بُعْدٌ .. و .. مسافة – مصطفى ابوالعزائم – إعدام كلب..!

قررت جامعة «نورث ويست» بمدينة «تشيان» في مقاطعة «يانغلين» شمال غربي الصين ، قبل عدة سنوات ، قررت إعدام كلب ، تحول الى أيقونة الحرم الجامعي ، واعتاد حضور المحاضرات مع الطلاب ، خاصةً محاضرات اللغة الانجليزية والرياضيات داخل القاعات ، مما جعل وسائل الإعلام المحلية تتناقل بسرعة قصة الكلب «المثقف» كما ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية قبل فترة طويلة والتي أشارت الى ان تلك الحال لم تعجب المسؤولين في الجامعة وإعتبروا الكلب مسيئاً لسمعة الجامعة التي تعتبر من أفضل الجامعات الصينية.
حوكم الكلب دون أن يسمع أحد دفاعه ، وتم إعدامه بالسم ، ورميت جثته في (القمامة) وحزن الطلاب ، وتملكهم شعورعارم بالغضب والصدمة ، وأصبح اعدامه قضية رأي عام .
لا نعرف لماذا يُهان الكلب – أي كلب – ولا يعترف به ولا بمواهبه ولا قدراته ، مع إن الكلاب بكل أنواعها أفضل من (بعض) البشر الذين لا يكشرون عن أنيابهم لكنهم يخبئون الحقد والغيظ والعجز والحسد ، ولا يملكون اذيالاً يهزونها أمام أصحابهم لأنهم هم انفسهم أذيال وأذناب.. واما الكلاب.. فهاكم عنها .
اذا سبّ أحدهم آخر وقال له : (يابن الكلب)، فأعلم وثقْ – يا هداك الله – أن أزمة كبيرة قد بدأت وأنها لن تنتهي الا بعراك واشتباك باللفظ أو الأيدي.. وكذلك إن سبّ الرجل أخاه واصفاً إياه بـ(الكلب) ، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد ، وتتفجر للغضب براكين في الصدور لن يطفئها إلا إنتقام كبير .
والكلب مظلوم ، ومفترىً عليه ، لأنه نموذج للوفاء النادر ، إضافةً الى أنه حارس أمين يتبع سيده ويحرس ماله وأهله وبيته ، لذلك يظل أوفى أصدقاء الراعي أينما كان ، والكلب لا يحقد على صاحبه ولا يغضب ، ولا يسعى للإنتقام ، وقد جاء في الأثر أن عالماً عابداً قال إن في الكلب عشر خصال ينبغي لكل مؤمن أن تكون فيه ، أولها أن يكون جائعاً ، وذلك من آداب الصالحين ، والثانية أن لا يكون له مكان معروف ، وتلك من علامات المتوكلين ، والثالثة أنه لا ينام الليل الا قليلاً ، وتلك من صفات الزاهدين ، والرابعة إنه إذا مات لا يكون له ميراث ، وذلك من صفات الزاهدين أيضاً .. والخامسة أنه لا يترك صاحبه وإن جفاه وضربه وهذه من صفات وعلامات المريدين الصادقين ، والسادسة أنه يرضى من الأرض بأدنى موضع وذلك من علامات المتواضعين ، والسابعة انه اذا تغلب على مكانه تركه وإنصرف الى غيره ، وذلك من علامات الراضين ، والثامنة أنه اذا ضُرِب وطُرِد أجاب ولم يحقد على ما مضى ، وذلك من علامات الخاشعين ، والتاسعة أنه إذا حضر الأكل جلس بعيداً ينظر وذلك من علامات المساكين ، والعاشرة أنه اذا ارتحل عن مكان لا يلتفت إليه وهذه من علامات المحزونين .
الكلب يعتبر من الضواري ، استأنسه الانسان قبل نحو خمسة عشر الف سنة ، ويوصف بالوفاء لمقدرته العالية على تذكّر صاحبه ، ولو بعد انقطاع طويل … لاحظ إن بعض البشر إذا غاب بعضهم عن بعض سنين قليلة ، إجتهدوا كثيراً حتى يتعرّف أحدهم على الآخر ، اذا لم يسأل احدهم الآخر : (عرفتني؟)
والكلاب أنواع ولها مسميات وتعريغات عديدة ، فهناك كلاب الصيد ، وكلاب الحراسة ، وكلاب الراعي ، وكلاب الحقول ، والكلاب البوليسية ، وربما كانت هناك أنواع لم يعرفها كاتب هذه المادة ، لكن كل الكلاب تتصف بالوفاء بعكس كثير من البشر ، وتوجد بينها لغة تخاطب مشتركة من بينها لغة الجسد ، وتعابير الوجه وحركة الذيل ورفعه الى أعلى ، وفرد الأذنين ، ووقوف الشعر فوق الظهر في حالات الخوف أو الإنزعاج أو العدوان أوالرضوخ ، وهناك حالة تكشير الأنياب والنباح ، في حالة العداء أو الإستعداد للهجوم .
رحم الله الشاعر علي بن الجهم وهو يمدح الخليفة المتوكل بأبيات خلدت قال فيها :

أنت كالكلب في حفاظك للود

وكالتيس في قراع الخطوب.

ومع ذلك يغضب الجميع اذا ما وصف أحدهم بأنه كلب في حين أن الذي يجب أن يغضب هو الكلب اذا ما وصف بأنه (فلان) .. مثلاً ! .

Email : sagraljidyan@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى