي مع مرؤوسيه ورؤسائه ، فإن الدافع الوحيد المتبقي لإعادته للخدمة من المعاش تبقي من النقاط التي تحتاج لمزيد من التقصي !.
الا أن البعض يشير لعلاقة بن عوف الخاصة بالدعم السريع بإعتبار أن الرئيس المعزول إستعان به في تكوين هذه القوات وتدريبها وتنظيمها وتسليحها وتم الإستعانة به لهذه المهمة وهو لايزال سفيرا بالخارجية حيث استدعي خصيصا لذلك ، وربما تم تعيينه أيضا بناء علي توصية حميتي .. !!! .
وربما رأي الرئيس المعزول أن في الإستجابة لتوصية حميدتي تلك إرسال رسالة طمأنينة لتلك القوات خاصة في ظل الرفض المكتوم والصريح أحيانا من قبل الجيش لها ، وهو الأمر الذي دعا الرئيس لوضعها تحت قيادة جهاز الأمن في بادئ الأمر لرفض قيادة الجيش لها في ذلك الوقت (الفريق عبد الرحيم محمد حسين وهيئة الأركان المشتركة بقيادة الفريق مصطفي عبيد وقتها) .
ولعل من المهم هنا الإشارة إلي نقطة أخري جديرة بالأهمية وهي أن إبن عوف كما يصفه زملاءه إنه (رجل بلا طموح) ، ولكن هل رأي الرئيس المعزول أن وجود بكري أصبح يشكل خطورة عليه ؟، خاصة وأن البعض داخل الحزب أصبح يشير إليه بوصفه خليفة البشير .. !!!
علي العموم تلك المعطيات لاتفسر لوحدها سر الإنقلاب المفاجئ لإبن عوف علي رئيسه ، وإن كانت تشكل خلفية وسياق موضوعي لها ، ولكن ماهي القشة التي قصمت ظهر البعير .. ؟! .
المراقب يجد أن الفريق صلاح عبد الله (قوش) تم إعادته للخدمة عقب محاكمته وسجنه بعد إدانته بالاشتراك في إنقلاب العميد ود ابراهيم ، علاوة علي ضبطه وهو يتجسس علي هواتف الرئيس (وهو ما أدى مباشرة لتغييره ونقله لمستشارية الأمن القومي) التي منها عمل في خطوط مرتبكة (حوار مع أحزاب المعارضة دون موافقة القيادة السياسية) ومن ثم إشتراكه في إنقلاب ود إبراهيم .
المتابع يجد أن الفريق (حميتي) وشقيقه الفريق عبد الرحيم دقلو وقوات الدعم السريع تلك معطيات أوجدها الرئيس المعزول من العدم ، وبل أصبحوا الأقرب إليه وجدانيا ، فالفريق حميتي كان أحد القادة الميدانيين للشيخ موسي هلال إبان فترة الحرب بدار فور ، وظل قائدا محليا ، تارة يتمرد علي السلطات الولائية ومرات يعمل معها إلى أن تم تعيينه مستشارا أمنيا لوالي جنوب دار فور ، ولكن من الواضح إنه كان مجرد تعيين إسترضائي .
نواصل ….
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى