قبل سنوات طويله سمعت قصيدة عم عبد الرحيم مع شقيقي الأصغر عمر النعيم موسى ، حفظه الله وكان يردد مع المرحوم مصطفى سيد أحمد ، تقبله الله وأحسن إليه يردد هذه الجملة ( فتاح يا عليم رزاق يا كريم ) ففي هذه القصيدة أبياتٍ جميلة سطّرها الراحل محمد الحسن سالم حُميد رحمه الله ، وبينما كنت جلوس في أوائل يناير الماضي مع أخي وصديقي الغالي ياسر عبد الله محمد البدوي ببورتسودان نسمع في :
والماهيه أُف عيشة هاك وكُف
في هذا الزمن تُف يا دنيا تُف
فسألته : ( بالله يا ياسر من الزمن داك الماهيه تعبانه )
ذكر وزير المالية في حديثٍ سابق : أنَّ راتب العامل بالحكومة لا يغطي أكثر من ثلاثة أيام ، هذه الجملة كفيلة أن تجعل موظفي الدولة ( مُستعبدين ) للحكومة ! العبارة التي ذكرها وزير المالية واقع يعايشه موظفي الدولة منذ سنواتٍ طويله ، فلم تأتي بشئ جديد يا جبريل إبراهيم والقطاع الحكومي كله ينتظر زياداتك التي ذكرتها وهل ستكون لعنة عليهم مثلما كانت في عهد سلفك البدوي حيث فرح الموظفون ولكن فرحتهم لم تكتمل بإرتفاع الأسعار وصعود التضخم إلى أرقام قياسيه وكل ذلك بسبب غياب الأُفق وغياب التخطيط السليم .
سألني صديقي المهندس أشرف عبد الماجد البدوي عن الموارد التي تغطي زيادة المرتبات فقلت له ( المكنات شغااااله رب رب رب ) ليس أمامهم شئ ليقدموه ، عقولهم خاوية ، يا صديقي نحن في حوجة لمن يُدير الموارد الموجودة بكثرة على طول بلادنا فحوجتنا أكبر لكفاءات حقيقيه ( لكن ربنا إبتلاءنا بي كفوات ما عندهم علاقه بالإداره ) لا تستغربوا يا أهل السودان من سياسات الحكومه ( الفاشله ) والتناقض الكبير الذي فعله في زيادة الكهرباء ثم تجميد القرار وإعادة الكهرباء مرة أخرى بزيادة أقل من السابقه ، جبريل مثل من سبقوه في إدارة الموارد ، فاشل بدرجة ” إمتياز ” همه فقط زيادة الدخل للدولة فزاد الكهرباء ولم يهمه البُسطاء من أهل البلاد . ودعونا نتطرق لمأسآة السودان الحقيقية التي ظلّ الشعب يتذوق مرارتها في كل حينٍ ، وزراء القطاع الإقتصادي يتحمّلون الوِزْرُ الأكبر في تدهور الإقتصاد ، ماذا قدموا منذ سقوط البشير ؟ لا شئ . نعم لا شئ ؟ كلهم فاشلون لم يطرحوا مبادرات أو رؤى وأفكار تخرج البلاد من أزمتها الطاحنة .
لنعود إلى المرتبات التي يقول عنها وزير المالية : راتب العامل بالحكومه لا يغطي أكثر من ثلاثة أيام ، ( يادوووب عرفت الكلام ده يا وزير الماليه ) في العام 2017 كتبت مقال بعنوان ” مرتبات السجم ” وما زالت مرتباتكم سجم ، ما نسمعه في قضية مرتبات الحكومة وزياداتها ليس بالأمر الجديد ورغم كثرة الإضرابات التي هزّت الدولة إلاّ أنَّها عاجزة عن إجازة هيكل راتبي موحّد للموظفين ؛ وما تفعله ( إستعباد للعمال ) نظير مرتباتٍ تافهه وغير محترمه وغير منصفة للذين يخرجون من منازلهم صباحاً ويعودوا مساءً ، الذي يريد أن يعرف كيل الحكومة بمكيالين في ما يأخذوه فليستقصى عن الحوافز والعلاوات التي ينالها المسؤولون الكبار ( وزراء و وكلاء ) الذين يطلقوا على أنفسهم قيادات وهم غير ذلك . إضافةً إلى الوقود والكهرباء والسكن المجاني ، الجميع يعرفها إنهم لا يعانون مثلكم ينالو الأجور والحوافز ومخصصاتهم كافية بعكس العمال الذين يعملون في درجات ضعيفه فهل سألتم أنفسكم كيف يعيش هؤلاء ؟
زيادة المرتبات يا وزير المالية ليست مِنة مِنكم وإنما هي حق للعمال الكادحين تلك الطبقة الأكثر فقراً في البلاد وإن سلّمنا جدلاً تم زيادة المرتبات لأكثر من 700% فهي لن تكفيهم ليعيشوا في رخاء بل سيزيد معها التضخم مجدداً برغم تطمينات د جبريل في حديثٍ مشهود : بأنّ الزيادة لن يبتلعها السوق وهو حديث غير منطقي سيبتلعها السوق وكأن شيئاً لم يكن .
الحياة التي يعيشها موظفي الدولة مؤلمة للحد الذي لا يمكن أن يتصوره عقل إنسان ، وهناك الكثير منهم لا يملك منزل فيقع على عاتقه إيجار شهري ومصروفات لا حِصر لها من مأكلٍ ومشربٍ وعلاج ورسوم مدارس وكهرباءٍ وماء من أين له بهذه الأموال ؟ أنتم تهينون العمال والموظفين الذين لا حول لهم ولا قوه في ظِل إرتفاع في جميع الأسعار وهل يعلم وزير المالية أنَّ مرتب الكثير من العمال لا يشري لهم جوال السكر .
العلاج أصبح أمر عسير على العمال وتأمين الحكومة جميعكم يعلمه ويعلم تفاصيله ؛ فكيف لموظفٍ أو عاملٍ يغطي نفقات علاج الملاريا فقط ؟ دعك مِن الأمراض المزمنة والخطيرة ؛ فأين لهم برسوم المقابله ؟ والفحص ؟ والدواء الذي يُباغ بأغلى الأسعار ! العلاج في بلادي أصبح سلعة ترتفع بصورة مستديمة مثلها مثل الألبان والزيوت والخضروات واللحوم . وحكومة الفترة الإنتقالية تتفرج عاجزة عن فعل كل شئ .
صوت أخير :
زيادة المرتبات واجب للعاملين بالدولة والأوجب إيقاف التضخم الذي يسير الآن فألحديث عن تراجعه لعب بالعقول فقط ، فهل سألتم أنفسكم سؤالاً عن إرتفاع الدولار ولماذا تنخفض قيمة الجنيه ؟ فألدولة التي قامت بشراء الدولار من السوق الأسود لسداد تعويضات الأمريكان لا أستبعد دخولها مرة أُخرى في السوق الموازي وتقوم بشراء الدولار مما يحدث ندرة وترتفع أسعاره مرة أخرى . نحن لا نحتاج لكل ذلك ،، فقط حوجتنا في إدارة الموارد الزراعية والحيوانية والمعدنية التي بدورها ترفع الناتج القومي للدولة وحينها يعم الرخاء البلاد ويعود الجنيه لمكانته الطبيعية التي فقدها بسبب سوء الإدارة .
ونواصل بمشيئة الله .