قد يبدو للجميع أن المبادرة الاممية التي يقودها فولكر بيرتس ربما تقود إلى انفراج في الأزمة السياسية في البلاد لكن مع استمرار الايام وضح بما لايدع مجال للشك انها مجرد مبادرة علاقات عامة لا أكثر ولا أقل وان تشبعت بالقبول العالمي الذي نراه.
في بداية انطلاق مبادرة فولكر كنا نشيد بهذه المبادرة باعتبارها حل للمشكلة السياسية السودانية مع التأكيد التام بأن الأخطاء التي صاحبت الوثيقة الدستورية هي ما أفضى إلى هذا الوضع الحالي كونها كتبت على عجل ولم تجد الآليات المناسبة لإنجاح الفترة الانتقالية التي بدأت بتعقيدات كبيرة.
ويبدو في كل يوم يمر التعقيد الواضح للمشهد السياسي في البلاد مع هذه الهالة العظيمة من الغموض في المشهد السوداني وهذه الأحزاب التي تتخبط في ظلام دامس ورؤية معدومة في إيجاد المخرج الحقيقي والسليم لإنقاذ البلاد من حالة التوهان التي تعاني منه في صورة واضحة… ويرجع السبب الحقيقي سوى عدنا إلى رؤية الثعلب الألماني فولكر بيرتس أو رؤية المجلس المركزي للحرية والتغيير من جهة ورؤية الميثاق من جهة وعدد كبير من الأحلاف السياسية من جهة أخرى… كل هذا يفضي إلى حالة من العدم أو الفراغ الهلامي الذي لا يوصلنا إلى نقطة التقاء رغم الاستماع الجيد لكل الأطراف من فولكر.
كل هذه التعقيدات صنعتها أن كل طرف يحتاج أن يفرض رأي محدد في شكل مبادرة فولكر وان تكون حكرا على جهة دون الأخرى وهنا يبرز الاستفهام الاتي : ماذا تريد الأحزاب من الفترة الانتقالية مع اعترافنا بأهمية الأحزاب في صناعة أسس التغيير القادم في البلاد والمساهمة في بعض مؤسسات الانتقال كمفوضية الانتخابات والمفوضيات الأخرى ذات الصلة المباشرة بعملية التحول الديمقراطي في السودان حتى لا تفصل وفق أجندات محددة.
ان مبادرة فولكر في ظل حالة التوهان هذه تظل تكتب في حروف بلا نقاط ما لم يتم الاتفاق على أسس معقولة وتوافقية بين هذه الكتل السياسية المتشعبة و ( المتعددة ) للمضي قدما في الانتقال وأكثر ما لفت نظر الخواجة فولكر هو هذه الأعداد المهولة من رؤساء الأحزاب وقادة المبادرات السياسية الذين يفدون جماعات إلى مكتبه في مقر البعثة الأممية بعضهم يطلب المقابلة والآخر يقذف بأوراق لسكرتارية رئيس البعثة مما أوجد في مكتبه ملايين من الأوراق والوصفات العلاجية للحالة السودانية المتأخرة.