أخر الأخبار

بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى ابوالعزائم – الثوب

الخرطوم الحاكم نيوز

رأي جريء ، لسيدة أعمال سودانية معروفة في واحدة من القنوات الفضائية عن الزي النسائي السوداني المميَّز والمعروف (الثوب) ، سبق أن أثار جدلاً متصلاً إستمر لفترة طويلة على الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي ، رأي أثار ضجة إجتماعية ، إذ أن تلك السيدة الفضلى ترى أن الثوب السوداني غير عملي ، ومعيق لحركة المرأة ولا يساعد على إنجاز كثير من الأعمال ، وأنها ترى أن الزي المناسب الآن للمرأة وفي هذا العصر هو البنطلون (الجينز) ، لسيدة الأعمال وغيرها مطلق الحرية في أن يكون لها ولهم رأي في الثوب ولباسه ، مثلما للآخرين الحق في التمسك بما يرونه رمزاً لشخصية المرأة السودانية ، أو لعدد كبير من النساء في مناطق ع ديدة من السودان ، وأنه أصبح يمثل هوية إجتماعية خاصة و.
لصاحبكم شخصياً رأي معاكس ، ووجهة نظرة مخالفة ؛ إذ لا يستطيع أن يتخيَّل مجرَّد تخيل صورة لوالدته – رحمها الله – دون هذا الثوب السوداني ، وهو ثوب تختلف ألوانه وأشكاله حسب المناسبة التي ترتديه فيها المرأة أو تشارك فيها ، وثوب (الغطاء) يختلف عن (ثوب الجيران) مثلما يختلف عن (ثوب العزاء) وعن (ثوب الحداد) وعن (ثوب العمل) .
تطوَّرت الأزياء في بلادنا وتطوَّر الثوب أيضاً ، فجداتنا كُنٌ يرتدين ثوب (الزراق) أو (الكرب السادة) ، وغيرها مما تغنى له شعراء زمانهن ذاك ، فأحد ثياب (الزراق) مثلاً كان يسمى بـ (خط الاستواء) ونجد هذا ظاهراً في أغنية تراثية خالدة أحياها فنانا الكبير الراحل الدكتور عبد الكريم الكابلي – رحمه الله – هي أغنية (الموز رِوا) والتي يقول في مطلعها : ” الموز رِوا.. قطعولوا خط الاستواء” أي أن الفتاة المحبوبة نضجت فألبسها أهلها الثوب المميّز (خط الاستواء) .
وتغنى المغنون ل (الكرب السادة) أكثر من أغنية سواءً في الوسط لما تغنى المغنون والمغنيات لـ (العجب حبيبي) وللثوب ( السادةالجابوه النقادة) أو في كردفان عندما تغنوا للكرب السادة، وأحيا الأغنية الفنان الكبير عبد الله الكردفاني التي يقول فيها: (الكرب السادة .. جابتني ليك إرادة) إلى أن وصل المغنون والشعراء مراحل متقدمة مثل: (شفت التوب، وسيد التوب وما لاقاني أجمل منه) ومثل: (يابلدي يا حبوب أبو جلابية وتوب) للراحلين العظيمين الحردلو ووردي،
مثلما أشرنا تطوَّرت الأزياء وتغيَّر المظهر وربما المخبر والجوهر ، لكن الثوب يظل علامةً بارزةً في مسيرة المرأة السودانية ، فهو تسعة أمتار (مدمجة) لم يجئ عليها مقص للتفصيل ، بل ظل يمثل عبقرية جمالية نسائية سودانية بطريقته تلك ولكن بطرق مختلفة مثل نساء الأمازيغ والبربر في شمال أفريقيا ، وفي موريتانيا وفي تونس التي يعتبر (السفساري) التونسي هجرته النساء الآن – وهو الأقرب للثوب السوداني ، لكن الأول قطعة واحدة تربط عند الوسط ويغطي الرأس ، وكذلك في ليبيا وكل بلاد المغرب العربي.. أما الهند وثوبها المعروف بـ (الساري) فلا نعرف أن تأثرت بها بقية الحضارات أم أنها هي ذاتها تأثرت بالحضارة الإسلامية الأندلسية التي أثرت على كل شمال أفريقيا ؟
على كلٍ.. الزي جزء من الثقافة والبيئة فإن تغيَّرت الثقافات تغيَّرت الأزياء … الله يستر .

Email : sagraljidyan@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى