ابراهيم عربي يكتب : (إستقالة حمدوك) … سيناريوهات وإحتمالات ..!

بقلم : إبراهيم عربي
ليس جديدا وقد تناولت ذات الوسائط في وقت سابق أنباء عن إعتزام حمدوك تقديم إستقالته ، وصفها البعض إنها مجرد (مراوغة) لكسب بعض النقاط ، غير أن الأنباء قد تضاربت ثانيا وتباينت المعلومات حول إستقالة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ، في وقت دخلت فيه الأوضاع في البلاد مرحلة الخطر الداهم ، ولا أعتقد أنها تحتمل ولو مجرد التلويح بالإستقالة ..! ، ولذلك فإن تقدم حمدوك بإستقالته في ظل هذا الظروف مشكلة وإن تمت إقالته أيضا مشكلة ..! .
في الواقع أن الخبر كما جاءت به (رويترز) نقلا عن (مصادر مقربة من حمدوك) ، قالت (أن الرجل يعتزم تقديم إستقالته خلال ساعات) ، وسار مكتبه معززا لذات السيناريوهات الغامضة المرسومة بدقة ، وبالتالي اعتقد التلويح بالإستقالة في هذا التوقيت لا يعدو أن يكون مجرد عملا إستخباراتيا سياسيا تحت سلاح الشائعات لفك العزلة والخناق عن الرجل ومحاولات لإعادة الثقة فيه لتكملة المهمة ، لا سيما وأن الناقل والمنقول منه والحدث والفاعل جميعهم تحت ذات اللواء .
فانتشر خبر الإستقالة دون نفي أو تأكيد رسمي وسار به الجميع كل حسب أجندته وتقاطعات مصالحه  وقد تناقلتها الوسائط سريعا وبعيدا وبعضها أضافت عليه (بهارات) وآخرين أولوه بالتحليلات والتكهنات فيما رسم بشأنها مراقبون عدة سيناريوهات وفقا لتكم التباينات والظروف التي جاءت في سياقها المعلومة من إحتجاجات ومليونيات إتساقا مع الملابسات التي تواجهها المرحلة الإنتقالية وتقاطعاتها وتجاذباتها ، في ظل حالة الإنسداد في الأفق السياسي التي جاءت متلازمة لقرارات 25 إكتوبر وإتفاق (البرهان حمدوك) .
غير أن إجتماعات الدكتور حمدوك ظلت متواصلة مع رئيس المجلس السيادي ونائبه بعيدا عن أعين الإعلام والتصريحات الرسمية كأن شيئا لم يكن ، ولكنها إجتماعات يبدو إنها كانت بعيدة أيضا عن دهاليز مكتب الرجل مع بعض السياسيين في مركزية الحرية والتغيير ومجموعة الميثاق وغيرها من الجهات المختلفة ولكنها بالطبع ليست بعيدة عن فوكلر بيرتس رئيس البعثة الأممية (يونيتامس) الذي أصبح اللاعب الأساسي رقم (1) في كل هذه المباريات وربما يحمل شارة الكابتن ..! .
قبل عامين تقريبا كتبنا مقالا لسيناريو في مثل ذات الظروف وذات الملابسات تحت عنوان (حمدوك ماشي وين بالليل دا..؟!) ، وصفنا فيها الأوضاع بالسيئة ولكنها الآن أصبحت أوضاعا كارثية حيث أفرغت الثورة عن أهدافها وتفرق الثوار أرض سبأ وفقدت  (قحت) مسروقها وظلت تتناحر وتتصارع فيما بينها ، والشارع ملتهب من مليونية لأخري ، في وقت أصبحت فيه كلفة الحياة المعيشية فوق طاقة المواطن ، قالت الأمم المتحدة أن 30% من الشعب السوداني في حاجة لإعانات بينما يقدرها مراقبون 50% ، في وقت اتضحت فيه نوايا المجتمع الدولي ، فقد تراجع هؤلاء عن وعودهم بدعم حمدوك لقيادة السودان إلي بر الأمان ، وبالتالي تدهورت  الأوضاع إلي الأسوأ فقد تضاعفت الاسعار بنسبة 1000% وتجاوز الدولار (450) جنيه وربما تجاوز التضخم 400% والأعلي عربيا في ظل قرارات محتملة برفع الدعم كليا ونهائيا وإنفلات الأمن وتوقف عجلة التنمية والخدمات وعن الأوضاع السياسية حدث فلا حرج ..! .
بلاشك أن حمدوك نفسه محبط ومحبط (بفتح الباء وبكسرها) ونحن أيضا محبطون (بفتح الباء) مما يدور بشأن السودان داخليا وخارجيا وقد وصلت الأوضاع في البلاد لأسوا حالاتها (أمنيا ، سياسيا ، إقتصاديا ، إجتماعيا) ، بالتالي أصبح الإحباط سيد الموقف ، وليست ماما أمريكا لوحدها وليس رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لوحده ليقدم إستقالته أو إقالته ، بل الجميع محبطون (بفتح الباء) ، وبالتالي فإن كافة السيناريوهات والتوقعات محتملة ..!
فالسودان يواجه ظروفا قاسية داخلية وإقليمية ودولية تهدد وجوده كدولة آمنة ومستقرة وبلا شك هو المفتاح للأمن والإستقرار في المنطقة ، وللخروج من هذا الواقع المأزوم المحبط المطلوب من المجتمع الدولي دعم السودان سخيا بلا قيد أو شروط ، ولكن قبل كل ذلك علي أهل السودان سياسيين ومواطنين جميعا التنازل والتوافق والتواثق علي رؤية وطنية ليكون السودان سودانا .
الرادار … الثلاثاء 28 ديسمبر 2021 .  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى