كيف تتغلب على سلبيات الإغلاق مع موجة كورونا الثانية؟

يتواكب اقتراب فرض حالة إغلاق جديدة بسبب الموجة الثانية من وباء كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا، مع شعور الكثيرين بالإرهاق. فبحسب نتائج دراسة أجرتها المفوضية الأوربية في شتاء عام 2010، يشعر عادة في هذا الوقت من العام نحو 50% من المواطنين من شعور بالضجر جراء بذل المجهود طوال العام، ويعاني 25% من شعور بالتعب المستمر. ولكن من المتوقع أن يكون شتاء هذا العام بالطبع غير طبيعي، فحتى قبل أن تتفاقم حالات الإصابة بعدوى فيروس كورونا المُستجد، كشف استبيان، أجراه مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية البريطاني، أن واحد من كل ثمانية بريطانيين ينام أقل من ست ساعات في الليلة.

وتُظهر مجموعة كبيرة من الأبحاث الناشئة الآن كيف يؤدي القلق الناجم عن فيروس كورونا مع ضغوط الحياة الحديثة إلى زيادة الآثار السلبية غير المسبوقة للأوبئة، علاوة على أن الأرق والإرهاق يؤدي إلى تدهور الحالة المزاجية وتقويض العلاقات ويرفع احتمالات ومخاطر وقوع الحوادث إلى نسب عالية.

ولكن، بحسب تقرير نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية، لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك، حيث إن هناك عدد من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى حالات الشعور بالإنهاك والإرهاق، والتي يمكن التغلب عليها كما يلي:

1. الإجهاد الذهني المُطول
إن القيود الاجتماعية وحدها يمكن أن تزيد من مستويات التوتر، وبالتالي الإنهاك، نتيجة لأعباء الإجهاد الذهني المطول الناجم عن اضطراب البقاء في عزلة إجبارية. تقول ساريتا روبنسون، وهي محاضرة في علم النفس بجامعة سنترال لانكشاير، إن هذه الحالة “تستنفد بالفعل مستويات الطاقة لدى الإنسان”.

وتوصلت دراسة هندية، أجريت على أكثر من 200 مدير تنفيذي ونشرتها دورية Chronobiology International، أن المشاركين في الدراسة، أثناء وبعد الإغلاق، كانوا في حالة مزاجية متدنية، وشعروا بالنعاس وحصلوا على فترات قيلولة أكثر خلال النهار.

وينصح الخبراء بوضع جدول يومي لتنظيم الوقت وإفساح المجال لممارسة أنشطة روتينية من بينها التمرينات الرياضية والمواظبة على تناول الوجبات الصحية وممارسة الاسترخاء الإيجابي مثل اليوغا والتأمل والمداومة على التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت بشكل إيجابي.

2. سلبيات العمل من المنزل
تم الترحيب بمؤتمرات الفيديو باعتبارها بديلا لاجتماعات المكتب في فترات الإغلاق والتي تجنب الجميع ويلات استخدام وسائل الانتقال الجماعية. ولكن تحذر الدراسات من أنه يمكن أن يتسبب العمل من المنزل عبر مكالمات الفيديو في مشكلات نفسية مرهقة.

وتقول دراسة، نُشرت في دورية American Psychologist إن العاملين من المنازل عبر اتصالات بالفيديو يشعرون بأنهم لا يستطيعون الحصول على إجازة مرضية، حتى لو شعروا بالإرهاق وأنهم بحاجة ماسة إلى استراحة للصحة العقلية، بالإضافة إلى المشكلات التي تتسبب فيها ساعات العمل الطويلة.

لذا يوصي الباحثون بقصر استخدام مكالمات الفيديو في العمل على حالات الضرورة. كما “يجب أن يكون تشغيل الكاميرا اختياريًا وبشكل عام يجب أن يكون هناك المزيد من التفهم لتجنب استخدام الكاميرات في الاجتماعات”.

ويوصي الباحثون بضرورة وضع حدود صارمة لساعات العمل، مع ارتداء ملابس العمل فقط خلال تلك الساعات. وينصح الباحثون بأن يعمل الموظفون على تخصيص مساحة للعمل فقط (مهما كانت كبيرة أو صغيرة) في منازلهم وأن يتم الابتعاد عنها خارج ساعات العمل.

3. التوتر بسبب تهديد غير مرئي
يمكن أن يبدو التهديد الذي يشكله كوفيد-19 مرهقًا بشكل فريد. إنه تهديد خطير وغير مرئي ويغير شكل الحياة بدون قدرة على سيطرة مناسبة. حذرت دراسة أجرتها جامعة ساسكس في المجلة البريطانية لعلم النفس في عام 2011 من أن القلق والتوتر يتسببان في الإصابة بالأرق وقلة عدد ساعات النوم، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية والمزاجية إلى حد كبير.

يعتقد الخبراء أن هناك حاجة إلى مقاومة التحقق باستمرار من وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على تحديثات الأخبار دقيقة بدقيقة. قبل ثلاث سنوات، وصف المعالج الأميركي ستيفن ستوسني هذا القلق الناجم عن وسائل الإعلام بأنه “اضطراب الإجهاد الرئيسي”.

4. غيوم العزلة
أدى التباعد الاجتماعي والقيود المفروضة على النوادي والمطاعم والمقاهي إلى جعل ملايين السكان لا يشعرون بالوحدة فحسب، بل أيضًا بالإرهاق الشديد. هكذا يقول فريق دولي من علماء النفس يضم خبراء من جامعات أكسفورد وبرمنغهام. في الشهر الماضي، أفادت هذه الكوكبة من الخبراء أنه كلما قل عدد الاتصالات التي يتمتع بها الشخص في شبكته الاجتماعية، أصبح مرهقًا ذهنيًا وجسديًا تحت ضغوط الوباء.

حذرت الدراسة، التي أُجريت على أكثر من 900 مشارك بالغ، في المجلة البريطانية لعلم النفس الصحي، من أن الخمول الناجم عن الشعور بالوحدة يمكن أن يتسبب في نوع آخر من الحلقة المفرغة، فكلما زاد شعور الناس بالإرهاق، تفاقمت وحدتهم.

ولعل من الحلول المطروحة لهذه المشكلة هو أنه كلما شعر الشخص أنه غير نشط اجتماعيًا، زادت أهمية تخصيص الوقت يوميًا للبقاء على اتصال مع أحبائه وأصدقائه. وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي مرهقة، فمن الممكن أن يلجأ إلى المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني في حالة الإغلاق وحظر التجول.

5. الكافيين
ارتفعت مبيعات الشاي والقهوة في المتاجر حول العالم بشكل كبير وملحوظ خلال أشهر فترة الإغلاق الأولى. ويمكن القول إن الكافيين هو أكثر العناصر المنشطة فعالية في العالم. مع مرور ساعات النهار، تتراكم الناقلات العصبية التي تجعل الإنسان يشعر بالنعاس. وكلما طالت مدة الاستيقاظ، زاد ضغط النوم. يمنع الكافيين ظهور هذه الأعراض ولكن كلما زاد الاعتماد عليه خلال النهار، زادت احتمالات بقاء الأشخاص مستيقظين في الليل. ويحتاج جسم الإنسان إلى ما يصل إلى عشر ساعات للتخلص من الكافيين.

في أبريل نشرت دورية متخصصة في أبحاث النوم، دراسة أعدها فريق عمل تابع لأكاديمية أوروبية متخصصة في العلاج السلوكي المعرفي، تدعو الأشخاص الذين يعانون من العزلة الذاتية للتوقف عن تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، في المساء على الأقل.

6. متلازمة الشتاء
يؤدي التباعد الاجتماعي والإغلاق إلى حصول الأشخاص على قدر أقل من ضوء الشمس. أكدت الدراسات التي أجراها مكتب الأرصاد الجوية قبل ثلاث سنوات أن قلة أشعة الشمس تؤدي إلى متلازمة الشتاء، التي تشتمل أعراضها على الشعور بالتعب والإعياء والاكتئاب، فيما يسمى عمومًا بـ”الاضطراب العاطفي الموسمي”، والذي يشار إليه اختصارًا بـ SAD.

كما أفاد باحثون من جامعة نيوكاسل، من خلال بحث نشرته دورية Endocrine Abstracts، أن ضوء النهار الشتوي يدعم أيضًا مستويات فيتامين D بشكل حيوي، وهذا لا يساعد فقط في الحفاظ على الدفاعات المناعية المقاومة للفيروسات، بل إنه ضروري أيضًا لزيادة مستويات الطاقة، وبالتالي تجنب الشعور بالإرهاق والتعب سريعًا.

وينصح العلماء بالحرص على التواجد في أماكن مفتوحة خلال فترة ذروة أشعة الشمس الشتوية بين الساعة 11 صباحًا و3 عصرًا. كما يمكن أن يساعد العمل من المنزل بالقرب نافذة مشمسة أيضًا على إبقاء العقل منتعشًا. تشير الدراسات إلى أن ضوء النهار الطبيعي يحتوي على أشعة الشمس ذات الطيف الكامل والمفيدة بيولوجيًا، كما أنه أكثر إشراقًا من الإضاءة الداخلية.

7. الشخير
يقول أطباء النوم في مستشفى رويال فري في لندن إن الشخير الشديد، المسمى بانقطاع النفس أثناء النوم، يصيب الملايين حول العالم، وغالبًا ما يشعر المصابون بالتعب الشديد، كما أنه ربما يزيد من خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي. كشفت دراسة نشرت على الإنترنت في أكتوبر، في دورية طب النوم السريري، أعدها أطباء الأعصاب في جامعة ماساتشوستس، أن المرضى الذين يعانون من انقطاع النفس أثناء النوم، والذي لا يتم المسارعة بعلاجه، هم أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا بخمس مرات تقريبًا من أولئك الذين تم علاج شخيرهم.

تنصح هيئة الصحة البريطانية NHS الأشخاص الذين يعانون من الشخير الشديد بضرورة زيارة الطبيب للحصول على المساعدة اللازمة. وتضيف أنه إذا كان هؤلاء الأشخاص يعانون من السمنة، والتي تعد سببًا شائعًا للشخير، فيجب عليهم السعي لإنقاص الوزن، مع الحرص على النوم على جوانبهم، بدلاً من ظهورهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى