ابراهيم عربي يكتب :(مظاهرات الثالث من يونيو) .. البلاد إلي أين ..؟!

الخرطوم الحاكم نيوز
 إنعكست حالة الإحباط في الشارع العام من بؤس وغلاء وفقر وأزمات وندرة ، فانعكست سلبا علي مسيرة العدالة المليونية التي حدد لها وقفة أمام مجلس الوزراء ، دعت لها مكونات الثورة أمس الخميس ،وقد تباينت شعاراتها بتباين توجهاتهم وأهدافهم فاختلفوا ودخلت معطيات جديدة ، ولذلك جاءت ضعيفة لم يتجاوز المشاركين فيها (ألفي) شخص ، ولكنها كشفت حقيقة مهمة أن السواد الأعظم من الشارع ليس مؤدلجا ، ليس مع القحاتة ولا مع الحزب الشيوعي ورفاقه من أحزاب الركشة المفارقون للجماعة ، المتشبحون في الحكومة والشارع معا .
المسيرة نقلها تلفزيون السودان لأول مرة بمهنية عالية أبدع فيها الزميل محمد الزبير إسماعيل والزميلة عواطف مع ضيوفها داخل الأستديو، أداء متميزا نالت به إدارة القناة الرضا والإستحسان ، وبالطبع خطوة مسحت الصورة الذهنية السيئة التي إنطبعت علي أذهان الثوار ، غير أن اللقاءات المتنوعة بذاتها أثبتت تباين توجهات الضيوف مابين الموضوعية وعدمها ، إذ لازال البعض في محطة كيل الإتهامات للكيزان ، في محطة سياسة التعليف وسواقة الناس بالخلا والتي ماعادت تقنع راعي الضان في البادية ، وكان ذلك بينا من خلال المسيرات التي إنطلقت مماثلة بولايات السودان المختلفة ، فكانت في جزر معزولة ومفرغة عن مضامينها كل يغرد علي ليلاه و(كل زول بونسو غرضو) .
رغم أن المسيرة إنطلقت في الخرطوم سلمية تباينت الدعوات لها ، ولكنها مع الأسف حالما تحولت لتظاهرة عدائية وكر وفر بين بعض الثوار وقوات الشرطة التي أطلقت البمبان عليهم بكثافة بعد أن قدمت لهم المياه والحماية في موكب العدالة بمناسبة الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة العامة ، وتطورت بعيدا عن موقع الحدث فأدت لمقتل شرطي بالسوق العربي شهيدا وإصابة آخرين ، فيما هتف بعض المتظاهرون من أمام مستشفى التميز الوجهة الثانية للوقفة ، مطالببن بالقصاص للشهداء وتحقيق مطالب الثورة المتمثلة في شعارها (حرية ، سلام وعدالة) .
الواضح أن أهداف المليونية قد تباينت واختلفت الرؤي حولها ما بين الدعوة لتحقيق العدالة والدعوة لإسقاط الحكومة الإنتقالية حسبما دعا لها الحزب الشيوعي بتجمه وآلياته الأخرى فأخرجت المليونية عن سلميتها وأهدافها المعلنة تلك مع الإصرار والترصد ، حيث تطورت الخلافات فأحرق متظاهرون شعار الحزب الشيوعي سويا مع العلم الإسرائيلي للمرة الثالثة مما يؤكد رفض الشارع لمشاركات ودعوات الحزب الشيوعي المنبوذ !.
الواقع أن المظاهرات أثبتت فشل قحت وفشل الشيوعي وإن الشارع يغلب عليه الشباب غير المؤدلج وهم شباب الثورة الذين سرقت ثورتهم ، وقد حاول الحزب الشيوعي سحب البساط من تحت اقدامهم بالشارع العام من خلال مشاركة بعاعيته وبعض الأطفال الذين غرر بهم لتمرير أجندتهم ولكنها دعوة قصد منها الحزب الشيوعي دعم كوادره التي ظلت تسيطر علي مؤسسات الدولة ، إنها دعوة معلنة لإسقاط الحكومة ولكنها مع الأسف الشديد لم تجد أي إنتقاد أو إجراءات أمنية توقفها عند حدها ، إذا لماذا إزدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين من قبل السلطات في الحكومة الإنتقالية مع الآخرين ، ولذلك من الطبيعي جدا أن تتباين التوجهات وتتصاعد حدة الخلافات بين المتظاهرين .
وليس ذلك فحسب فقد تعددت الشعارات مابين الدعوة لإسقاط الحكومة الإنتقالية ، والمطالبة بإسقاط المكون العسكري من جهة وإلغاء الوثيقة الدستورية المغتصبة ، غير أن بعض الهتافات طالت   الدكتور حمدوك في نفسه وعباراته ومنهج إداراته ، فيما هتف الثوار من أمام مجلس الوزراء ضد الحزب الشيوعي معترضين أحد كوادره مخاطبة المناسبة محملين الحزب مسؤولية دماء الشهداء و إنهيار الخدمات ، فيما إكتفي بعض الثوار بتتريس الشوارع مخاطبين مطالبهم المحلية من ضبط السوق وتوفير الرغيف والمياه والكهرباء والغاز وحفظ الامن الذي أصبح مفقودا ، وآخرين غلبتهم الحيلة غضبا وأسفا علي حكومة حمدوك والبديل المفقود ..!.
من الواضح أن الوساطات مشت ليلا بين الثوار ، وقد نجحت في تشتيت الجهود وإثناء الكثيرين عن المشاركة في المسيرات المختلفة ، التي تغيرت شعاراتها وأهدافها ، لهتافات إتهمت العسكر بفض الإعتصام وإغتيال الشهداء ، كما إتهمت القحاتة بالتآمر معهم وبيع دم الشهداء بالغدر والخيانة ، قبل أن تتحول لأعمال تخريبية طالت مؤسسات عامة وخاصة والإعتداء علي أسواق سعد قشرة في بحري وعمارة الذهب بالخرطوم وغيرها تصدت لها الشرطة التي إستخدمت أحدث وسائلها وإمكاناتها للمحافظة علي سلمية المظاهرات في خطوة جديد يحمد لها ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !.  
ولكن يبقي السؤال قائما من قتل الشهيد وكيل عريف عثمان حسين وكيف ولماذا؟! ولماذا الآخرين شهداء ولم يكن عثمان هذا شهيدا ؟ ألم يستحق عثمان مليونية ؟! وتلك بذاتها سياسة الكيل بمكيالين التي أدت لخلافات وسط منظمة الشهداء التي إهتمت بشهداء فض إعتصام بالقيادة العامة دون غيرهم من رفاقهم الآخرين بالمركز وولايات السودان المختلفة ، أليس العسكريون وكل النظاميون أيضا شهداء ؟، نسأل الله المغفرة والرحمة لكل شهداء الواجب والوطن مدنيين وعسكريين من أول شهيد ضد الإستعمار وحتي عثمان حسين جعلهم الله جميعا في أعلي عليين .
نستخلص من كل ذلك أن حكومة حمدوك فشلت فشلا ذريعا في كل شيئ حتي الأخلاق والصدق والشرف والأمانة وبالتالي ماعادت عبارات (سنصمد وسنعبر وسننتصر) توفر قوتا أو كهرباء أو مياه أو جرعة  دواء أو أمنا ، تماما كما إختفت عبارة شكرا حمدوك والتي أصبحت نموذجا للتندر والسخرية ، حتي تلكم العبارات الخطل التي وصفوا بها الرجل المخلص والمؤسس ما عادت مستصاغة أكثر من إنها كسير ثلج ليست في محلها . 
وبالتالي أصبحت تلكم الأزمات المتطورة في ظل الفشل المستمر من قبل حكومة حمدوك مبررات كافية لاسقاط الحكومة ، وبالتالي نحسب ليس أمام الجميع من مخرج وإلا التسامح والتصالح المجتمعي وأن يصبح الجميع شركاء في برنامج وطني متفق عليه لإدارة الدولة لأجل الوطن !. 
الرادار .. الجمعة الرابع من يونيو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى