
لم يكن بيان المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس الحارث أمام مجلس الأمن الدولي، امس الاول مجرد رد دبلوماسي على تقرير المدعي العام، بل كان بيان “عملي” لوضع النقاط على الحروف لرسم العلاقة والشراكة بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية التي لطالما جنت على السودان.
فبيان السفير الحارث الأخير شكل نقطة تحول في هذا الملف إذ أسس للشراكة مع المحكمة الجنائية الدولية، عمادها الاحترام، والسيادة، والعدالة الوطنية التي لا تقل مشروعيةً عن أي مسار دولي آخر..
البيان أكد ان السودان ليس ضد العدالة، ولكنه ضد الانتقائية والتسييس وذاك نهج قمىء ظلت يمارسه بعض قضاة المحكمة الدولية في ملف السودان.
بيان الحارث حمل بين طيّاته العديد من الدلالات السياسية والقانونية العميقة، أبرزها تأكيد السودان على عدم تنصله من التزاماته الدولية، مع تأكيد سعيه لترسيخ عدالة نابعة من إرادة وطنية خالصة.
أضف إلى ذلك إن البيان الذي قدمه السفير الحارث حمل من المنطق والحجج لحوار أكثر عقلانية حول آليات دعم العدالة الانتقالية في السودان بعيداً عن الكيد السياسي من مكونات سياسية داعمة للمليشيا أو التصعيد الإعلامي الضار من قبلها ومن قبل المليشيا ، وهذه كله بدأ يتكشف للمجتمع الدولي كساده وبواره في ظل تمدد الفضح المستمر لعورة الجرائم المتكررة لميليشيا الدعم السريع، وانتهاكاتها للقانون الدولي والإنساني
وهذا تأكيد سوداني مشهود قطعا سيضع المحكمة الجنائية الدولية أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما احترام السيادة السودانية والدخول في شراكة بناءة، أو المجازفة بإضعاف مصداقيتها عبر الاستمرار في نهج التسييس الانتقائية… وهذا ما نخشاه في ظل وجود مؤشرات تشير إلى مضي الجنائية الدولية في سلوكها الاخير هذا..!!
عموما اعتقد أن بيان السفير الحارث سيشكل اضافة منطقية لموقف وحجج السودان ومطالبه العادلة في رد الظلم الإماراتي عنه كما أنه سيعيد إعادة ضبط العلاقة بين الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية على أساس الندية والتعاون المشروط بالاحترام المتبادل.