
شهدت القاهرة نهار الخميس الماضي لقاء قمة سودانية مصرية بزيارة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بدعوة من شقيقه المشير عبدالفتاح السيسي..
زيارة تعتبر الثانية خلال شهر ولكن جاءت بعد يومين من زيارة البرهان للمملكة العربية السعودية ولقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان عقب لقاء الأخير بالرئيس الأمريكي بواشنطن مؤخراً…
مواقف إيجابية كثيرة برزت في لقاء البرهان وولي العهد محمد بن سلمان وجميعها تصب في خانة الإيجاب لصالح السودان ولعل أبرز ما فيها إبتعاد السعودية نسبياً عن الإمارات وتبنيها موقفاً يعد خصماً علي الإمارات..
التحولات التي حدثت بالداخل أجبرت السعودية وربما أمريكا نفسها لتبني خط جديد لدعم السودان حفاظا علي المصالح المشتركة وليس من أجل السودان حيث يبرز أمن البحر الأحمر وضرورة المحافظة عليه كواحدِ من أهم دوافع التدخل الأكثر قوة هذه المرة من الجانب السعودي يدعم ذلك ما حدث من ادانة للإمارات من المجتمع الدولي وكذا الحال للدعم السريع بجانب ضعفه وتشظيه بالداخل مع تقدم الجيش السوداني وموقف الشعب السوداني الداعم له…
علي خلفية كل تلك التطورات علي أرض الواقع مقروءة ما رشح في تقارير أممية بأن الإمارات سيرت مايزيد عن الثلاثين رحلة جوية الي إثيوبيا محملة بالمؤن والعتاد الحربي لدعم معسكرات متمردي الدعم السريع في بني شنقول لإستغلال الحديث عن هدنة مطلوبة يستقوي فيها التمرد علي حساب الجيش..في ظل كل ذلك جاءت زيارة البرهان الي مصر وعقد القمة الثنائية والتي خرجت ببيان مشترك جاء فيه الموقف المصري أكثر وضوحاً هذه المرة عندما حددت مصر خطوطاً حمراء لا يجب تجاوزها من أعداء السودان كما جاء الحديث ضمناً وليس تصريحاً بأنها أي مصر يمكن أن تلجأ لأحياء إتفاقية الدفاع المشترك مع السودان والتي تم تجميدها لسنوات رغم أنها حق للدولتين لمثل هذا التعاون في حال حدث تهديد أمني لأيِ من الدولتين بفهم أن الأمن القومي للبلدين يعتبر واحد وما يهدد السودان هو أيضاً يعتبر مهدداً لمصر والعكس أيضاً صحيح..
حدد البيان بوضوح موقف مصر الداعم لوحدة السودان وعدم تقسيمه ورفضه لما يسمي بحكومة تأسيس وإعترافه بالمؤسسات العسكرية والمدنية في السودان وأن كل الحلول المطروحة يجب أن تلبي طموحات الشعب السوداني…
ولكن من الملاحظات التي توقفت عندها والتي وردت في بيان القمة السودانية المصرية هي الحديث عن دعم جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي لم تفصح أي جهة عن طبيعة هذه الجهود ومدي توافقها مع ما يريده الشعب السوداني خاصة وأن عمر الحرب قد قارب الثلاث سنوات فأين هي تلك الجهود وما طبيعتها؟؟ وذلك إستناداً علي رفض حكومة وشعب السودان علي كل ما جاء به وقاله مبعوث الرئيس الأمريكي مسعد بولس..فما هو الجديد في جهود دونالد ترامب في هذه الحرب في السودان؟ ؟؟
وثاني الملاحظات علي هذا البيان هو الحديث بإيجابية عن الرباعية والتمسك بما جاءت به..ومعلوم أنه ما ورد في بيان الرباعية الأخير يتناقض تماما مع رؤية مصر التي تعترف بمؤسسات الحكم القائمة وترفض التقسيم والحكومة الموازية…فكيف يمكن السير في خطي الرباعية سيئة الذكر والتي رفضتها الحكومة والشعب السوداني خاصة وأن دولة الإمارات المعتدية هي شريك رئيسي في الرباعية إن لم تكن هي التي صاغت البيان الذي رفضته الحكومة..
في تقديري أن أرادت مصر والسعودية أن تحققا مع بعض إختراقاً إيجابياً في الحرب الدائرة الآن في السودان عليهما دعم توجهات الحكومة والشعب السوداني وبالمقابل عليهما العمل مع أمريكا علي تصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية وإيقاف تدفق السلاح الإماراتي ودفع شكاوي السودان ضد الإمارات المقدمة الآن في مجلس الأمن ومحكمة العدل لتحاكم وفق القانون الدولي وحقوق الإنسان علي الجرائم التي أرتكبت في حق الشعب السوداني منذ بداية الحرب والي يومنا هذا….يتم ذلك قبل أن يكون هناك حديثاً عن هدنة أو غير ذلك مما يقوي شوكة التمرد من جديد…



