صوت الحق- الصديق النعيم موسى – ما بين زيادة المرتبات ورفع الدعم ونهضتنا !!

كثيراً ما أتسامر مع صديقي الغالي ، المهندس أشرف عبد الماجد البدوي الغبشاوي ، عن حال البلاد وما آلت إليه من قِبل النُخب الحاكمة وهي بلا شك ليست وليدة اللحظة وإنما مشاكل قديمة متجذّرة ودائماً ما يقول لي : خيراتنا كافية لنعيش في أفضل حال ولكن عدم توفّر الإرادة وغياب الضمير الذي غفل عنه الكثيرون ( إلاّ من رحم الله ) والحال يغني عن السؤال بسبب غياب الرؤية وعدم تقديم التنازلات التي قد تطيح بالدولة السودانية إن لم نتدارك الأمر الخطير . نعم يا صديقي أشرف خيراتنا كثيرة وكافية لبناء الوطن بأحسن حال ما نريده فقط التوافق على بناء وطنٍ سليم ، ينال فيه الجميع حقوقهم السياسية والإقتصادية ومن ضمن ما توقّفنا فيه الأجور الضعيفة التي ينالها موظفي الدولة وهنا تكمن المفارقة العجيبه أجر ضعيف جداً وفي مقابله أكيد ضعف الإنتاج سوى كان في الخدمة المدنية وبقية هياكل الدولة .
وبرغم ضعف الأجور هذه تم رفع الدعم عن الكهرباء ولم أشاهد خبر مدعوم منذ فترة و على الأرجح أنه لا شئ مدعوماً على الإطلاق ، فألدولة رفعت يدها من كل شئ وليت لهم الشجاعة في إعلانه رسمياً ، فبرغم نفي المالية عدم رفع الدعم من الخبز المدعوم والكهرباء لكننا تفاجأنا بغير ذلك ففي أول أيام العام الجديد تم تطبيق زيادة كبيرة جداً على الكهرباء و جاء على لسان مديرُها العام المهندس أمين عثمان يوسف : ” أنّ اسباب زيادة التعرفة ترجع لتكلفة التشغيل العالية لقطاع الكهرباء وعمليات الصيانة وأشار في حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق أن التيار الكهربائي سيشهد إستقراراً وتقليل القطوعات في الصيف القادم إذا التزمت وزارة المالية بتوفير الاموال للوقود والصيانة ” وهنا نسأله وأذا لم تلتزم المالية بتوفير الأموال هل ستتواصل القطوعات ؟ وبكل تأكيد هذا الأمر متوقع جداً ، فقطوعات الكهرباء بعد رفع الدعم أمر إستفزازي وغير مقبول في حالة حدوثها وجدولتها خاصة في الصيف ( بالله هو الشتاء البارد ده قاعد تقطع الصيف يكون كيف ياربي ) فألمواطن يشتري مقدماً وبمبلغ ضخم ومع هذا إن لم يكن هناك إلتزام بتوفيرها وعودة البرمجة مجدداً فما الفائدة من رفع الدعم إذاً .
الآن المحك الحقيقي لوزارة المالية زيادة المرتبات الأمر الذي يجب التوقّف فيه كثيراً ، فيه مرتبات ضعيفة شحيحة لا تغني ولا تسمن من جوع ( مرتبات السجم ) قبل أقل من شهر تقريباً أضرب عمال مطبعة العملة مُطالبين بحقوقهم ، أسرع وزير المالية د جبريل لهم ، ويبدو أننا أمام فصلٍ جديد من الطباعة ( رب رب رب ) وإلاّ من أين لهم بزيادة المرتبات التي وعدوا بها . تعيش الخدمة المدنية أسوأ حالاتها نسبةً لتردي الأجور الأمر الذي يساعد في التدهور المستمر كما أسلفت خاصةً بعد زيادة الكهرباء ( يتني لو عندك مُكيفين بس الضحك شرطك ) ستشتري بمرتبك كهرباء فقط ، هذه البلاد لا تحتاج لطباعة نقود لتوفير المرتبات والميزانيات فما تحتاجه حكومة كفاءات حقيقيه تستخرج خيراتنا المدفونة من زراعة وذهبٍ وثروات طائلة فقط نحسن إدارتها حينها ستكون مرتبات الدولة كافية والناتج القومي أكبر ، ترفّعوا عن الهِبات وأستعينوا بأبناء الوطن المُخلصين الأوفياء الذين لهم الباع الطويل في نهضة الكثير من الدول . كارثتنا منذ الإستقلال في وضع الرجل المناسب في موقعه وحتى حكومة قحت نالت حظها من الفشل .
أزمة الأجور عامة ومرتبات أساتذة الجامعات خاصةً تُمثّل تحدياً كبيراً لوزارة المالية مع أرتفاع الأسعار بصورة كبيرة جداً يعجز العاملون عن مجابهتها وسوء الأوضاع الإقتصادية ، فهل زيادة المرتبات ( عبر طباعة العملة ) تمنع زيادة التضخم ؟ وهذا هو المتوقع ، وفي نفس الوقت تبقى زيادة الأجور أمر لابدّ منه فأساتذة الجامعات أعلنوا موقفهم الرافض ما لم يُجاز هيكلهم الراتبي الذي رفضته المالبة مؤخراً وإلتزمت لهم بخمسون في المائة من الهيكل الذي قدموه . سيظل الأمر سجالاً هكذا ما لم تُحل المُشكلات من جذورها وهو الأمر الذي يغفل عنه الكثير ، نهضة بلادنا وإقتصادنا ليست مستحيلة فقط كفاءات صادقة تبدأ من ( الصفر ) تتحرك المصانع وتُزرع الأراضي الشاسعة . وقبل ذلك كله حوجتنا الآنية للتوافق السياسي وتقديم مصلحة البلاد العُليا التي تحتاج لكثيرٍ من التنازلات العاجلة ودعونا نبدأ صفحة لبناء الوطن الجريح الذي ينزف والذي يفقد شبابه ، فألذي يحول بيننا وبين الإستقرار وبداية النهضة الفعلية هو التوافق فقط لو إتفقنا سننهض لا محال ونعبر ونبني دولتنا بالعدل والقانون .
تنازلوا قبل فوات الآوان ،،
تنازلوا من أجل الوطن ،،
تنازلوا من أجل الدماء التي أُزهقت ،،
اللهم أحفظ السودان وشعبه .
اللهم بلّغت ،،
اللهم فأشهد ،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى