ابراهيم عربي يكتب : (لقاوة) … من المستفيد ..؟!

الخرطوم الحاكم نيوز

أوضاع أمنية مزعجة أدت لنزوح المواطنين بأعداد كبيرة من مدينة لقاوة في ولاية غرب كردفان فارين من جحيم الحرب التي أطلت علي المشهد عقب قصف المدينة بالصواريخ أمس الاربعاء من قبل قوات الحركة الشعبية – شمال (الحلو) رغم هدوء الأحوال ، وكانت معلوبات قد تسربت تفيد ترحيلهم اليوم الأربعاء وإخلاء المدينة من السكان تماما .
بلا شك أن ذلك يعني نزوح أو ترحيل (35) ألف مواطن من مدينة لقاوة والتي ستتحول بذلك لثكنات عسكرية ، فقد أكد ل(الرادار) المدير التنفيذي لمحلية لقاوة عوض الله أحمد خليل الذي غادر المدينة حينها مع أسرته عقب (إسبوع) ظل يعمل خلالها في إدارة الأزمة ، أكد قصف مدينة لقاوة من قبل الحركة الشعبية – شمال (الحلو) أمس الثلاثاء 18 إكتوبر 2022 ب(ثمانية) دانات إنفجرت منها (إثنتان) إحداهما أصابت إحدي المدارس دون خسائر في الأرواح ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة من المستفيد من كل ذلك ..؟!.
لقاوة كما يطلق عليها أهلها (لقاوة حلاوة) ، يطلقون عليها لقب (أبو عرديبة روح البلد) ، ورد البعض تسميتها لقاوة إلي لفظ (اللقية) ، أي الموقع الصالح للسكن (حسب رواية قوقل) وكانت تسمى في السابق (لقاوة الشايب) ، بالطبع لا نود الدخول في جدل ومغالطات تاريخية لأن قناعاتي أن تاريخ السودان بكامله يحتاج لإعادة كتابة بأقلام وألسن رواة سودانيين ، علي كل فإن لقاوة منطقة تعايش مجتمعي قديم مما كانت سببا في تذويب ولاية غرب كردفان في إتفاقية السلام نيفاشا 2005 .
خلفت الأحداث الاخيرة التي بدأت في لقاوة منذ العاشر من إكتوبر الجاري ،عشرات القتلي والجرحي وتدمير البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة وتشريد أكثر من (20) ألف مواطن إحتموا بالقوات المسلحة وأكثر من (10) آلاف آخرين نزحوا أكثرهم تجاه مناطق كمدا وتلشي وتيما وغيرها حيث سيطرة الحركة الشعبية (الحلو) وبعضهم غادرها صوب المناطق الحكومية الأخري والجميع الآن في حالة إنسانية مذرية ومؤسفة يحتاجون للمعينات الإنسانية ، وبذلك إنهار التعايش السلمي الذي تميزت به مكونات لقاوة (النوبة ، المسيرية ، الداجو ، المساليت ، الفلاتة ، البرقو وغيرهم) بمبادرة منهم منذ إندلاع الكتمة في كادقلي 6/ 6/ 2011 وبالتالي فما حدث بمثابة آخر مسمار يدق في نعش التعايش السلمي المجتمعي في لقاوة ..!.
غير أن هذه الأحداث لم تندلع هكذا فجأة بل ظلت ترتبط بالصراع فى ولاية غرب كردفان والتي أصبحت ولاية فوق صفيح ساخن تفتقد للقيادة الحكيمة مجتمعا وحكومة ومع الأسف الشديد أثبتت الحقائق أن واليها خالد جيلي ونائبه كرشوم الإثنين معا خارج الفورمة تماما وتجب إقالتهما اليوم قبل الغد ، كما يجب إلغاء آلية التصالحات أوهيكلتها من جديد لتواكب متطلبات المرحلة ، وبالطبع كل ذلك ليس بعيدا عن حالة السيولة الأمنية في البلاد وإنعدام الحكومة .
وليس ذلك فحسب بل أضافت عليها الأحداث المفتعلة بين المسيرية والحمر ، والتي تصاعدت وتشعبت في دار حمر تماما كما تشعبت في التصعيد في دار المسيرية ، أضافت عليها بعدا آخرا علاوة علي مشكلة الرعاة من أبناء المسيرية إعتقلتهم الحركة الشعبية – شمال (الحلو) وقتلت وأسرت ونهبت عدد من الأبقار قبل إطلاق سراحهم مؤخرا وغيرها من أحداث القتل والسلب هنا وهناك زادت جميعها الأوضاع تعقيدا .
بدأت أحداث لقاوة مجرد إحتكاكات بين المزارعين والرعاة تطورت لجرائم قتل هنا وهناك أساءت الحكومة تقديراتها، كان آخرها مؤتمر (سورني – الكتاب) يوليو الماضي الذي فشلت تنفيذاته بسبب ضعف الوالي وحكومته وقصر نظرهم ، وبالتالي تطورت لتارات قبلية تصاعدت معها معلومات مدسوسة بأن المسيرية يعتبرون لقاوة (حاكورة) خاصة بهم وينوون طرد المكونات الأخري لا سيما النوبة والداجو وينفذون ذلك بنصب لافتة بسوق لقاوة، هذه الإشاعات أيضا أساءت السلطات الامنية تقديراتها ، فأدت لتطور الأزمة بمقتل بعض المواطنين في كمين ومن ثم تطورت لضرب بالسلاح الناري داخل لقاوة وحرق ونهب السوق وحرق المساكن حتي وصلت لما وصلت إليه من أوضاع مؤسفة الآن ، وبالتالي من المستفيد ..؟!.
تضاربت البيانات مابين الحركة الشعبية – شمال (الحلو) والتي نفت أن تكون لها علاقة أو تكون طرفا فيما حدثت من صراعات في لقاوة ، وبيان الجيش الذي نفى في البداية مشاركة جيش الحركة الشعبية في أحداث لقاوة مستخدما سياسة ضبط النفس حتي لا ينهار وقف إطلاق النار ، مؤكدا وقوع قتلي وجرحي جراء إحتكاكات قبلية بين المواطنين ، وقال أن القوات الحكومية هناك من الجيش والدعم السريع والشرطة تدخلت للفصل بين الطرفين المتنازعين، وإخلاء المصابين وتأمين السوق المحلي والمرافق الحيوية .
غير أن تداعيات قصف مدينة لقاوة بالدانات كانت بمثابة تطور خطير جدا ، قال بيان لجنة أمن الولاية إنها عقدت أجتماعاً مع الإدارة الأهلية لمكونات (الداجو، النوبة، المسيرية) ، إتهم البيان الحركة الشعبية – شمال (الحلو) بتدوين مدينة لقاوة بمدافع الهاون (120ملم و 82 ملم والدوشكات) ، وقال أن تدخل الحركة في الصراع أجهض كل محاولات لجنة الأمن في إعادة الأمور الي طبيعتها وإعتبرت قصف لقاوة تصعيدا وخرقا لوقف العدائيات ، بلا شك يعتبر هذا التصعيد تطورا خطيرا وبمثابة القشة التي قصمت ظهر العبير ..!.
علي كل إنهار السلام المجتمعي والتعايش السلمي في لقاوة وبالتالي ستصبح منطقة ثكنات عسكرية نموذجا سيئا لتطورات الحرب عاشوها أهل قولو في جبل مرة من قبل وعاشتها كادوقلي وتلودي والدمازين وغيرها كثر ، ولكن الأخطر إنهيار وقف العدائيات غير المكتوب (6) سنوات بين الجيش وقوات الحركة الشعبية – شمال (الحلو) وبالتالي تأجلت زيارة سلفاكير المعلنة اليوم للخرطوم ، ولكن لابد من إدارة الأزمة بشكلها الصحيح بين هذه المكونات للعودة لذات التعايش السلمي والترابط المجتمعي والتحالفات قبل فوات الأوان وبالطبع نظل نتساءل من المستفيد ..؟!.
الرادار .. الأربعاء 19 إكتوبر 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى