الخرطوم الحاكم نيوز
siddig2227@gmail.com
الإختلاف سُنة الله في الأرض ومن قديم الزمان يختلف الناس في دياناتهم وأفكارهم وإنتماءتهم الحزبية ولا ضير في ذلك . الأمر الذي بصدد الكتابة عنه إخترت له العنوان أعلاه وهو بطبيعة الحال شئ مُشاهد في بلادنا ومؤسساتنا الحكومية ولا ينكر ذلك إلاّ مُكابر ، موقف ما زال في ذاكرتي أحد المنتمين للمؤتمر الوطني تقابلنا وفي معيتنا بعض الإخوة المنتمين لأحزاب أُخرى تقابلنا بالقرب من جامعة الخرطوم وفي طريقي لقضاء بعد الأعمال ، ذكر لنا ونحن وقوف : بأنَّ المسؤول الذي ينتمي لحزبهم ( كان يفعل ويفعل ) وله باع طويل في العمل الإداري وسبحان الله من محاسن القدر أنَّ الذين كانوا معه قالوا له ( والله زولكم ده فاشل وكيسو فاضي وضعيف ) هذا الموقف هو سبب كتابتي لهذا المقال وطرحت سؤالاً : لماذا التعصّب للأحزاب داخل المؤسسات الحكومية ؟ ولماذا الإنتقام والتشفي وتصفية الحسابات ؟ مع العلم أنَّ الإختلاف شئ طبيعي وكل إنسان له كامل الإرادة في توجهه ، وهنا أستحضر جيداً ما فلته الإنقاذ والصالح العام الذي شرّد كفاءات من خيرة أبناء الوطن كل ذلك بسبب الإنتماء الحزبي : ( فإن لم تكن معنا فانت ضدنا ) فعاست الإنقاذ في الأرض وفعلت ما لم يفعله مالكُ في الخمر في فصل الموظفين ولقد إستمعت إلى هذا الأمر من قِبل الحكومة حينها ومن المفصولين ، نفس هذا السيناريو طبّقته الحرية والتغيير لقد تعرّض الكثير من الموظفين للفصل نتيجة إنتماءاتهم الحزبية والضائع الأكبر الوطن .
كما ذكرت آنفاً الإختلاف في الفكر والإنتماء شئ طبيعي جداً ، يختلف الموظفون في تناول وجباتهم اليومية ومشروباتهم فليس بالضرورة يوافقون رأيك الشخصي أو فِكرك أو لونك السياسي ، فألجميع سواسية في العمل وليت وزراءنا ( الفاشلين ) يفهمون ذلك ، وليت المسؤولين يعرفون أنَّ الإختلاف في الرأي لا يُفضي للخصام مطلقاً .
ما نشاهده الآن من تدهورٍ في مؤسسات الدولة يؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك ضعف المسؤولين وهذا الضعف إنعكس سلباً على الأوضاع الإقتصادية والسياسية التي تشهدها البلاد ومع ذلك كله تتجدد تصفية الحسابات من حينٍ لأُخرى .
ولو قارنا بين الإختلاف والإنتقام لوجدنا الفرق كبير جداً بعض المسؤولين لو خالفتهم ينتقم منك بطريقة مريبة وأذكر جيداً ما حدث لوالد صديقي قبل إحدى عشر عاماً الذي تدرج في العمل حتى تقاعده للمعاش وبسبب أحد المسؤولين التنفيذيين تم فصله من العمل تعسفياً وبعد تقاضي إستمر ثلاث سنوات عاد للعمل بقرارٍ من المحكمة العليا ، وسبب الخلاف بدأ عندما ذكر المدير العام لوالد صديقي : لماذا لا تُسلّم عليّ في المكتب ؟ فرد عليه : ولماذا أسلّم عليك ؟ وتتطور الأمر وإزداد التوتر فتم إيقافه عن العمل وحتى الفصل هذا الأمر ذكرته مثالاً لما يدور في دهاليز مؤسساتنا . وأبطال ما ذكرته ما زالوا على قيد الحياة ، والأمثلة كثيرة يمكن أن تختلف مع رئيسك في العمل ولكن هذا الإختلاف يجب ألا يرقى للإنتقام مهما كانت الأسباب وعلى المسؤولين الإبتعاد عن شخصنة القضايا الوظيفية ، الإنتصار الحقيقي يكون للحق فقط وليس للباطل وعلى المسؤولين أيضاً البُعد من المُفتنين ( وما أكثر هؤلاء في بلادنا ) وأيقن تماماً إنَّ السبب الرئيس لتدهور البلاد في خدمتها المدنية ترك الموظفين ( المسؤولين ) عملهم الرسمي وتفرّغوا لسفاسف الأمور .
إستمعت للمفصولين تعسفياً في عهد الإنقاذ والحرية والتغيير معاً وسبحان الله تشابه في الإجراءات والإنتقام ، وما فعلته الجبهة في بداية حكمها طبقته الحرية التغيير في بداية حكمها أيضاً تركوا الوطن وتفننوا في قطع أرزاق العباد ( عرفتو أنحنا لشنو ما بنمشي لي قدام ) لأننا لا نلتزم بالقوانين واللوائح التي تُنظّم العمل ولأننا نفلح في إنتهاج السياسة داخل المؤسسات المدنية والعسكرية أيضاً فليس هناك ظلم أن تطيح رئاسة قوات الشرطة في عهد عادل بشائر بأكثر من ألف ضابط شرطة للمعاش ومع ذلك إنتصرت لهم المحكمة وأمرت بإعادتهم للعمل وما زالوا ينتظرون ، نموذح الشُرطة تم تطبيقه في الجيش عندما جاءت الإنقاذ وشرّدت أعداد كبيرة جداً للصالح العام .
صوت أخير :
ما تبغضه أنت يحبه غيرك فأللجميع الحق في الإنتماء ولكن ليس لهم الحق في الإنتقام وما نشاهده في الساحة السياسية خير شاهد على ذلك ، ومثلما لهم الحق في الإنتماء للخدمة المدنية حق أيضاً في التقدم والإزدهار ولن تتم هذه إلاّ بإبتعاد الأمور السياسية من داخلها وعلى كل موظف أن يلتزم الحياد وأن يمارس نشاطه السياسي خارج أسوار الوزارات مدنية كانت أم عسكرية . صاحب الضمير لا ينتصر لمصلحته الشخصية فألإختلاف لا يفسد للود قضية ويمكن أن تختلف ولكن لا تنتقم لذاتك .
خافوا الله في هذا الوطن .