الاتفاق النفطي الاماراتي مع جنوب السودان وتطور الدبلوماسية السودانية

يوميات كجوك

تغيير كبير وجزري في اتحاهات السياسة الخارجية السودانية بعد ايقاع خطواتها التي كانت لاتراوح مكانها ويشوبها نوع من البطء القاتل والسلحفائيه المدمرة في وقت يلعب فيه عامل الوقت والمواقف الواضحة كعنصر اساسي في حسم المعارك الحربية التي تدور رحاها فيما يزيد عن العام .
فكانت مواقف الدبلوماسية السودانيه تقف في منطقه الظل او في المنطقه الرمادية حينما كان يتولي حقيبتها السفير علي الصادق كوزير مكلف بوزارة الخارجية السودانية هذه الوزارة التي تعاقب عليها نفر كريم من فطاحلة الدبلوماسية ودهاقنه السياسة السودانية في قائمة تطول يتربع علي عرشها الاستاذ محمد احمد المحجوب طيب الله ثراه..فكانت لها من الادوار والمواقف المفصليه التي تحكمت في تحديد مصير عدد كبير من القضايا المستفحله علي المستوي الاقليمي والعربي والافريقي….وبالرجوع الي فترة حرب الخامس عشر من ابريل نجد ان جدلية العلاقه مع دولة الامارات العربية المتحدة ودورها الواضح للعيان في التخطيط والدعم العلني والمستتر لمليشيات الدعم السريع والعمل علي تبني كل وسائل التطوير والتدريب وتوفير الدعم اللوجستي لتكون هذه القوات قوة ضاربة وقادره علي السيطرة علي مقاليد الحكم في السودان بقوة السلاح وفرض الروية الامارتية من خلال السيطره الكاملة علي ماتراه هذه الدولة يدعم مصالحها ويحقق مطامعها الآنية والاستراتيجيه وذلك بسيطرة حلفاءها في هذه القوات علي مقاليد الحكم بالطريقه آنفة الذكر .مما يضع الامكانيات الضخمة و الموارد اللامحدودة التي يزخر بها السودان من خلال موقعه الجيوسياسي الحيوي في المنطقه الافريقيه والمحيط العربي وامتداداتها التي تشمل سيطرته علي حدود بحريه تمتد لآالاف الاميال والكيلومترات علي منطقة صراع وتسابق دولي محموم وهي مناطق الساحل الشرقي عبر بوابة البحر الاحمر تحت الكنترول الاماراتي …
اما الموارد الاقتصادية لاسيما المائية والزراعية والاراضي الصالحة الخصبه المسطحة البكر ذات الري الانسيابي في الجزيرة والمناقل والمطري في جنوب النيل الازرق وولاية القضارف خصوصا المشاريع الزراعية في منطقة الفشقة الكبري والصغري هي من اهم الاسباب واولاها علي الاطلاق التي جعلت دولة الامارات العربية المتحده تتخذ مثل هذا الموقف العدائي السافر ضد دولة وشعب السودان خصوصا بعد اكتمال بناء سد النهضة الاثيوبي الذي تدخل الامارات فيه كاحد المستثمرين الرئيسيين وحين اكتمل التشييد وحان وقت قطاف عائدات هذا الاستثمار جاء الاستيلاء المغاجيء للجيش السوداني علي منطقة الفشقة ليلخبط كل الحسابات ويعيد توزيع الاوراق من جديد ولعل عزوف قوات الدعم السريع حينها وموقفها الخجول عن اسناد القوات المسلحه في معركة تحرير الفشقة حينها في وقت اصطفت فيه كل المكونات الداخليه في موقف وطني واحد وواضح كان ابرزها موقف حركات الكفاح المسلح وعلي راسها موقف رئيس حركة العدل والمساواة الذي لبس الزي العسكري وتوجه لدعم القوات المسلحه في الحدود واعلان موقفه الداعم لها .
هذا الموقف كان له دلالات واضحة عن هنالك امر يدبر بليل بين الامارات والدعم السريع واثيوبيا…
اعقب هذا الموقف عرض اماراتي مغري لحكومة السودان بتمويل زراعة المشاريع الزراعية في الفشقه بنسب يكون لدولة الامارت فيها نصيب الاسد ولكن قوبل بالرفض الواضح من السيد رئيس محلس السياده مما كان له اثر كبير فيما بعد في رسم متطلبات المرحله التالية لدولة الامارات وحلفاءها وهي ازاخة القوات المسلحه السودانية عن المشهد وقادتها الذين لم يستيجبوا للاغراءات والضغوط وقتها بل ذهب السيد الفريق اول البرهان الي تسجيل زيارات ميدانية الي مناطق ودكولي وودعاروض وتبارك الله معلنا من هناك انه لن يفرط في شبر من ارض الفشقه لصالح الامارات. والتي بدورها سارعت الخطي في رد التحيه بزيادة حجم الدعم العسكري والحشد السياسي لقوات الدعم السريع لابتلاع الدولة السودانية باثرها..الي جملة مافي احشائها من مئات الاطنان من سبائك الذهب الذي جعلها اكثر نهما وشراهة لالتهام هذا الصيد الثمين بنظرها وضم نعجة السودان الوحيده الي قطيع نعاجها التسعة وتسعون …

فظهر الموقف الاماراتي جليا من تخطيط وتمويل ومن ثم دعم وحشد دول الجوار السوداني من خلال خلق نوع من المواقف السياسية الداعمة لتمرد الفريق اول حميدتي من قادة دول الايقاد والذين طالبو حينها بتدخل دولي لحظر الطيران ونزع المدفعيات الثقيله لتمكين حليف روساء دول مكافحة الجفاف والتصحر ..من بسط هيمنته علي الجار والغريم اللدود السودان وتمهيد طريق سلس الي ذلك …فحضرت الوفود الدبلوماسية والمخابراتية الاماراتية كلاعب رئيسي في كل القمم الافريقية والاقليميه .بل ذهبت اكثر من ذلك بتغيير موقف الرئيس التشادي واقتاعه بتسليم مطار امجرس وابشي الحدوديتين لاستخدامهم في توفير الامداد اللوحستي وعمليات الاخلاء لمليشيات الدعم السريع…فمارست شتي الوسائل مع الحنرال محمد كاكا اتنينو بتقديم دعومات دولاريه سال لها لعابه مما اعلن عنه ومامد به اسفل التربيزه..
اما الجنرال حفتر وابنه صديق فهم يدورون في فلكها منذ سنوات. …
تطاولت فترة الحرب عما كان مخططا له وبدا لاعبون جدد من المحيط الاقليمي في الظهور كالبعبع الذي تعمل له دولة ابن زايد الف حساب وهو ايران من خلال عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والخرطوم والتي بلا شك ستتبعها علاقات واتفاقيات عسكريه يمكن ان ترجح كفة القتال لمصلحة الجيش السوداني لما هو معلوم لدي الامارات من مقدرات جارتها العسكرية الهائلة وامكانياتيها الاقتصادية الضخمة التي يمكن ان تدفع بها لدعم الجيش السوداني وايجاد موطي قدم لها علي شاطئ البحر الاحمر يعزز قبضتها المحكمة علي المياه الاقليمية الي جانب مسكها بتلابيب مضيق باب المندب…
..كل هذا السباق والدبلوماسية السودانية لم يفتح الله عليها ببنت شفة لادانة الموقف الاماراتي الا من خلال عبارات ملتوية خجوله لاتذكر اسمها بالواضح…
ولعل اول من تجرا علي مهاجمتها هو الجنرال ياسر العطاء الذي اعلن رعاية الامارات الكاملة لمليشيات الدعم السريع واسماها دولة المافيا …التي يتحكم فيها اباطرة الشر من عائلة وابناء ذايد…
طالبت الامارات بعدها الحكومه السودانيه بالاعتذار العلني للجنرال العطاء وإلا … استمر الجنرال في تصريحاته القوية ضدها اتت سخنة مستعره كسخونة المعارك التي يقود دفتها علي الارض…متوعدا ومهددا …..
ظهور اللاعب الايراني في المشهد دفع الامارات للبحث عن حليف اقليمي ذي وزن ويمكن ان يكون ذو تاثير واضح علي الوضح العسكري الميداني. فتفتقت عبقرية الشراء منهم صوب ارض الكنانة فتم توقيع اتفاق العين السخنه ولان مصر حفظها الله ليست من الدول قليلة القيمه دفعت الامارات مبلغ مائة وخمسين مليار دولار في هذا المشروع..منها خمسة وثلاثين مليار دفعت فوريا.والمنتبقي خلال شهرين …فخرج فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدها بيومين موجها خطابه الي كل السلطات التنفيذية في مصر بضرورة الالتزام بمعاملة السودانيبن الذين دخلو الي مصر معاملة كريمة منبها اياهم انهم في بلدهم الثاني في موقف تاريخي يحفظ له ولدولة وشعب مصر العظيم …لانهم يدركون بخبرتهم ونظرتهم الثاقبة العميقة ماذا يعني انهيار عمقهم الاستراتيجي وتاثيره علي امن مصر القومي…وهو عندهم خط احمر..
.واصلت الدبلوماسية السودانية سلحفائيتها الغريبة تجاه دولة الامارات وواصل العطاء لمن عصي) كما يحلو لانصاره ان ينادوه)حملاته القوية ضد دولة الامارات و ضد اوكار تكبيل الدولة السودانية في خطابه الشهير بوادي سيدنا.محددا اماكن الخلل ومواضعه فاتت الاستجابه السريعة من قيادة الدولة في احداث تغييرات جزرية في بعض المواقع الوزارية والولائيه والقضائيه..فغادر معها السيد علي الصادق…
ارتفعت وتيرة الدبلوماسية السودانية هنا لمستوي المعركة واحدثت اختراقا واضحا في كيفية التعامل مع الملف الاماراتي..فقدمت شكوي الي مجلس الامن ضدها ….
واصلت دولة الامارات حملتها في استعداء السودان واكملت حلقاتها بتوقيع اتفاقية مع دولة جنوب السودان بدفع مبلغ ثلاثة عشر مليار دولار نقدا وفورا لحكومة جنوب السودان مقابل شراء النفط الجنوبي لمدة عشرة سنوات ..هذا النفط المتوقف عن التصدير بفعل الحرب الدائره في الجار الشمالي والذي فشلت كل محاولاته تصديره عن طريق كينيا واوغندا بسبب طبيعة اوجدها الخالق في انحدار الارض كلما اتجهنا شمالا مما يجعل تصديره مستحيلا الا عن طريق الجار الشمال والتوءم السيامي..
فيبقي السوال عن هذه الصفقة المشبوهة هل هو تعويض للجنرال سلفا عن توقف ضخ النفط ام ان ابن زايد قد كشف له الغيب عن نصر قريب لحليفه المختفي..
ام هو تليين واغراء واتفاق خفي للانضمام الي الحلف المعادي للسودان الشمالي التي انفصلوا عنها وعن دولة 56 المزعومة ؟؟..

وها نحن اليوم نشهد السيد الحارث ادريس يقدم مرافعه دولته في شكوي رسمية وحلسة مغلقة لمجلس الامن لاثبات دور دولة عربية واسلامية وبالادلة الدامغة …. كم احسن السودان اليها وساهم في بناءها وهاهي اليوم تتنكر للتاريخ والعروبة وتعض علي الايادي التي مدت اليها بالاحسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى