همس الحروف : العلاقات السودانية السعودية .. فوق إرادة المتربصين _ الباقر عبد القيوم علي

 

 

أحيانا تختلط الأواراق عند البعض مما تجعلهم يدلفون في بعض الأمور التي تنقصهم فيها الحصافة و المعلومات الكافية فيصيبون بها أناس أبرياء و هم قد لا يقصدون بحديثهم هذا إحداث أي أضرار ، و لكن دائماً تأتي النتائج بصورة عكسية ، حيث يتخطى ضرر الحديث الشخص المعني بالكلام و قد يفوق ذلك حجم الموضوع المطروح الذي أطلق الكلام من أجله ، و على بساطته يأتي بحجم أضخم عما كان يتوقعه من ناتج أثر حديثه المتهور الذي لم يحسب له أي حساب ، و قد يتخطى مثل هذا الحديث أحياناً الشخص المعني كفرد ، و ينتقل الأثر الناتج إلي شعب دولة محترمة بأكملها ، كانت منذ قيامها تمثل رمزاً للأخاء و ما زالت تشكل الساعد الأيمن لبلادنا حيث أن شعبها يعتبر من الشعوب الصديقة لنا و الشقيقة ، و يعتبر صاحب وقفات مشهودة مع شعب بلادنا ، و ها هم يحملون معنا هم قضيتنا بصورة تقارب أو قد تفوق بكثير ما يحمله بعض مواطني دولتنا ، و الشواهد على ذلك كثيرة ، و ذلك مما يؤكد عظيم محبتهم الخالصة للسودان و السودانين ، فمن أخطر هذه الأمور الحديث في الشؤون الدولية التي تتعلق ببعض الدول و خصوصاً الصديقة و الشقيقة منها ، و تأتي مثل هذه الحالات كحالة الأخ الأستاذ محمد عثمان الرضي الكاتب الصحفي و المحلل السياسي الذي أفرط في الحديث عن أمر ليست له به معرفة و دراية كافية حيث ان الواقع قد كذب ادعاءاتة المضللة و فند ما ذهب إليه من حديث ، و كان يجب عليه أن يتحرى المعلومة الصحيحة قبل الدخول في مواجهة مباشرة و بدون مسببات أو مبررات مقنعة مع سعادة السفير السعودي الذي يشهد.له العدو قبل الصليح بفضله و و عظيم مكانته و ما يقوم به من عمل جبار في محاولاته لرتق الفتق في السودان ، حيث أن هذه الإدعاءات نتجت عن أمر يجهل عنه الرجل أبسط المقومات التي تؤيده فيما ذهب إليه في حق سعادة السفير ، و كان من المفترض أن يتحاشى الحديث عنه إذا كان لديه معلومة كافية ، و لكن هذه المعلومة في تلك اللحظة كانت ناقصة و هو غير متأكداً منها ، أو حتى إذا أصابه النسيان أو لا يتذكر وقائعها بشكل صحيح ، فضلاً عما ليس له به علم ، و لكننا نجد هذا الأستاذ المحترم ذهب في حديثه من منطلق إفتراضي وهمي و بدون أن يتوثق من معلوماته ، ففي مثل هذه الحالات كان عليه ألا يخوض في مثل هذا الحديث الذي لن ينل منه أي جدوى ، و كان في صمته سلامة له و لجميع من أصابهم بما قال في حديثه الذي لم يحالفه فيه التوفيق ، حيث كتب من واقع الظن الذي يعتبر عند الله أكذب الحديث ، فإذن ما بال من ليس له معرفة به ، و كان عليه أن يتجنب مثل هذا الحديث الذي يٌحمل على الظن والتخمين و الاحتمالات .

لا يختلف إثنان في وقفات المملكة العربية السعودية مع السودان على جميع الأصعدة الإنسانية التي تشكل الجوانب الخدمية و الصحية و كذلك الإقتصادية و السياسية ، فمنذ زمن بعيد ظلت حزمة المساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة بشقيها الإنساني و الإقتصادي مستمرة و بدون انقطاع ، و التي تتمثل في كثير من أنواع المساعدات في الشق الإنساني كمساعدات غذائية أو إيوائية أو صحية ، أو ذات أبعاد إقتصادية تمثلت في المشروعات الاستثمارية أو الخدمية مثل بناء المساجد و المؤسسات الصحية و حفر آبار المياة في كثير من مناطق السودان المنتشرة .

لقد ظلت المملكة العربية السعودية طيلة الفترة السابقة تشكل دوراً محورياً في معالجة الإستشكالات السياسية بين فرقاء السلطة في السودان ، و حيث أن إستقرار السودان يشكل أهم الأبعاد الإستراتيجية للمملكة لكون السودان جار لحدودها يفصله منها البحر ، و يأتي ذلك مقروءاً مع التقاطعات السياسية الحادة التي يشهدها السودان في هذه الأيام بين فرقاء السلطة ، حيث أن السودان يشكل للمملكة عمقاً استراتيجياً و سياسياً و اقتصادياُ ، و أمنياً و اجتماعياً ، و أضف على ذلك أن إستقرار أمن البحر الأحمر يعتبر من الخطوط الحمراء للمملكة ، و بالتالي فإن أي تنسيق سياسي مع من يحكم السودان يأتي دائماً من أولويات سياسات المملكة و من الضروريات التي تتعامل بها مع نخب السودان ، فلماذا يريد البعض محاولة إقصاء المملكة العربية السعودية من هذه المعادلة ذات الابعاد المتوازية ، و في نفس الوقت لا يرون حرجاً في تدخل الدول الغربية او أمريكا في شأننا ، و خصوصاً أن السعودية تعتبر من أهم دول الجوار و ملف أمنها من أمن السودان ، و هي حريصة كل الحرص في صناعة الإستقرار في ربوع السودان لأجل إستقرارها و هذا ما يجعل من الضرورة تدخلها من أجل التوفيق بين الفرقاء .

أما على صعيد المشاريع الإستثمارية و الخدمية فإن حق المملكة العربية السعودية حق أصيل في متابعة مشاريعها التي يتم تمويلها عبر حكومتها أو التي تمول عبر منظمات المجتمع المدني السعودي حيث يكون ذلك بواسطة بعثتها الدبلوماسية و لا ضير في ذلك و خصوصاً أن هذه البعثة تعتبر من أكثر البعثات إلتزاماً بكامل الأعراف الدبلوماسية داخل السودان ، و كما ان المقارنة بين سفير السودان في الرياض و سفير خادم الحرمين الشريفين في الخرطوم لا تجوز أبداً لانه ليس للسودان أي نشاط إستثماري أو خدمي في المملكة يمكن لسفير السودان في المملكة متابعته ، و حيث أن أبواب السفارة السعودية في الخرطوم مشرعة لكل من أراد أن يستفسر ، و خصوصاً الإعلاميين ، و كل هذا يأتي في إطار توطيد العلاقات بين السودان و المملكة العربية السعودية حتى لا يقع بعضنا في توصيل رسائل مغلوطة قد تسعى في تأجيج الفتن ، و لهذا على كل الذين يريدون الإنخراط في مثل هذا الملف الحساس عليهم بالتواصل مع السفارة عبر مستشارها الإعلامي و السياسي قبل الخوض في تدبيج التهم التي لا تليق بحجم دولة محترمة كالمملكة العربية السعودية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى