تأملات – جمال عنقرة – 21 أكتوبر .. التزوير والادعاءات الكاذبة

الخرطوم الحاكم نيوز
أسميت هذا المقال أولا (21 أكتوبر .. ما أشبه الليلة بالبارحة) ولكن أظن أني قد كتبت مقالا قبل ذلك بذات العنوان، أو قريبا منه، ولكن علي العموم ظلت القوي السياسية السودانية تراوح مكانها في التفكير والتنفيذ، لا يعتبرون من التاريخ ودروسه، ويذكرني شأنهم قصة رجل دخل فيلما أمريكيا من أفلام رعاة البقر (Cowboys ) التي كانت مشهورة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، علي أيام (ديجانقو) و (رنقو) و (ترنتي) وغيرهم من أبطال أفلام ذاك الزمان، وفي واحد من هذه الأفلام قال واحد لجاره أن البطل سوف يقع في الحفرة التي أمامه، فقال له جاره لن يقع فيها، فتراهنا علي ذلك، فوقع البطل في الحفرة، وكسب صاحب القول الرهان وخسر جاره، وبعد انتهاء الفيلم، وصرف مبلغ الرهان في العشاء، وكان خمسة قروش فقط، وكانت كافية لعشاء الاثنين معا، فأخبر الذي كسب الرهان صاحبه أنه دخل هذا الفيلم قبل ذلك، فقال له صاحبه، (أنا برضو دخلت الفيلم قبل كده، لكن كنت قايلو بشوف الحفرة المرة دي)
ليس للحكومة أنصار يحسب لهم موقف، غير بعض ورثة ممن أتت بهم قوي إعلان الحرية والتغيير للحكم، وهؤلاء تعلقوا بأهداب تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واعتبروا أن السودان قد رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وانفتحت عليه خزائن الغرب والعرب، ورفل في حلل من النعيم، ولكن معارضيها المتعارضين من شاطحي قحت، ومن واهمي بقايا النظام السابق حاول كل منهم بطريقته تزوير الموقف لصالحه، مستغلين في ذلك حالة الفشل الذريع التي تمر بها الحكومة التى حولت حياة الناس إلى ضنك لا يطاق، فالواهمون من بقايا النظام السابق اعتبروا أن ذكري 21 أكتوبر ستكون قاصمة ظهر حكومة قحت، وأنهم حتما عائدون، وصاروا يهتفون (عائدون عائدون) أما الشاطحون من أهل قحت، فحاولوا ركوب الموجة وتزوير إرادة المتظاهرين الساخطين، وتحويلها إلى معركة ضد من يرون أنهم خصومهم الحقيقيين، وهؤلاء صار العسكريون هم عدوهم الأول، ونسوا فضل العسكريين عليهم، ونسوا، أو تناسوا أنه لولا مواقف القيادات العسكرية، ولولا انحيازها للشارع لما سقط نظام الإنقاذ، ولولا أنهم وضعوا أيديهم فوق أيديهم لما كان لهم نصيب في الحكم، فصمم هؤلاء شعارات تعبر عن الحالة التي يعيشونها، وصوبوها نحو عدوهم المتوهم، فنادوا أول ما نادوا في شعارات 21 أكتوبر بمحاصرة العسكريين، وعودتهم إلى ثكناتهم، وتصفية المؤسسات العسكرية الإقتصادية وإبعاد العسكريين، والسياديين جميعا من الملفات المهمة وفي مقدمتها ملف السلام.
ولأن الواهمين والشاطحين جميعا لم يكونوا موضوعيين، وأن من بيدهم الحكم، وتصوب سهام هؤلاء وأولئك نحوهم ليس لديهم رؤية واضحة، ولا يمتلكون إرادة اتخاذ قرار حاسم، مرت ذكري ثورة 21 أكتوبر الظافرة، (والحال ياهو نفس الحال)
إن السودان وصل مرحلة لابد أن يعود الجميع إلى صوابهم، وأن ينظروا أبعد من تحت أقدامهم، فعلي الحاكمين أن يعلموا أن تغريدة ترامب لن تحل مشكلة السودان حتى ولو تم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب اليوم قبل الغد، فحريق شرق السودان لم يشعل ناره وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، والاستقطاب الحاد بين القوي السياسية السودانية، وفي داخل كل مكون، وفي كل مكونات الحكومة، وفي الحاضنة السياسية، وبين العسكريين والمدنيين لم يكن سببه وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتجاذب السودان بين محاور إقليمية ودولية متنافرة لم يكن سببه وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومشكلات كثيرة تهدد بقاء السودان لم يكن سببها وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، لذلك علينا أن ننظر إلى جذور الأزمة ونعمل معا علي حلها، ولن نخرج من هذه الأزمات المتراكمة قبل أن نتراضي أولا علي أن السودان وطن يسعنا جميعا، وأن حقوقنا فيه جميعا متساوية، ويجب علي الذين ورثوا الثورة أن يعلموا أن ديسمبر ثورة صنعها الجميع، ولا بد أن يعود خيرها علي السودانيين جميعا، وعليهم أن يدركوا كذلك أن الثورة لاحقاق الحق وإبطال الباطل، وليست للظلم والتشفي، وعلي الذين أسقطت الثورة حكومتهم أن يعلموا أنهم سقطوا لأنهم فقدوا كل مقومات البقاء في الحكم، وأن فشل الحكومة الحالية لن يعيدهم إلى الحكم مرة أخري، فذلك عهد قد ولى، والذي ولى لن يعود، فعليهم وعلينا جميعا أن نعمل معا من أجل استقامة حكم يفلح في قيادة بلدنا إلى بر الأمان، وبالله التوفيق والسداد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى