أخر الأخبار

السودان والإمارات الحرب على ثلاث جبهات قراءة تحليلية وتشخيص الوضع الراهن

اعداد : المركز العالمي لدراسات القرن الافريقي

Global Center for Horn of Africa Studies
إصدارة دورية رقم ( 30/25 ) 11 اغسطس 2025

في صيف 2025 تصاعدت أزمة العلاقات بين الخرطوم وأبوظبي إلى مواجهة واسعة، شملت منع هبوط الطائرات السودانية في الإمـــارات وقرارات بــحرية أثّرت على حركة البواخر إلى بورتسودان، في حين تحمــــــل مــــلفات التجارة (لا سيما الذهب) أبعادًا استراتيجية الاعتمــاد الاقتصادي للسودان على أسواق الذهب الخليجية والبدائل الاخرى عندما اصدر مجلس الامـــن والدفاع قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع الامارات تهيأ ووضع مصفوفة البدائل مما يجعل هــذه الإجراءات غير قادرة علـــى ضرب موازنات الحرب، ما دفع الخرطوم لبدء تنفيذ خطط بدائل عاجلة لوجستيًا وتجاريًا التحليل التالي يفكك الأدلة، يقيّم دوافع وأدوات التأثير ويـــعرض سيناريوهات ومقترحات عملية فورية ومتوسطة المدى .
ذكرت وكـــالات أنـــباء وبيانات رسمية سودانية في بداية أغسطس 2025 أن الإمارات منعت طائـــــــرات سودانــــية من الهبوط في مطاراتها وأوقفت بعض الرحلات، في خطوة وصــفها خـــبراء ومراكز دراسات فـــي الـــخرطوم بأنها “حصار جوي” وردّ على خلافات دبلوماسية
تزامن ذلك مع إعلانات وتقارير محلية تفيد بتعطيل ومنع لبعض العمليات البحرية (منــع سفن ترفع العلم الإماراتي من التوقف في بورتسودان وقيود على التخليص عبر ممرات تـــصديرية محددة ما عمق اثر الانسداد اللوجستي
الخلفية الاقتصادية لملف الذهب في السنوات الأخيرة كانت الأسواق الإماراتية الوجهة الـكبرى لذهب السودان وتقارير تحليلية وبيانات رسمية تشير إلى أن جزءًا كبيرًا من عائدات التصــدير يمر عبر قنوات مرتبطة بالإمارات ما جعل أي تقييد في استيراد الذهب له تأثير سريع وواضح على السيولة والتمويل
من جهة أخرى اتّهمت الخرطوم الإمارات بتقديم دعم مباشر أوغير مباشر لميليشيات الدعــــم السريــــع – مـــن توريد عناصر مرتزقة إلى أنظمة لوجستية وهو ما أنكرته أبــــــوظبي، لكن الاتهامات أعادت إشعال سجال دبلوماسي وقانوني على المستويين الإقليمي والدولي عقب تقدم السودان بشكواه لمحكمة العدل الدولية بإنتهاكات ميثاق منع الابادة الجماعية
وثائق عسكرية استخباراتية اجرت تحقيقًات مستقلًة ومــنظمات اممية وحقوقية اوردت اتهامات مثبتة لرحلات منتظمة وموثقة لسلاسل الشحن وبيانات احصائية ونقل مرتزقة وطائرات تحمل شحنات عسكرية إلى عناصر المليشيا وفق تقاريراستقصائية وإثبات المسؤولية الرسمية لدولــة يتطلب تحقيقات أممية ونُظم متبعة في ظل وجود نظام عالمي يعمل علـــى المبادي لا المصالح ازدواجية المعايير الاخلاقية كشفت زيف وادعاءات النظام العالمي الجديد يترائ الجميــع خلف البيانات الخجولة للشجب والادانة والاستنكاروالقلق المستمر والدواعي الانسانية
لماذا تُستخدم هذه الأدوات ،،،،،
ورقـــــــــة ضغط اقتصادي مباشرة: السيطرة على طرق التصدير (الهواء والبحر والأسواق الرئيسية للذهب) لإضعاف الحــــــــكومة السودانية من المصادر المالية الاعتماد الكبير على صادرات الذهب للإمارات يرفع هذه الأداة إلى مرتبة فعّالة
حماية استثمارات ومشاريع محلية وإقليمية: الإمارات لها مصالح في بنى تحتية ومشروعــــات مـــــوانئ أو امتيازات استثمارية على الساحل الأحمر – الحفاظ على أمــــن هذه الأصول يدفع أبوظبي لاستخدام ضغوط اقتصادية أو دعم فاعلين محليين لانها تعلم ماحدث منها يحول دون تحقيق تلك الاطماع
رسائل دبلوماسية عقابية: فرض قيود جوية وبحرية هو وسيلة إرسال رسالة سياسية قـــــوية (عقوبات جزئية) وإشعال مواجهة دبلوماسية مفتوحة مطوّلة رغم أن النتائج قــــــد تذهب إلى عـــكس المقصود اقتصادياً وإنسانياً يمثل ذلك سياسة ضغط اقتصادي تكتيكية تلجأ لها ابوظبي في اطار صراعات نفوذ اقليمية وتجاذبات دولية
الآثار المباشرة (اقتصادي-أمني-إنساني)
فقدان عائدات نقدية سريعــــة تعطيل مسارات الــــذهب يضغط على العملة الصعبة ومــيزان المدفوعات ويُضعف قدرة الدولة على الاستيراد والإنفاق الدفاعي والإنساني
احتدام القتال وتمدُّد البيئة الأمنية: نقص الموارد قد يدفع أطرافًا للبحث عن تمويل من بدائل صغرى شبكات تهريب، مجموعات مرتزقة ما يطيل امد الحرب
تداعيات إنسانية مباشرة تعطّل الملاحة والرحلات يضرب سلاسل إمداد المساعدات والمواد الطبية والغذاء، ويزيد معاناة المدنيين النازحين
السودان بين التحديات الراهنة وخيارات البدائل العاجلة
يمر السودان بمرحلـــــة إستثنائية من تاريخـــــه الـــــحديث حيث تتشابك التحديات السياسية والاقتصادية والامنية في بيئة اقليمية ودولية مضطربة وانقطاع سلاسل الامداد كلها عوامل تضع البلاد امام منعطف مصيري يتطلب قرارات استراتيجية عاجلة وبدائل عملية يمكن ان تضع السودان على مسار التعافي والاستقرار
تنويع مسارات التصدير: محاولات نقل الذهب عبر مصر (براً ومعابر للحدود إلى الموانـــــئ المصرية)، والسعــــــي لأسواق بديلة أو مواقع تكرير إقليمية، وفق تحليلات ومتابعات ميدانية
التفاوض مع موانئ إقليمية: تواصل مع موانئ في إريتريا أو جيبوتي أو حتى استخدام مرافق مصرية لتقليل الاعتماد على الممرات التي تُسيطر عليها جهات نافذة على قنوات الإمــــارات وثائق ومحللون يشيرون إلى أن بديلاً فعّالًا يحتاج شبكة برية ولوجستيات آمنة
سعي لإنشاء أو توسيع قدرات تكرير محلية إقليمية: مباحثات مع دول إقليمية حول بناء مصفّاة أو كيان للاستثمار في تكرير الذهب لتقليل اعتماد سوق دبي مباشرةً
تحليل فاعلية البدائل ممكنة لكنها مكلفة زمنياً وأمنياً – فتح ممرّ برّي آمن يتطلّب ضمـــــانـات سيادية وإقليمية وتحويل سلاسل الذهب إلى مسار جديد يحتاج قبولًا دوليًا وتعاقدات مــطمئنـة للمشتريين لذلك البدائل سريعة المفعول جزئيًا لكنها ليست حلًا بديلاً فورياً لكل الآثار الماليــة
توصيات عملية عاجلة ومتوسطة المدى
فتح قنوات تفاوض فورية مع مصر وقطر وتركيا وسلطنة عمان وجيبوتي وإريتريا لتأمـــين عاجل لمرور الشحنات الإنسانية وتجهيز خط جوي شحن عبر دول صديقة
إنشاء آلية شراكة إقليمية لتكرير الــــذهب تسويقه جسر فني وتجاري مع دول صديقة وتفعيل إجراءات رقابية لمكافحة التعليب والتهريب
دوليأً وقانونيأً: الضغط لتوسيع ولاية لجان خبراء الأمم المتحدة أو إجراء تحقيق مستقل لاثبات توريدات أسلحة ومرتزقة مع آليات شفافة لمحاسبة الفاعلين المدنيين وغير المدنيين
التحولات الأخيرة تُظهر أن الاستراتيجية الإماراتية حتى وإن قبضت على أدوات اقتصاديـــــة وسياسية – انتقلت من الدعم العسكري إلى استخدام ضغوط اقتصادية مــــباشرة كوسيلة تــأثير السودان ردّ عمليًا بتحرّك نحو بدائل لوجستية وتـــجارية لكنه يواجه قيودًا أمنية ووقتًا ضـــيقًا الـــمسار الأمـــثل الآن يتطلّب جمــــــعًا بين إجراءات عاجلة لتأمين السلع الحيوية وخــطوات دبلوماسية قانونية لاحتواء التداعيات واستراتيجية اقتصادية طويلة لخفض اعتماد البلاد عـــلى قنوات وحيدة للذهب والتصدير تنويع البدائل آنـــيأً
أولًا: تشخيص الوضع الراهن
يعاني السودان من انكماش حاد في الإنتاج خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة مع تضخم متسارع وانهيار في سعر العملة المحلية وانخفاض في القدرة الشرائية للمواطن مع استمرار حالة الانقسام السياسي وتراجع الثقة بين القوى الوطنية في ظل غياب رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية أو ما بعدها وانتشار بؤر النزاع وتعدد الفاعلين المسلحين، مع تراجع سلطة الدولة في بعض المناطق
اجتماعيًا: تصاعد معدلات النزوح الداخلي والهجرة القسرية وتنامي الاحتقان الشعبي بسبب الانتهاكات الجسيمة وتدني مستوى الخدمات الأساسية
ثانيًا: ملامح البدائل العاجلة
إن “البدائل العاجلة” ليست مــــــجرد حلول مؤقتة بل هي خطط إنقاذ سريعة تواكب الضرورة وتُمهد لبناء حلول مستدامــة ويمكن تلخيصها في أربعة مسارات متوازية
إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية السريعة العائد وتنويع الشركاء التجاريين بشكل اكبرمن خلال الانفتاح على اسواق جديدة بدلا من الاقتصار على بعض الشركاء والاستثمار في البنية التحتية والتكنلوجيا والابتكار المحلي وتطوير صناعة التصنيع المحلي وتعزيز العلاقات مع التكــتلات الاقليمية وتوسيع الانتاج الزراعي ورفع جودته والاقتصاد الرقمي وتشجيع القطاع الـــــخاص الوطني وتشكيل غرفة طؤاري ذات صلاحيات واسعة لادارة الازمات
ثالثًا: فرص السودان في ظل التحولات الدولية
رغم قتامة المشهد يمتلك السودان فرصًا استراتيجية إذا أحسن استثمار مـــــــوقعـــه الجغرافي وموارده الطبيعية يمكن للسودان أن يتحول إلى مـــــنصة لوجستية إقليمية بين إفريقيا والعالـم العربي وأن يستثمر الطلب العالمي المتزايد على الذهب والمعادن والزراعة الخضراء
كما أن الانفتاح على تكتلات إقليمية مثل يمكن أن يمنحه مساحة أوسع للتجارة البينية بينما تتيح الشراكات مع الصناديق السيادية االاقليمية والآسيوية فرصًا لتمـــويل مشروعـات البنية التحتية والطاقة

SWOTرابعا تحليل
نقاط القوة: موقع جغرافي استراتيجي، موارد طبيعية هائلة، عمق بشري متنوع
نقاط الضعف: ضعف البنية التحتية، الانقسام السياسي، غياب الاستقرار الأمني
الفرص: تحولات السوق العالمي في الغذاء والطاقة، انفتاح بعض الشركاء على الاستثمار، موقع السودان كممر تجاري
التهديدات: استمرار النزاع الداخلي، التدخلات الإقليمية، تقلبات أسعار السلع العالمية

خامسًا خارطة طريق أولية
إجراءات خلال 100 يوم
تشغيل الموانئ والمطارات بكفاءة طارئة وإعادة تشغيل المشاريع الزراعية الكبرى وإستقـطاب قروض قصيرة الاجل لتمويل الامدادات وإجراءات اخرى خلال عام وإصلاح شامل لمنظومة الجمـــارك والضرائب عبر إدخال التقنيات الحديثة للانظمة والمعابروتأسيس صـــندوق وطني لإعادة الإعماروبناء تحالفات اقتصادية إقليمية أكثر تماسكًا .
سيناريوهات
تحول في موازين النفوذ التجاري تضعف نفوذ الإمارات في حال نجاح البدائل
تصعيد المواجهة الاقتصادية يؤدي إلى تهريب
الحلول الدبلوماسية قد تتوسط جهات دولية لحل الأزمة إجمالاً
توصيات عملية عاجلة متوسطة المدى
الانفتاح على حوار إقليمي ودولي عاجل ومراقبة الموارد المــــالية لمـــنع تمــــويل النزاعــات
دعم البدائل اللوجستية والتجارية ودعم البدائل اللوجستية والتجارية ومراقبة الموارد المــــــالية لمنع تمويل النزاعات تبني رؤية تنموية متكاملة تضمن الاستقرار والتنمية
فتح قنوات تفاوض فورية مع مصر وقطر وتركيا وسلطنة عمان وجيبوتي وإريتريا لتأمــــــين عاجل لمرور الشحنات الإنسانية وتجهيز خط جوي شحن عبر دول صديقة
إنشاء آلية شراكة إقليمية لتكرير الــــــذهب تسويقه جسر فني وتجاري مع دول صديقة وتفعيل إجراءات رقابية لمكافحة التعليب والتهريب
دوليأً وقانونيأً: الضغط لتوسيع ولاية لجان الأمم المتحدة وإجراء تحقيق مستقل لاثبات توريدات أسلحة ومرتزقة مع آليات شفافة لمحاسبة الفاعلين المدنيين وغير المدنيين
التحولات الأخيرة تُظهر أن الاستراتيجية الإماراتية حتى وإن قبضت على أدوات اقتصاديـــــة وسياسيـــة – انتقلت من الــــدعم العسكري إلى استخدام ضغوط اقتصادية مباشرة كوسيلة تأثير الســــــودان ردّ عمليًا بتحرّك نحو بدائل لوجستية وتجارية لكنه يواجه قيودًا أمنيـة ووقتًا ضيقًا المسار الامثل يتطلب جمعا بين اجراءات عاجلة لتامين السلع الحيوية وخطوات دبلومــــاسية قانونية لاحتواء التداعيات واستراتيجية اقتصادية طويلة لخفض اعتمـــــــــاد البلاد على قنوات وحيدة للذهب والتصدير تنويع البدائل آنيأً
إن السودان أمام اختبار وجودي ولن تنجح أي رؤية دون الاعتراف بحجم الأزمة وتبني بدائل عاجلة وفعّالة ما سيحدد مستقبل البلاد ليس حجم الموارد أو الدعم الخارجي فقط، بل قــــــدرة القيادة على اتخاذ قرارات جريئة، وإدارة الموارد بكفاءة، وبناء الثقة داخليًا وخارجيًا فـــــي آن واحد وللسودان تجربة عملية في التعامل مع الضغوط الاقتصادية وتجارب ملهمة حققت نتائج ذات مردود واثر اقتصادي يعلمه الجميع من منشآت حيوية نشأت في ظل ظروف بالغة التعقيد وعسكريا علــــــى المــــدى القريب فك حصار القيادة العامـــة والمدن ليس ببعيد عن الاذهان

Global Center for Horn of Africa Studies

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى