ابراهيم عربي يكتب : (الإنتقالية) … الطريق إلي الإنتخابات …! 

من لم يستطع ممارسة الديمقراطية في نفسه وداخل بيته حتما لم يكن ديمقراطيا ، وبلا شك سيظل (مكنكشا) فيما تحققت له من مكاسب حين غفلة من الزمان وسيظل يقاتل لأجل أن تستمر عجلة الحياة هكذا ، لأنه يعلم فشله وأن أمره سينكشف في أول ممارسة عملية ديمقراطية ، ولذلك لا أعتقد أمثال هؤلاء سيكونون حريصين علي ممارسة الحياة ديمقراطيا وبالتالي لن تكن الشرعية الإنتخابية لهم خيارا مناسبا وليست ذات أولوية .
ولذلك أعتقد ما حدث من إنقسام داخل تحالف الحرية والتغيير (قحت) والتي انقسمت علي نفسها إلي (قحت 1 وقحت 2 وربما قحت 3) ، حالة طبيعية لإفرازات تكوين هذه الأحزاب الهلامية ، ولا يعدو أن يكون ما يحدث الآن مجرد تمرينا ديمقراطيا خفيفا فشلت فيه ، وإنها ليست حالة استثنائية بعيدة عن كافة المكونات السودانية ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا إستعصي ذلك علي قحت (4 طويلة) كما سماها مناوي حاكم إقليم دارفور؟ .
أعتقد إن ما حدثت من مآلات تتحملها قحت وتلك نتيجة حتمية لصلفها وغرورها وديكتاتوريتها التي أفقدتها شقيها وقد كشف موكب قحت (التوافق الوطني) ، درجة الزيف والأكاذيب المدعاة بأن الحرية والتغيير (قحت) متماسكة ، وبالتالي كشف ذلك أيضا زيف إدعاءات قحت بإنها تملك صك الشارع لوحدها..!.
بالطبع لم تكن الحرية والتغيير (قحت) ذاتها ما قبل موكب 16 إكتوبر 2021 مهما إدعت ومهما حشدت لموكب 21 إكتوبر وهو يوم وطني ومن حق الجميع المشاركة فيه بحق ذات المناسبة التاريخية وليس دعما ل(4 طويلة) أو غيرها وقد اعلنت ذات مجموعة التوافق الوطني تنظيمها موكب مماثل .
فالثابت أن هنالك واقعا جديدا فرض نفسه علي الساحة السياسية السودانية بإعتصام القصر، وبالتالي فان لم يكن ذات الإعتصام قد ألحق الهزيمة بالحرية والتغيير (قحت) سيكون قد فرض واقعا جديدا لابد من التعامل معه بالإعتراف وليس بالإتهامات .
علي قحت (4 طويلة) أن تعترف بأن هناك مشكلة داخلها وأن هناك أخطاء إرتكبتها داخل بيتها المهلهل المنهك تستوجب المراجعة وعليها أن تجتهد لمراجعة نفسها وترتيب بيتها الذي أصبح أوهنا من بيت العنكبوت ، فالذين رتبوا ونظموا وتواثقوا علي التوافق الوطني وخرجوا في موكب 16 إكتوبر وهم المعتصمين بالقصر الآن في تزايد مستمر دعما بالأنفس والأموال ومن حمر النعم ، هم الحرية والتغيير (قحت) وليسوا فلول أو عناصر النظام السابق كما تدعي (4 طويلة) ، فما أصبحت شماعة الكيزان بذاتها مبرئة للذمة ..! ، وأعتقد لن يزيدها تبادل الإتهامات إلا مزيدا من التشرذم وتأزم وتصلب المواقف وبالطبع ستصعب عمليات الحلول .   
أعتقد أن إعتصام القصر لتصحيح مسار الثورة وتحقيق شعاراتها (حرية ، سلام وعدالة) وقد كسب شرعيته المحلية والإقليمية والدولية من خلال مطالبه الموضوعية التي وصفتها أمريكا وغيرها بالشأن الداخلي وقالت إنها تتطابق مع المطلوبات الدولية لا سيما وأن هؤلاء يطالبون (العمل بالوثيقة الدستورية ، والإبقاء علي الشراكة (المدنية – العسكرية) ، حل حكومة حمدوك الحالية ودعوته لتكوين حكومة كفاءات وطنية غير حزبية لإدارة ما تبقى من الفترة الإنتقالية ،تكوين مؤسسات الحكم الإنتقالي التي حددتها الوثيقة الدستورية من مجلس تشريعي ومحكمة دستورية ومفوضيات الدستور والإنتخابات وغيرها ، ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النيابة العامة ، حل لجنة التمكين وتكوين مفوضية مكافحة الفساد ، وبالطبع العمل علي إصلاح الأوضاع الإقتصادية من أجل توفير حياة كريمة وآمنة للشعب السوداني وقيام الإنتخابات في موعدها) .
الواقع الجديد هذا فرض نهجا جديدا لا بد التعامل فيه بدرجة عالية من الشفافية ووضوح الرؤيا ، ولابد من التركيز في الرهان علي الشعب السوداني ومكتسباته وخيرات هذا الوطن وليس الإرتهان للخارج الذي لا ينظر إلا من خلال ما يتفق مع مصالحه ، فالغرب لا سيما أمريكا بلا شك لها تقاطعات مصالحها وقد عاشت البلاد بسببها (27) عاما من الحظر، ولها تجارب مماثلة في كل من أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والصومال وغيرها ولابد من مراعاتها .    
الممارسة السياسية في السودان نموذجا فريدا لا ينفصل عن واقع العادات والتقاليد والأعراف السودانية ولابد من التعامل معها بذات الخصوصية وتمثل الإدارات الأهلية راس الرمح فيها ، ولا ينكر دورها إلا مكابر أو جاهل ، وليس ما يحدث في الشرق إستثناء وقد قالها الناظر ترك أمثال هؤلاء الذين يهرفون بمالا يعرفون لا مكان لهم بين مكونات الشعب ولأهلنا في الريف مقولة (الما بعرف ما تدوه يغرف بكسر الكاس وبعطش الناس ..!) .
ولذلك أعتقد إلتقطت مجموعة التوافق الوطني القفاز وستكسب الرهان بلا شك لأنها تدرك خصوصية الشعب بعاداته وتقاليده وثقافته ، كما يدرك دعواته المتكررة لأجل مصالحة وطنية شاملة تسبقها عدالة انتقالية حقيقية تقوم بها المنظومة العدلية حيث تتوفر لها كافة أركانها ومطلوباتها وليست مجرد لجان سياسيه لتصفية حسابات سياسية .
فالطريق للإنتخابات له مطلوباته كما لحالة الأزمة السودانية التراكمية مطلوباتها أيضا وتتطلب النظر لها بتجرد لأجل توفير الاستقرار والتعايش المجتمعي السلمي لأجل ممارسة ديمقراطية وإنتخابات عادلة حرة ونزيهة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى