أخر الأخبار

ابراهيم عربي يكتب : (الدبلوماسية السودانية) … معركة الكرامة ..!

الخرطوم الحاكم نيوز
لم تقتصر معركة الكرامة علي العمليات العسكرية في أم درمان وبحري والخرطوم وبعض المناطق فحسب والتي دخلها الشعب السوداني جميعهم رجالا ونساء في ملحمة مشهودة مدنيين وعسكريين إستجابة لنداء الواجب ، بالطبع لكل مقطعيته ، وها هي الدبلوماسية السودانية تنتفض وتثبت كفاءتها وتستعيد مهنيتها عن جدارة وأهلية وإستحقاق .

بلاشك كانت جلسة الأمس الأربعاء التاسع من أعسطس 2023 بمجلس الأمن الدولي المخصصة للمشكلة في السودان وتوأمه جنوب السودان من جهة أخرى هي جهود ممتدة لذات معركة الكرامة ، فقد نجحت بعثة السودان بمجلس الأمن الدولي في تقديم خطاب قوي ومقنع ومتماسك فند تلكم الإداءات ودحض كافة الإفتراءات كاشفا تعاطف بعض الدول مع قوات الدعم السريع المتمردة علي الجيش السوداني رعاية لمصالحها ، ولكن قالتها الدبلوماسية السودانية صراحة (كر ياجداد) قالتها في وجه مندوبة أمريكا رئيسة الدورة الحالية التي لم تخفي تعاطفها مع المتمردين وتحاملها علي الجيش قبل أن تتراجع أمام تلكم الحقائق لتؤكد سيادة الجيش وبالتالي تكسب الدبلوماسية السودانية الإحترام وتعود لها الندية التي إفتقدتها البلاد طويلا.

غير أن الجلسة بذاتها أغلقت منافذ مهمة تمددت فيها قوات الدعم السريع مستغلة تساهل الحكومة السودانية والجيش بصفتها أحد أذزع القوات المسلحة المؤتمنة ، ويلاشك يتحمل سعادتو البرهان مآلات هذا التمدد الذي جعل البلاد فريسة للأطماع وقد شملت إتفاقيات مع بعض الدول ومنظمات وهيئات دولية وإقليمية .

علي كل جدد مندوب السودان لدى مجلس الأمن الدولي السفير الحارث إدريس رفض بلاده التعامل مع فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية (يونيتامس) وقال أن الحرب الراهنة غيرت خارطة ديناميات السياسة والرؤيا المستقبلية في السودان وبالتالي أصبح الحل الأقرب إلى التحقق في ظل بروز قيادات وطنية مدنية جديدة تؤلف حكومة تكنوقراط لتقوم بإكمال مسار الإنتقال السياسي بأهداف محددة أهمها إجراء إنتخابات تنظمها وتراقبها الأمم المتحدة مع ضمان عودة الجيش إلى الثكنات وبدء حوار سياسي قومي جامع ومانع لا يشبه حوارات (بيزنطة السابقة) ولعلها تمثل رؤية متكاملة لخطة الحكومة .

ولذلك لم تجد الجلسة رغم التباين في التوجهات إلا
التأكيد علي أن ماحدث في السودان شأن داخلي لا يستدعي أي تدخل خارجي وقد إنفجرت الأوضاع بذاتها فيه بين يدي الأمم المتحدة وأن للسودان السيادة الكاملة علي أراضيه ، وبالتالي لابد من التوافق علي رؤية الحكومة للحل وإلا ستتفاقم الأوضاع إلي أسوأ الأحوال .

ولكن من الواضح أن الكيد والتربص كان كبيرا ولذلك لم يجد تمرد الدعم السريع الإدانة المباشرة صورة وصوت ، وبل وصفته الجهات المختلفة ب(النزاع المسلح) ولا يعدو أن يكون مصطلح له ما بعده من أدوار سياسية متوقعة لقيادة الدعم السريع ، ولكنها أكدت خلال مخاطباتها تلكم الجلسة إدانتها لتلكم التجاوزات والإنتهاكات المدنية في دارفور وغيرها من عمليات إحتلال منازل المواطنين والتجاوزات المدنية والإنسانية .

ولكن في تقديري الجلسة كانت ضربة قاضية للتمرد وحلفائه القحاتة فقد أدانت الإنتهاكات المدنية مباشرة ، كما أنهت حالة التكسب والاستهبال السياسي والحكم غير المشروع والمغتصب بموجب تلكم الإتفاقيات (الوثيقة الدستورية) وتلكم التفاهمات الثنائية الماكرة
(الاتفاق الإطاري) مع بعض المؤسسات الدولية والتي لعب فيها فولكر بيرتس نفسه دورا فاعلا مع رفاقه تخطيطا وتمويلا ، بلاشك أن صفحة جديدة من الحياة السياسية قد فتحت فى السودان للجميع دون عزل لأحد أو فئة وأن سودان الكرامة هذا يحتاج لقوى سياسية تمتلك رؤية وإرادة لتنهض بالبلاد وتدافع عن سيادتها وعزتها ومستبقل أهلها ، ومن الواضح أن الملف السوداني قد عاد كليا لبيت الإتحاد الأفريقي بالتنسيق مع الأمم المتحدة لبحث السبل الكفيلة للوقف الفوري والدائم للقتال في السودان .

غير أن تجاربنا مع الإتحاد الافريقي بشأن قضايا السودان ، ظلت
تعتريها الكثير من الهنات والشوائب ، وتعود بنا الذاكرة للقرار الدولي (2046) الذي إختطفت بموجبه امريكا 2012 مداولات حل الازمة السودانية (شمالا وجنوبا) من داخل دهاليز مجلس السلم والأمن الأفريقي لتدفع به الي منضدة مجلس الأمن الدولي وأقحمت فيه قضية المنطقتين (النيل الازرق وجنوب كردفان) مما أدى لصعوبة وتشعب الحل حتي الآن ، فماذا سيكون الحال إن إستمرت تفلتات المتمردين في إحتلالهم للمنازل والمؤسسات ، وتواصلت العمليات العسكرية ..؟! ، وكيف تكون الأوضاع في ظل تجميد عضوية السودان بالإتحاد الأفريقي .. ؟! بالطبع إنها حالات لها حساباتها فلابد من وضعها في الإعتبار ..!.
الرادار .. الخميس العاشر من أغسطس 2023 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى