وتستمر ميليشيا الدعم السريع المتمردة في تنفيذ مخطط إعلان الحرب على المواطنين الأبرياء والعزل، واستهدافهم، واستباحة منازلهم وبيوتهم، وارتكاب الفظائع من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية بإعمال التقتيل، والاغتصاب، والسرقة، والنهب، والتدمير الممنهج، والتشريد، والتهجير القسري، والصلب، والتمثيل بالجثث، والتطهير العرقي بتنفيذ عمليات القتل على أساس الجنس والنوع.
كل هذه الفظائع والجرائم اللا إنسانية ولا أخلاقية مارستها ميليشيا الدعم السريع المتمردة طوال الستة أشهرٍ الماضية في الخرطوم دارفور وبعض المناطق في كردفان، ويبدو أن وتيرة تعطُّش هذه الميليشيا إلى أعمال العنف، ترتفع يوماً بعد يوم، فهاهي ذات الأعمال العدائية والجرائم ضد الإنسانية، تنتقل إلى خارج العاصمة الخرطوم وتستهدف المناطق الجنوبية والشرقية كمنطقة العيلفون التي كانت ترقد على لحاف الأمن والأمان، محميةً بطقوس الصوفية وألواح القرأن، ومحفوفةً بنسيجها الاجتماعي وتماسك أهلها الواعي.
ومن العيلفون ترسل ميليشيا الدعم السريع المتمردة رسائلها الدموية إلى القرى الواقعة في أحضان ولاية الجزيرة جنوب ولاية الخرطوم، ولا ندري أيَّ القرى استباحت لحظة كتابة هذا المقال؟ ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه، ما السر وراء هذا التحول المفاجيء لاستراتيجية هذه الميليشيا المتمردة في توجيه حربها ضد المواطنين الأبرياء والعزل، وتوسيع دائرة عملياتها القتالية، بعد أن أعلنت خلال الساعات الأولى من الحرب، إنها تقاتل من أجل الحفاظ على الديمقراطية، وضرب الكيزان وفلول النظام السابق!!
لقد تراجعت ميليشيا الدعم السريع المتمردة عن استراتيجيتها القتالية بعد أن تلقَّت هزائم كبيرة وضربات موجعة من القوات المسلحة، فتراجعت عن القيادة العامة، والقصر الجمهوري، ومطار الخرطوم ومطار مروي، وفقدت تقريباً كل معسكراتها ومواقعها الاستراتيجية التي كانت تحرسها قبل اندلاع الحرب، وحاولت وما انفكت تحاول دخول سلاح المدرعات بالشجرة، وسلاح المهندسين بأم درمان وغيرها من الوحدات العسكرية بغية تحقيق ولو نصر معنوي، ولكنها ظلت تتلقَّى في كل محاولة منها ضربةً موجعة من الجيش، فتكادُ تميّزُ من الغيظ والغضب.
واقع العمليات الميدانية في الشهر الأخير كشف عن ازدياد خطر ميليشيا الدعم السريع المتمردة على المواطنين، باستخدامهم كدروعٍ بشرية لمواجهة القوات الخاصة التي ظلت تقوم بعمليات نوعية قلبت بها موازين المعركة في كثير من المناطق في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، ولكنَّ الخطر الأكبر لميليشيا الدعم السريع المتمردة تمثل في انتهاجها سياسة الاستهداف المباشر بتوجيه مدفعيتها إلى منازل المواطنين أو الأسواق العامة في بعض المناطق، مما أدى إلى وقوع الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح.
إن ما تفعله هذه الميليشيا من فظائع، وما ترتكبه من جرائم، ليس سوى محاولة يائسة لصبِّ جام غضبها جراء هزائمها المتلاحقة، على هؤلاء المواطنين الأبرياء والعزل، وعلى القوات المسلحة السودانية أن تغضب هي الأخرى وتفتح جهنم نيرانها على هذه الميليشيا التي وضح تماماً أنها تعمل على شراء الوقت لوصول تعزيزات عسكرية من خارج الحدود تستكمل بها مخططها اللئيم بتوسيع دائرة الحرب، لتشمل مناطق أخرى في ولاية الجزيرة وربما تتجه شرقاً إلى القضارف وكسلا وبورتسودان.
لسنا خبراء عسكريين ولا نفقهُ شيئاً في التخطيط الاستراتيجي لإدارة العمليات القتالية والخطط العسكرية، ولكننا نعتقد أن ستة أشهر مدة زمنية كافية للقراءة والتحليل والتعرف على العقلية التي تفكر بها هذه الميليشيا ( إن كان لها عقل وفكر)، وبالتالي ما عاد يجدي معها غير ( فكّ اللجام) واستخدام القوة المميتة، ولا أعتقد أن ثمة من يرفض هذا المبدأ، طالما أن هذه الميليشيا تواصل في طغيانها وجبروتها المستفز للموطنين، مسنودةً في ذلك بدعم مالي ولوجستي وسياسي، دون أن تراعي لحرمة دم، ودون أن تخشى المجتمع الدولي، أو تلتفت إلى سيف عقوباته المسلَّط على رقاب قيادتها العسكرية، ولاتحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار.