
بقلم :
محمد عبدالقادر
*لماذا لاتكون “الطاقة البديلة” ضمن السلع الإستراتيجية …؟!!*
المطلوب إتاحة تمويل مشروعات “الطاقة البديلة” بتسهيلات كبيرة..
نأمل فى سياسات تشجيعية للبنوك الممولة لمشروعات الطاقة الشمسية..
لابد من شراء فائض الطاقة الشمسية المنتجة وإدخاله الشبكة القومية…
من المهم تخفيض نسبة الإحتياطي النقدي للبنوك الممولة للطاقة البديلة..
يجب إقرار حوافز لمنتجي الطاقة الشمسية ” إعفاءات ، شراء الفائض”..
توجيه “هيئة المقاييس” بتحديد المواصفة الجيدة لتفادي تلوث البيئة
المالية أعفت مدخلات الطاقة البديلة من الرسوم والجمارك.. ولكن؟!!!
(1)
تدمير ممنهج حاق بقطاع الكهرباء في السودان جراء الحرب المستمرة منذ عامين خلف واقعاً كارثياً على حياة الناس، فقدنا معظم المحطات التي تعتمد عليها الدولة فى توليد الكهرباء، استهدفت المليشيا المتمردة المحولات الرئيسية والفرعية، وشبكات نقل التيار كذلك بحثاً عن النحاس ، وفق عملية سرقة ممنهجة لم ترحم حتى “الكيبولات” الموصلة داخل البيوت..
دمر “الجنجويد” الشبكات الناقلة وأعملوا قصفاً مستمراً للمحطات والمحولات الرئيسية بالمسيرات أدى إلى إنقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة فى السودان لفترات طويلة أحدثت معاناة إضافية للمواطن الذى يواجه واقع وتبعات الحرب بصبر شديد.
فى محلية الخرطوم وحدها تؤكد التقارير إحتراق 7 محطات كهرباء ونهب الكوابل، وفي الجزيرة وصلت خسائر المسح الاولي فى قطاع الكهرباء الى 180 تريليون من الجنيهات، بخلاف الخسائر فى بقية الولايات مع إستمرار قصف المحطات والمحولات الرئيسية بالمسيرات يومياً للمحطات التى نجت من نيران المعارك..
(2)
بالإمكانات الشحيحة للدولة الخارجة من جحيم حرب ضروس مازال أوارها يشتعل فى مناطق أخرى لا أعتقد أن الطرائق التقليدية فى محاولات توفير الكهرباء ستسفر عن حلول لأزمة إنقطاعها، مع حرص المواطنين على العودة، واستئناف حياتهم الطبيعية، وهي غاية لن تكتمل فى ظل غياب الكهرباء التي لا تنتطح عنزتان فى أهميتها للمواطن المغلوب على أمره ، فقد باتت عصب الحياة، إذ أن غيابها يؤدى إلى شلل كامل فى نشاط الناس .
وبإختصار فإن عودة الكهرباء وتوفيرها على النحو المطلوب أمر مهم وملح لتأمين عودة المواطنين، وبدونها لن تعود الحياة الى السودانيين الذين يعتمدون عليها فى تشغيل محطاة المياه كذلك فضلاً عن أهميتها فى المناطق الصناعية والزراعية، وفي تطبيع الحياة المدنية فى المنازل والمنشآت.
(3)
أخيراً وتحت وطأة الحرب والحاجة إلى التيار الكهربائي أدرك السودانيون أهمية البحث عن الطاقة البديلة ونشطت ثقافة إقتناء منظومات الطاقة الشمسية ، وبات الإقبال عليها أمراً ضرورياً، وملحاً، ولكن مازالت همة الدولة قاصرة فى إعتقادي عن اللحاق بتطلعات المواطن ، وهي تتعامل بذات النمط فى التفكير القائم على جعل المواطن يخوض تحدياته منفرداً دون توفير ميزات لتشجيع المواطن والقطاع الخاص على الإستغناء عن “كهربة الميري” والاتجاه للطاقة البديلة .
هذا الأمر ، سيوفر على الدولة عبء التشغيل والضغط على الدولار فى توفير الوقود، وسينهض بالقطاعات الصناعية والزراعية ، وفائض الطاقة الشمسية نفسه يمكن أن يغذي الشبكة القومية، وسيطبع الحياة بعودة الكهرباء للقطاعات السكنية المظلمة.
(4)
*المطلوب من الدولة:*
أولاً إعتماد مدخلات توفير الطاقة الشمسية ضمن السلع الإستراتيجية، والأساسية ، على أن توفر لها التمويل والحوافز المشجعة للإستثمار فيها وتوفيرها ، مع إقرار خطة من شقين “تمويلية وتشغيلية” تعني فى المقام الأول السيد برعي الصديق محافظ بنك السودان المركزي ودكتور محي الدين نعيم وزارة الطاقة والنفط..
على الدولة إدراج “الكهرباء” الآن ضمن السلع الإستراتيجية ، والأساسية فهي لاتقل أهمية من الوقود والدواء والقمح وبقية الأولويات التى أنشئت من أجلها المحفظة المعنية بتمويل السلع ، ورسمت عبرها السياسات الرامية لتحقيق الإستقرار َالاقتصادي.
الكهرباء التى دمرتها المليشيا تعني الحياة، وتضمن عودة المواطنين ، وبدونها لن يعود السودان كما كان، لن يتوفر الوقود، ولا الدواء، ولا المحاصيل ولا المياه، ولن تتاح سبل كسب العيش أمام المواطن الذي يبحث عنها الآن فى الطاقة البديلة وينتظر أن تساعده الدولة بإعتبارها سلعة إستراتيجية وأساسية لضمان إستمرار الحياة..
(5)
المطلوب من الحكومة إقرار سياسات تمويلية عاجلة لدعم قطاع الطاقة يتولاها بنك السودان المركزي، وأخرى تشغيلية تقوم عليها وزارة الطاقة والنفط ، وأن يكون هذا الأمر توجه دولة خلال الفترة القادمة لاعتماد :
1/ سياسات تمويلية للطاقة البديلة والكهرباء وإدراجها ضمن السلع الإستراتيجية مثلها مثل البترول والقمح والدواء..
2/ إتاحة عمليات التمويل لمشروعات الطاقة البديلة بتسهيلات كبيرة ، وإقرار نسب تحفيزية لتمويل الجهات الراغبة..
3/توجيه التمويل الأصغر للطاقة البديلة، والتحفيز على إنعاش الإستثمارات ذات الصلة بالطاقة الإنتاجية المرتبطة بالكهرباء..
4/ توجيه وزارة الطاقة لشراء الفائض من الطاقة الشمسية المنتجة وإدخالها فى الشبكة القومية…
5/وضع سياسات تشجيعية للبنوك لتمويل مشروعات الطاقة الشمسية البديلة للمؤسسات والأفراد.
6/ تخفيض نسبة الإحتياطي النقدي القانوني للبنوك التى تتولى تمويل الطاقة الشمسية..
7/ وضع سياسات تشجيعية لشركات التمويل الأصغر للعمل فى مجال الطاقة البديلة..
كل ما تقدم مع الإشارة الى أهمية المبادرة التى نفذتها وزارة المالية وهي تعلن إعفاء مدخلات الطاقة الشمسية من الرسوم والجمارك..
(6)
*ونقترح كذلك على وزارة الطاقة والنفط وقد بادرت مشكورة باقرار حق المواطن فى مشاركتها توليد وتوفير الكهرباء :*
1/ إقرار حوافز للمواطنين المنتجين للطاقة الشمسية ” إعفاءات ، شراء الفائض”..
2/ إعتماد الطاقة البديلة كسياسة بضوابط محددة لتسهيل إمتلاكها وتقليل الضغط على استهلاك الوقود الذى يكلف الدولة فاتورة مالية وتشغيلية باهظة تؤثر على إستقرار الصرف وتنعكس على الأداء الاقتصادي..
3/ مخاطبة المواصفات والمقاييس لتحديد المواصفات الجيدة ومنع استيراد الألواح المسرطنة لتفادي تلوث البيئة، وتفادى المخاطر الأمنية المرتبطة بوجود أصناف تحمل الشرائح وتحدد الإحداثيات..
4/ إحكام التنسيق مع الصين باعتبارها دولة ذات تجارب وموثوقية فى مجال الطاقة البديلة..
(7)
دعونا وبدلا عن البكاء على لبن الكهرباء المسكوب بتدمير المليشيا لمحطاتها ومحولاتها وسرقة “كيبولاتها” بحثاً عن النحاس واستهدافها يومياً- دعونا نفكر فى التماس المخارج لحلول جذرية تنهي معاناة المواطن مع إنعدام الكهرباء الى الأبد ،.
بالطاقة البديلة، وتمليكها للمؤسسات والأفراد سنشجع الإنتاج وعودة المواطنين، وسننعش العمل فى مجالات الصناعة والزراعة ، وكلا المجالين يحتاج للكهرباء حتى يودع حالة الدمار الماثلة بعد عامين من الحرب، الطاقة البديلة ستشجع كذلك الإنتاج وتقلل الصرف على الوقود، ونغذي الشبكة القومية، وستحملنا لمغادرة محطة التهديد بضرب البنى التحتية للكهرباء، وقطع المياه، وستخرج المواطن من دوامة الشقاء فى سبيل البحث عن الحياة الكريمة.
الأمر يحتاج فقط الى خطوات عملية من قبل بنك السودان ووزارة الطاقة والنفط لجعل الكهرباء سلعة إستراتيجية تتقدم الأولويات مثلها مثل الوقود والقمح والدواء، فهل يفعلها محافظ البنك المركزي؟!! ويوليها سعادة الفريق ابراهيم جابر عبر حراكه الإقتصادي الاهتمام المطلوب؟!! ..