إبراهيم عربي يكتب: (محاكمات رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (24) 

الخرطوم – الحاكم نيوز
توقفنا في الحلقة السابقة عند حادثة مقاطعة هيئة الإتهام في بلاغ إنقلاب الإنقاذ للمحكمة الخاصة بالبلاغ بحجة أن لديهم طلب أمام رئيس القضاء لعزل رئيس المحكمة حسبما صرح عضو هيئة الإتهام المعز حضرة ، وهو الأمر الذي وجد إستنكار ورفض واسع من قبل المشتغلين بمهنة القانون ، ذلك أن التصرف السليم كان يقتضي حضورهم أمام المحكمة ، وبيان موقفهم ذلك ، وبالطبع للمحكمة الحق في رفض الطلب أو الإستجابة له ، أو إستصدار أمر وقتي من رئيس القضاء لوقف الإجراءات لحين البت في الطلب حسبما استقرت عليه الممارسة القانونية السليمة ، وبعد مضي جلستين من المقاطعة .
يبدو أن هيئة الإتهام تلقت نصحا بخطأ موقفها ، أو ربما راجعت نفسها فاكتشفت الخطأ ، أو ربما قدرت أن المحكمة قد تمضي في خيارات ليست في صالح هيئة الإتهام ، فبادرت بالحضور في الجلسة السابقة ، وبينت موقفها وطالبت بوقف المحاكمة لأن لديها طلب لإستبدال رئيس المحكمة أمام رئيس القضاء بالإنابة ، وسببت طلبها بإنها باتت علي قناعة بأن المحكمة برئيسها هذا لايمكنها أن تحقق العدالة وبوصف أدق كأنها تتهم رئيس المحكمة في نزاهته وحيدته من وجهة نظرها ، أو بلغة (غير القانونيون) أن رئيس المحكمة ليس أهلا لثقة قحت (متهم بالكوزنة) !! .
رفضت المحكمة الطلب بلباقة واستمرت في إجراءاتها ، وأسست رفضها علي سابقة رفض المحكمة لطلب سابق ضد أحد أعضاءها كانت هيئة الدفاع قد إتهمته بالمشاركة في التظاهرات التي سبقت تغيير الحكومة السابقة ، والحال كذلك فإنه يكون قد عبر عن موقف سياسي ضد المتهمين الذين كانوا حكاما وقتها ، ولايجوز والحالة هذه أن يقضي في أمر متعلق بهم لتهمة العداء ، علي كل رفضت المحكمة وقف الإجراءات إزاء ذلكم الطلب ووجهت الدفاع بتقديم طلبه للجهة الآمرة بتشكيل المحكمة  وهي رئيسة القضاء وقتها مولانا نعمات التي يبدو أنها تجاهلت ذلك الطلب .
علي كل يعتقد معظم القانونيون الذين تم إستطلاعهم حول هذا الأمر أن الطلب ينطوي علي إهانة بالغة للمحكمة هذا من ناحية ومن ناحية أخري ، فإن الطلب يشكل سابقة خطيرة ، إذ يجرد بل ويعري القضاء تماما من عدالته المستندة علي حيدته ومهنيته وإستقلاليته ، فأما أن تستجيب المحكمة لطلبات الإتهام وإلا واجهها سيف العزل ، الأمر الذي يذهب بهذه العملية بعيدا عن العدالة .
علي أية حال إن تجاوزت المحكمة الخاصة هذا (الكمين) بحصافتها فإن رئيس القضاء بالإنابة أمام تحدي عظيم كما تساءلنا في الحلقة السابقة ، ولا زلنا ننتظر قضاءه ، فأن أمر بعزل رئيس المحكمة ، فالواضح أن مجريات المحكمة لن تتوفر لها قواعد وأسس المحاكمة العادلة . 
وهنالك نقطة جديرة بالتنويه بحق رئيس هيئة الإتهام في هذا البلاغ مولانا سيف اليزل سري ، فقد أشرنا لرأي متابعي المحكمة عن سلبية دوره ، وإكتفاءه في كل هذه  (المعممة) منذ بدايتها بتسجيل حضور هيئته عند بداية الجلسات وترك المركب بماحمل للأستاذ عبد القادر البدوي عضو هيئة الإتهام ورئيس اللجنة القانونية لقحت ، فقد قدم رئيس اللجنة مولانا سيف اليزل الأستاذ عبد القادر البدوي ليقدم طلب وقف المحاكمة ، وقبل ذلك من جلستين مضت سنحت له الفرصة مرتين لإحتواء الخلاف الناشئ بين الدفاع والأستاذ عبد القادر عندما وصف الأخير أداء الدفاع (بالإستهتار) ، فقد كان بمقدوره التدخل والإعتذار وقفل ملف هذه المخاشنة ، وأيضا عندما سأل الدفاع عما إذا كانت عبارة الأستاذ عبد القادر تمثل كل هيئة الإتهام ، الواجب كان يقتضي أن يكون الرد من جانبه ، ولكنه آثر السلامة وتصدي للرد أحد المحامين من هيئة الإتهام مجيبا بالإيجاب !! . 
بالطبع فالمعني بالدرجة الأولي للإجابة علي ذلك السؤال هو رئيس الهيئة دون غيره ، ونستطيع أن نجزم إنه لم يتم مناقشة ماتفوه به الأستاذ عبد القادر في حق الدفاع (وصفه لأداء الدفاع بالاستهتار) في إجتماع للهيئة واتفاقهم علي أن يتفوه بها الأستاذ عبد القادر البدوي ، بل هي عبارة من سياق ماجري وقتئذ وليدة لحظتها ، كان يمكن للمستشار سيف اليزل إقتناص تلك الفرصة ومعالجة الوضع تماما ولكنه لم يفعل ، فقد كان أيضا بمقدوره التدخل والإعتذار وقفل ملف هذه المخاشنة ، ويظهر هنا بجلاء كيف أن أداء حكومة الفترة الإنتقالية بأجهزتها الحاكمة المختلفة قد نسفت تماما الروح والمبادأة والإحساس بالمسئولية لدي العديد من قادة الأجهزة العدلية ، فأتسم أداءهم بالخور والضعف وهي صفات غير محمودة لدي من يقيمون العدل .
وهذا ينطبق للأسف علي أداء بعض السادة القضاة الذين يتولون مهمة التجديد للمتهمين من رموز النظام السابق .
 نواصل السبت المقبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى