ابراهيم عربي يكتب: جوبا وييي) … سلام سوداني – سوداني) … !

 
نجحت جوبا في تحقيق سلاما (سودانيا – سودانيا) خالصا لإطفاء  جذوة الحرب في البلاد ، فوصلت بالسلام لما وصلت إليه دون أن تحصل حتي الآن علي تفويضا كاملا دوليا أو إقليميا ، لا سيما وأن قطر لازالت تحمل تفويضا لحل مشكلة الحرب في دارفور (سلام الدوحة) كما تحمل أثيوبيا تفويضا بالقرار(2046) لحل مشكلة الحرب في المنطقتين .
ولكننا سنظل نستبشر خيرا بما تحقق بمجرد أن وقعت (الحكومة السودانية الإنتقالية وتحالف الجبهة الثورية) أمس الإثنين 31 أغسطس 2020  بجوبا ، وقعت إتفاقا منقوصا يعرف بمسارات الجبهة القورية بالأحرف الأولي في إنتظار رفقاء السلاح الممانعين لاسيما (الحلو + نور) كما قال الفريق اول سلفاكير رئيس دولة جنوب السودان .
بلاشك إنه إتفاق ذو أهمية ، مهما وصفه الناغمون بإنه إتفاقا منقوصا للشركاء داخل تحالف الحرية والتغبير (قحت) أو إتفاق (محاصصات وترضيات) ، لكنه يظل إتفاق مهم وضع العتبة الأساسية لبناء السلام في السودان ، وبموجبه أصبحت حركات الكفاح المسلح الآن جزء من مركز السلطة في السودان ومكانها الخرطوم وليس جوبا .
علي كل حقق الإتفاق لحركات الكفاح المسلح المشاركة في الحكومة الإنتقالية سويا مع مكونات (قحت) لمدة (39) شهرا وترتيبات أمنية مدتها (5) سنوات تبدأ بتاريخ التوقيع ، إتفاق جاء عقب أكثر من (10) أشهر من اللت والعجن بجوبا ، جاء علي المحاصصة ، أن تنال الجبهة الثورية مركزيا (3) أعضاء بالمجلس السيادي و(5) وزراء إتحاديين و(75) عضوا تشريعيا ، ونصيبا معتبرا داخل مجلس (قحت) المركزي ، وتعديل المادة (20) من بنود الوثيقة الدستورية المعطوبة أصلا. 
بلا شك نحن مع السلام المستدام الذي يحقق الإستقرار في البلاد عقب أكثر من (65) عاما من الحروب والإقتتال القبلي ، ونعتقد أن السلام يحتاج لرعاية وإرادة وطنية ، ولسنا مع المكاسب والترضيات والمحاصصات التي رفضها (مستر نو) نفسه ولذلك تفاءلنا خيرا وإستبشرنا بالسلام الذي تم التوقيع عليه أمس بجوبا ، ولكنها كذلك تخوفاتنا لها ما يبررها من خلال تجارب ومعطيات عملية سابقة .
نريده سلاما مستداما تحقيقا لشعار الثورة (حرية ، سلام وعدالة) وليس سلاما يقود للحرب مرة أخري ، كما قتلت الحركة الشعبية الأم في العام 1985 آمال وتطلعات الشعب السوداني برفضها وممانعتها لثورة أبريل التي وحدت إرادة الشعب فانهارت الديمقراطية ، تماما كما إنهارت إتفاقبة السلام بنيفاشا في العام 2005 عقب (6) سنوات ، وقد رفضتها حركات دارفور باكرا ، ولم تكتمل عمليات السلام والإستقرار فانهارت بإنفصال الجنوب واندلاع الحرب في المنطقنين .
علي العموم إنهارت إتفاقية السلام نيفاشا بسبب التشاكس والتكالب نحو السلطة والثروة بسبب ضعف الإرادة الوطنية في ظل تقاطعات المصالح الدولية والإقليمية والتي شكلت ضغوط خارجية (كلفتت) العملية السلمية وجعلت من عبارة (الوحدة الجاذبة) مجرد (برميل بارود) قابل للإنفجار لا محالة لتحقيق مآربها ، وجعلت (برتكولات أبيي والمنطقتين (متاريس) سماها قائد التمرد الدكتور جون قرنق وقتها بإنها (جنا تقرير مصير في حاجة للتربية والرعاية) ، فكانت تلكم البرتكولات مجرد (خاذوق في قاصرة الوطن) .
وليس ذلك فحسب بل فشلت إتفاقية أبوجا 2007 بسبب تعنت عبد الواحد نور ، وكذلك لم تحقق إتفاقية الدوحة للسلام الإجماع رغم أهميتها ودعمها الكبير من قبل قطر بسبب رفض حركة العدل المساواة وغيرها من الحركات .
مع الأسف جاء السلام بجوبا منقوصا لا يخلو من أجندات تقاطعات المصالح ، غابت عنه الحركة الشعبية – شمال (الحلو) الأقوي والأكثر قوة وعتادا وتسيطر علي أكثر من 10% من مساحة النيل الأزرق ، وأكثر من 35% من مساحة جنوب كردفان وتتخذ من كاودا عاصمة لها ، كما لها معسكرات للاجئين في داخل أراضي جنوب السودان وأثيوبيا وله تحفظاته المناقضة لما توصلت إليه الأطراف من إتفاق .
كما غابت عنه ، حركة جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد نور (مستر نو) وقد ظل الرجل ممانعا ورافضا للإتفاق واصفا إياه بإتفاق محاصصات ولا يقود لسلام وللرجل قوات تقاتل بجبل مرة ومؤيدين داخل معسكرات النزوح ومعسكرات اللجوء ، ولن يكتمل السلام إلا بإلحاق الأثنين وغيرهما معا بركب السلام .
وليس ذلك فحسب بل هنالك قوات الصحوة ، فضلا عن قوات حركة تحرير السودان (الريح محمود) التي إنشقت من تحالف الجبهة الثورية داخل منبر مفاوضات جوبا ، علاوة علي حركة العدل والمساواة (القيادة التصحيحية) وغيرها من الحركات الممانعة ، بجانب مسار كردفان المفقود الذي قاد لإنسلاخ القائد التوم حامد توتو عن منبر جوبا ، فضلا عن العديد من التحديات التي أفرزتها إتفاقيات السلام السابقة التي وقعها النظام السابق مع بعض الحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين أكثر من (60) حركة مسلحة لم تكتمل عمليات تطبيقات وتنفيذات ترتيباتها الأمنية والتي تمثل أضعف الحلقات من قبل النظام السابق علي كافة مستويات إتفاقيات السلام السابقة .  
جميعها متاريس بجانب تحديات توفير الدعم اللازم لمقابلة متطلبات تنفيذات العملية السلمية والتي تتجاوز مقدرات البلاد ، فضلا عن تحديات تطبيقات بنود الإتفاق واقعا ، علاوة علي تحديات الوثيقة الدستورية والتي ماعادت مبرئة للذمة ، تظل جميعها تحديات ومتاريس وعقبات تشكل تهديدا في ظل ضعف الإرادة الوطنية وتقاطعات المصالح المحلية والإقليمية والدولية ، وقد تقود بذاتها لإنهيار سلام جوبا !.

عمود الرادار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى