إبراهيم عربي يكتب :  (محاكمات رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (23)

توقفنا في الحلقة السابقة أن قضاءنا ومحاكمنا مطلوب منها أن تنفي عن نفسها تهمة الإملاء والتي باتت شائعة في ردهات المحاكم ، ويجد هذا الإتهام صداه وإثباته بقرينة ذلك التطابق والتماثل من خلال الواقع إلي أن يتم إثبات أن (التخاطر) بين قضاة تلك المحاكم أصبح حقيقة واقعة !!! .
علي كل فإن وجه الإسترابة من ذلك يتمدد ويجد مايغذيه من جراء سلوك غريب علي مهنة القضاء ، فقيام رئيس الجهاز القضائي لولاية الخرطوم مولانا الشيخ حسن فضل الله والذي أعيد تعيينه قاضيا بالمحكمة العليا بعد أن غادر هذه المهنة باكرا وهو في مقتبل حياته القضائية بأسباب يري الكثيرون أنها لم تكن سياسية ، ثم إمتهن مهنة المحاماة وغدا ناشطا سياسيا بحزب المؤتمر السوداني وقاد حملة لتعيينه واليا لولاية القضارف .
وليس ذلك فحسب بل هذا القاضي السابق والذي لم يتم الإكتفاء فقط بإعادة تعيينه قاضيا بالمحكمة العليا فقط وإنما تم تكليفه برئاسة الجهاز القضائي بالخرطوم ، وهي وظيفة كان يتولاها كما جري العمل قضاة المحكمة العليا الذين يلون نواب رئيس القضاء في الأقدمية وتتوفر لهم خبرة ودربة إدارية مميزة في إدارة وتسيير عمل المحاكم ، وفي الذهن مولانا المرحوم العالم الدكتور علي ابراهيم الإمام ، مولانا عبد الله أبو عاقلة أبوسن ، ومولانا محمد حمد أبوسن وغيرهم من الإعلام الذين أثروا الساحة القانونية بأحكامهم ، حيث درج مولانا الشيخ حسن علي المرور علي المحاكم التي تنظر في قضايا رموز النظام السابق بل ويتعمد الحضور بعد بدء الجلسات ويوضع له كرسي خاص بصدر المحكمة . 
فذلك يدعو للإستغراب والتساؤل ماهذا الذي يحدث ؟!!! ، فالسيد الشيخ هو بحكم منصبه كرئيس للجهاز القضائي بالخرطوم يعتبر رئيسا لمحكمة الاستئناف التي تنظر في الاستئنافات التي يتم تقديمها ضد قرارت ذات المحاكم ، إلا يعتبر مشاركا والحال هذه في قرارت تلك المحاكم !! ؟ هذا إذا تقاضينا عن كونه مثار اتهامات جدية بشأن علاقته بتلك الأحكام !! واضح أن عدالتنا أمام محك صعب ، فلم يعهد العمل القضائي في كل أنواع العالم بل وفي أسوأ دول الأداء القضائي المعيب مثل هذه الممارسات ، فالعمل القضائي كما ذكرنا سابقا لايجري علي نسق طريقة مفتشي التعليم وموجهي المواد في إطار النظام التعليمي !!!.
الأسواء أن الرجل تصدي لمهمة أخرى لا دخل له بها ولا سلطان له عليها ، فقد سارع فور تعيينه في ذلك المنصب الخطير إلي عقد العديد من الإجتماعات مع إدارة السجون والخدمات الطبية بالشرطة من أجل تقييد وصول رموز النظام إلي مشافيهم وأطبائهم الذين يتعالجون لديهم ، ترتب علي تدخله وفاة المرحوم الزبير أحمد الحسن كما بينا في مقال سابق ، وقد كشف بحثنا الإستقصائي إنه منذ ذلك الوقت لم يستطع أحدا من رموز النظام السابق المعتقلين من الوصول الي طبيبه !!! ولذلك فإننا ندق ناقوس الخطر عاليا بشأن النتائج الكارثية المترتبة علي ذلك .
وليس ذلك فحسب فمن المفارقات الجديرة بالرصد والتوثيق أيضا تصرف هيئة الإتهام في الجلسة السابقة للمحكمة الخاصة بإنقلاب الإنقاذ فقد تغيبت هيئة الإتهام عن الجلسة ولم تكلف أحدا من أعضائها بالمثول أمام المحكمة لبيان سبب تخلفهم وعدم حضورهم لتلك الجلسة والتي كان جزء منها مخصصا للإ ستماع لرد هيئة الدفاع عن المتهم إبراهيم السنوسي علي إتهام عضو لجنة هيئة الإتهام مولانا عبد القادر البدوي للدفاع (بأن أداءه يتسم بالإستهتار) وهي مشكلة كان كما بينا سابقا قابلة للإحتواء بإعتذاره عن ذلك الوصف لزملاء مهنته وللمحكمة لو تواضع قليلا ولكن لأن أشرعته مليئة برياح السلطة المتحكمة في المؤسسات العدلية بوصفه رئيسا للجنة القانونية لقحت ، ويتولي بتلك الصفة رئاسة لجنة معاينات قضاة المحكمة العليا لتنصيب أحدهم رئيسا للقضاء فقد أبي واستكبر ، وأعتقد أن هيئات الدفاع عن المتهمين قدمت له في الجلسة قبل الماضية ما قبل جلستي غيابهم درسا قاسيا في أصول المهنة بإعتذار كل الهيئات عما بدر من أحد محامي المتهم عمر عبد المعروف من تصرف عدته المحكمة ماسا بها وتم إحتواء الأمر في سياقه ذلك وهي ممارسة يومية للمحامين الممارسين للمهنة .
علي كل لقد خرجت هيئة الإتهام بتصريح صحفي نشره عضو تلك الهيئة المعز حضرة أفاد فيه بأنهم غابوا عن جلسة المحكمة تلك عمدا بل وأعلن مقاطعتهم لها لأنهم رفعوا مذكرة لرئيس القضاء ضد أداء القاضي الذي يتولي رئاستها من بعد مولانا المتنحي عنها (مولانا عصام) ولحين البت في ذلك الطلب سيقاطعون أعمال تلك المحكمة ، وأعتقد أن الممارسة المهنية السليمة تتطلب الحضور إلى المحكمة وإعلان ذلك بل والطلب من المحكمة وقف الإجراءات وإن لم تستجب لهم المحكمة فبمقدورهم طلب ذلك من  رئيس القضاء بالإنابة كأمر وقتي لحين البت في طلبهم !!  لقد كان بمقدورهم ذلك لو لم يستشعروا أنهم هيئة فوق المحكمة بل وفوق القانون نفسه للأسباب التي بيناها أنفا.
إذا المحكمة في جلستها السابقة والقادمة ورئيس القضاء بالإنابة أمام تحدي عظيم لسلطتهم فأما أن يثبتوا قدرتهم علي ممارسة سلطتهم إذاء ذلك التصرف المعيب قانونيا ومهنيا وأما سيكون علي العدالة السلام .
نواصل السبت المقبل 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى