صوت الحق – الصديق النعيم موسى – مراجعة إتفاقيات اللجوء في السودان ( 1 )

siddig2227@gmail.com

تعتبر بلادنا من أكثر البِلدان الإفريقية إستقبالاً للاجئين وهذا إن دلَّ يدُلُ على حسن أخلاق الشعب الكريم المضياف متقاسماً مأكله ومشربه ومسكنه مع الذين فرّوا من بلادهم خشية الحرب و الظروف القاسية التي عاشوها في أوطانهم الأم فلجأوا إلى سودان الخير ، والأمثلة كثيرة على ذلك آخرها الدخول الإثيوبي في نوفمبر 2020 في مراكز إستقبال حمداييت والمدينة ( 8 ) ولقد شاهد المجتمع الدولي أهل القضارف و مزارعوها يُسارعون الخُطى لإطعام الإثيوبيين بعد إندلاع الحرب . وهذه هي أخلاق الشعب برغم ضائقته الإقتصادية والمعيشية لم تمنعهم من تقديم العون وإغاثة الملهوف نهج فريد يتميّز به السودانيون ؛ وفي المقابل هناك تقصير كبير جداً من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين التي لم تلتزم بتوفير الميزانيات متعذِّرة بضعف المانحين ( وتتقاضى مرتباتٍ ضخمة جداً ) ليت حكومتنا ( الغير محترمة ) أن تفهم أنَّ التمويل في ملف اللاجئين مبني على إزدواجية المعايير فما تُقدّمه الأمم المتحدة بوكالاتها المختلفة و المانحين لتركيا وأوكرانيا يختلف جداً عن السودان وهي نظرة دونية بحتة للسودان ؛ ما الذي يمنع النانحين من الوقوف مع اللاجئين في السودان ويسمح بدعم اللاجئين الأوكرانيين ؟ كشفت الحرب في أوكرانيا الكثير للذين لا يعلمون مفوضية الأمم المتحدة المعنية باللاجئين . أعذار واهية وغير مُقنعة تحتاج فقط لإرادة وحزم حينها ستتغير الأمور وسيعلم قادة المفوضية في جنيف أنَّ الضعف قد زال .
تناولت عبر هذه الزاوية مقالاتٍ كثيرة عن ضعف مفوضية اللاجئين في التمويل عن قصد وسأظل أكتب لأنها أمانة أمام الله وما جعلني أخوض في هذا الأمر خطورته على البلاد ؛ فدائماً ما أسترجع ذاكرتي عن إستهداف المفوضية السامية لشئون اللاجئين للجسم الحكومي وكيف لعبت نوريكو يوشيدا ممثل المفوض السامي السابق في سَن سياسة سيئة في تخفيض الميزانيات للفأرين من ديارهم خشية الحروب والصراعات القبلية ومع ذلك يتقاضون مراتبات مُقدّرة جداً ونقل كل الخدمات للمنظمات ؛ تسعى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لسحب البساط من الجسم الحكومي وللأمانة والتأريخ هذا الأمر سيلقي بظلاله على البلاد برمتها إن لم يتدارك وبسبب البعض يدفع السودان الثمن غالياً بتحمّله لنفقات فوق طاقته . هذه السياسة السيئة من قبل مفوضية اللاجئين تحتاج لوقفة عاجلة من الدولة وإدارة اللاجئين وذلك عبر نقطة واحدة ومهمة جداً : فتح الإتفاقيات الموقعة طِوال السنوات الماضية ثم تنقيحها وتغيرها لتخدم مصالح البلاد العُليا .
كم من إتفاقية تم توقيعها وتضرر منها السودان بسبب الضعف الذي لازم بعض الإداريين و لقد بحثت فترات طويلة عن أسباب سيطرت مفوضية الأمم المتحدة عن كل المفاصل وتدخلها في الشأن الداخلي للبلاد يقابله ضعف الجهات الحكومية ذات الصلة الأمر الذي يُمثّل عئباً على البلاد ، وليعلم كل مهتم باللجوء واللاجئين إنَّ الإصلاح الحقيقي في وضع دراسة وتغيير الإتفاقيات فمن حق الدولة المستضيفة أن تفعل ذلك ومن حقها مراجعة إتفاقية المقر ، أصبحت المفوضية تُنفّذ الأعمال مباشرةً وهذا الأمر يخالف قانونها ولكنها وجدت ضالتها في بلادنا لغياب الوطنيه وعدم الوعي بهذا الملف الخطير .
البرنامج العالمي الذي تعهد فيه الطريفي وزير الداخلية الأسبق يدعم المفوضية ويعمل على سحب كل الخدمات وإعطاؤها للمنظمات لتصبح معتمدية اللاجئين إشرافية ( تخيّلوا هذا الوزير وقّع على هذا التعهد ولا يدري مخاطره ) ولمن لا يفهم هذه السياسة الخطيرة هي بداية لإدماج اللاجئين في الخدمات بصورة كاملة ؛ وسؤالنا البسيط للذين وقّعوا هذا التعهد هل بلادنا مستعدة لهذا الأمر ؟ وبرغم أنَّ تعهد وفد السودان في جنيف كان مبدئي ولم يتم التوقيع عليه بصورة نهائية حتى الآن ويتم إعتماده من الدولة ؛ فلا يوجد برلمانٍ منتخب ولا توجد حكومة مفوّضة ومع ذلك كله لم ولن أستغرب أن تُؤخذ الحماية والتسجيل من المعتمدية وتقوم بها المنظمات أيضاً . يجب إيقاف هذا الأمر الخطير لحين الإنتخابات وعرضه على البرلمان ؛ من الذي فتح داره ؟ من الذي يُنشئ المعسكرات ويُصدقها ؟ مَن الذي يمنح صفة اللجوء ؟ مَن يرفضها ؟ إنه السودان وحده وليست المفوضية !
صوت أخير :
يجب تنقيح الإتفاقيات و مراجعتها واحدة تلو الأخرى ثم إبرامها بالصيغة التي تنفع البلاد واللاجئين أنفسهم .
اللهم بلّغت ،،
اللهم فأشهد ،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى