أخر الأخبار

ببساطة – دكتور عادل عبد العزيز – أهمية الذهب في قائمة الصادرات السودانية

adilalfaki@hotmail.com
يحتل الذهب الأولوية في قائمة صادرات السودان للدول الأخرى.
تسعى الدولة لتحويل الذهب من مجرد سلعة صادر لاحتياطي وضمان.
سعي وزارة المعادن لاستقطاب مستثمرين لقطاع التعدين هو مسعى إيجابي يجب تشجيعه.

اكتست الاخبار الاقتصادية للسودان خلال الأسبوعين الماضيين ببريق الذهب. يحتل السودان المرتبة الخامسة في قائمة الدول الأفريقية المصدرة للذهب بعد غانا، جنوب افريقيا، بوركينا فاسو، ومالي. وفقاً للإحصاءات العالمية يصدر السودان سنوياً حوالي 80 طناً، لكن ما يتم رصده داخلياً لدى الأجهزة المختصة في السودان يبلغ نصف هذه الكمية تقريباً، معنى هذا أن نصف الذهب المنتج يهرب ولا يستفيد منه الاقتصاد السوداني.
خلال الأعوام القليلة الماضية مثل الذهب حوالي 50% من صادرات السودان لدول العالم، بقيمة تراوحت ما بين 2 مليار دولار الى 1.57 مليار دولار. وفي نفس الوقت مثل هذا الصادر نصف العجز في الميزان التجاري مع دول العالم، وبدا واضحاً أن زيادة قيمة صادر الذهب بمنع التهريب، وزيادة الاستثمارات في مجاله هي مسألة في غاية الأهمية للاقتصاد السوداني.
في مجال الاستثمار في قطاع الذهب أشارت أخبار الأسبوع الماضي الى توقيع رجل الأعمال المصري محمد الجارحي، ممثلا عن شركة “ديب ميتالز” للتعدين، اتفاقية استراتيجية مع وزارة المعادن السودانية، للاستثمار في قطاع الذهب عبر الاستكشاف والإنتاج بإجمالي استثمارات تبلغ 277.3 مليون دولار.
تتضمن الاتفاقية الاستكشاف عن الذهب في عدة مواقع امتياز موزعة على ولايات الشمالية، البحر الأحمر، نهر النيل، والقضارف، إلى جانب الاستحواذ على 85% من منجم “أركيديا”، وإنشاء مصنع لمعالجة المخلفات ومصفى للذهب.
جاءت الاتفاقية بالشراكة مع رجل الأعمال السوداني عمر النمير، والمهندس مبارك أردول، في خطوة تؤكد رغبة الأطراف كافة في توطيد التعاون الاستثماري وتوسيع قاعدة الشركاء المحليين.
هذا نشاط محمود لوزير المعادن الجديد في الحكومة السيد/ نور الدائم محمد أحمد طه، ويتوقع أن يتم تطوير (مذكرة التفاهم) هذه إلى اتفاقية امتياز تفصيلية يتم توقيعها مع المستثمر، بعد أن تتم صياغتها بواسطة وزارة العدل السودانية وفقاً لقانون تنمية الثروة المعدنية والتعدين لسنة 2015.
في جانب السياسات فإن رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل الطيب ادريس قد أجاز أمس قرارات وتوصيات لجنة الطوارئ الاقتصادية التي صدرت الأسبوع الماضي، وتضمنت التوصيات المجازة: حصر شراء وتصدير الذهب عبر بنك السودان المركزي، مع التزام البنك بتوفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، وإخضاع الذهب المنتج للرقابة الدقيقة حتى مرحلة التصدير، منعاً لتهريبه عبر القنوات غير المشروعة. وتفعيل دور قوات مكافحة التهريب، وتمكينها من الوسائل والمعينات اللازمة، وإنفاذ التشريعات الخاصة بمكافحة التهريب، مع اعتبار حيازة أو تخزين أكثر من (150) جراما من الذهب دون مستندات رسمية جريمة تهريب.
ومنع استيراد البضائع إلا وفق الضوابط المصرفية والتجارية، وحظر شحن أو دخول أي بضائع غير مستوفية للإجراءات. وإنشاء منصة قومية رقمية لمتابعة حركة الواردات والصادرات من الموانئ الخارجية حتى وصولها إلى الموانئ السودانية. ومراجعة قرار مجلس الوزراء رقم (154) لسنة 2024 بشأن تنظيم استيراد السيارات، وحظر عمليات الاستيراد غير المقنن عبر الطبالي.
تركز هذه القرارات على صادر الذهب باعتبار أن هذا الصادر فيه معالجة لعجز الميزان التجاري، وبالتالي تحسين سعر صرف العملة السودانية أمام العملات الأجنبية الأخرى. وترتكز المعالجة بصورة أساسية على حصر شراء وتصدير الذهب عبر بنك السودان المركزي.
يجادل البعض بأن هذه المعالجة هي وصفة قد جربت من قبل ولم تؤت أكلها، حيث لم تمنع التهريب أو تسهم في زيادة الحصيلة، وإنها تمثلاً تدخلاً غير حميد في نشاط تجاري يجب الا تتورط فيه الحكومة.
حقيقة الأمر أن التجربة السابقة خلال الفترة من 2021 الى 2023 وقت نشوب الحرب لم تستقم السياسات النقدية فيها بسبب النفوذ الطاغي غير المحدود للمؤسسات الاقتصادية للدعم السريع (فيما بعد مليشيا آل دقلو الإرهابية). لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة حميدتي آنذاك وبموافقة د. حمدوك رئيس مجلس الوزراء حينها أسندت شراء الذهب والتعامل فيه لشركتين: شركة الكتلة الذهبية التابعة لبنك السودان، وشركة الجنيد التابعة للدعم السريع، وأسندت للأولى استيراد القمح، وللثانية استيراد المواد البترولية.
الدعم السريع لم يقنع بهذا الترتيب الذي در عليه ملايين الدولارات، بموافقة الحكومة، إذ عمد عبد الرحيم دقلو إلى تحجيم شركة الكتلة الذهبية وتمديد أماكن ونفوذ شركة الجنيد، مع وضع العناصر الموالية للدعم السريع في العديد من المواقع الاقتصادية والرقابية الحساسة. لهذا فشلت التجربة ولم تؤت أكلها لفائدة الاقتصاد السوداني.
وعلى هذا فإن ضمان نجاح السياسة الجديدة هو الشفافية ومنع الفساد، والإرادة السياسية القوية نحو إنفاذ المخطط كما هو مرسوم له، وعدم الخضوع لأي مؤثرات أو ابتزاز من أي جهة.
تضمنت السياسات التي تم اعتمادها: (إنشاء منصة قومية رقمية لمتابعة حركة الواردات والصادرات من الموانئ الخارجية حتى وصولها إلى الموانئ السودانية). الدكتور أحمد عبد القادر صالح مدير المركز القومي للمعلومات الأسبق لفت النظر إلى أن نظام Asycuda الذي تعمل به الجمارك السودانية كاف جداً للقيام بالمهمة، وينبغي تفعيله من خلال الربط الشبكي مع وزارة التجارة والصناعة وبنك السودان وهيئة الموانئ البحرية والبنوك التجارية، والحرص على تعبئة كل بياناته.
يتوقع البعض انخفاض سعر الدولار في السوق المحلي فور اعلان القرارات، طبعاً هذا لا يتم بصورة فورية، إنما باستقرار السياسات وبدء بنك السودان في تكوين احتياطاته التي تمكنه من سد احتياجات الاستيراد عبر البنوك التجارية، وبالتالي انخفاض الطلب على الدولار. والله الموفق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى