الشاعرة روضة الحاج : عامٌ مضى (وأنا الترقُّبُ وانتظارُ المستحيل)

عامٌ مضى

عامٌ مضى
(وأنا الترقُّبُ وانتظارُ المستحيل)

عامٌ مضى

والمَدُّ والجَذرُ الهُلاميُّ الملامحِ شفَّني
كمْ تُرهقُ المحَّارَ
أرجحةُ الوصولِ
ويصطلي نارَ احتمالِ اللا وصولْ!!

عامٌ مضى
وأنا أُخبئُ وجهيَ المملوءَ بالتَوقِ المُصِرِّ
وأستحي من أنْ أقولْ

لكنْ تَخونُ أصابِعي
تأبى التجمُّعَ هكذا
فيلوحُ لي ضعفي
وقلَّةُ حيلتي
وهوانُ هذا العُمرِ في هذا السبيلْ!!

عامٌ مضى
ومساحةُ الشجنِ استدارتْ في دمي
كُتَلاً من الحُزنِ النبيلْ

ما عادَ في المقدورِ أن أبقى هُنَا
أتُرى سأرجِعُ مرةً أخرى
فأمتَهِنُ الرحيلْ ؟؟

عامٌ مضى
بِخريفِه
وبِصيفِه
وشتائِه
كلِّ الفصولْ

لكنَّني
من أجلِ وجهِكَ يا صفيَّ القلبِ
أعلنتُ الطوارئَ يومَهَا صيفاً
فحاورتُ الغيومَ البِيضَ والأنداءَ
والعشبَ الجميلْ

وغزلتُ من أسمالِ هذا الشِّعرِ ليلاً
رغمَ ضوءٍ يختفي منِّي
ومِغزلةٍ تُعانِدُني
ومنوالٍ ثقيلْ

دُثَراً تَقيَكَ البردَ
في الليلِ الشتائيِ الطويلْ

وأتى الخريفُ
وحينما أرسلتُ للأمطارِ مُلحِفَةً
أجَابتْني
وخطَّتْ في أجِندَتِها
دخولَكَ أو خروجَكَ
ثم جدولتِ الهطولْ!!

عامٌ مضى
وأنا أعِدْ

يا جُرحُ بعدَ العامِ تندملُ الجراحْ

يا شوقُ صبراً فاحتِملْ
أصبرْ عليَّ فذا جبينُ العامِ لاحْ

ووعدتُ آلافَ القصائدِ بالسفَرْ

ووعدتُ حرفي والمقاعدَ
والقصاصاتِ الصغيرةَ والصُوَرْ

فبما إليها أعتذِرْ ؟؟

عامٌ مضى

وبدا جديدٌ يستريحُ على دمي
قِفْ أيُّها العامُ الجديدُ ولا تَسِرْ

عامٌ مضى
ماذا الذي قد كان في وسعي
ضَننتُ به عليك ؟؟

أسقطتُ كلَّ الناسِ
في كلِّ المدينةِ
واختزلتُ عيونَهم في مقلتيكْ

وتَخِذتُ منكَ مدينةً
أهوِي إليكْ

في كلِّ يومٍ
تجرحُ القلبَ العنيدَ فأختبي
بالجُرحِ أُخفيه
وأهمسُ لا عليكْ

أمشي على الطرقاتِ سامقةً
وكم أجثو لديكْ!!

عامٌ مضى
كم أكرهُ القلبَ العميَّ وأزدريه

كم أكرهُ الجُرحَ المعاودَ للبكا
فليصطلِ ما يصطليه

كم أمقتُ البنتَ التي
تحتَاطُ بالكفَّينِ والعينينِ
بابَ القلبِ خائفةً
لأنَّكَ أنتَ فيه !!

عامٌ مضى
وأماميَ انتحرتْ
بطاقاتُ الرحيلِ إلى القمرْ

وتعثَّرتْ في خطوِها
كلُّ القصائدِ قافلةْ
حلم ٌجميلٌ كانَ أنْ يأتي المَطَرْ

وخرجتُ من كلِّ المعاركِ هكذا

وخرجتُ من كلِّ القصائدِ
لستُ أملكُ غيرَ قلبٍ مُنكسِرْ

فاعصِف به كالريحِ
لا تُبقِ لديه ولا تَذَرْ

عامٌ مضى
كم كان صعباً
أنْ أقولَ وأن أسيرْ

كمْ كانَ صعباً
أن أُلوِّحَ بالحياةِ لتختفي
ويظلَّ خلفَ سياجِه
ذاك الأسيرْ

كم كان صعباً
أن تكونَ مدينتي شبراً
وقد عودَّتَنِي
حلمَ المسيرْ!!

روضة الحاج

من أول ديوان عش للقصيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى