أخر الأخبار

الرئيس أفورقي آخر من تبقى من حكماء القرن الأفريقي – ماذا قال في الرياض؟

 

 

عبد النبي شاهين – الرياض

لقائي المطول مع الرئيس الاريتري اسياس افورقي في الرياض لم يكن لقاءا صحفيا عاديا مع رئيس دولة ، فقد التقيت خلال مسيرتي الاعلامية عشرات الرؤساء والملوك ورؤساء الوزارات ،، بل كان لقاءا مع زعيم افريقي يتكئ على تاريخ حافل بالتحولات الاستراتيجية في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي ، فهو آخر من تبقى من حكماء القرن الأفريقي ، واكثرهم رفضا للتدخلات الخارجية في بلاده والمنطقة واحد صناع الاستقلال لأرتريا معشوقة السودانيين

الرئيس افورقي يحمل هم السودان اكثر من بعض قادته مستندا إلى وعي سياسي وتاريخي ، ومواقفه مع الشعب السوداني خلال هذه الحرب لا تقدر بثمن فقد فتح بلاده على مصراعيها كل ابناء الشعب السودان الهاربين من نيران الحرب بلا أي رسوم لتأشيرات او الاقامات ، وعندما حاول القائم بالأعمال السوداني السفير خالد عباس، استغلال هذا التسامح ليفرض من جانبه رسوما على مواطنية القادمين الى ارتريا قام بطرده فورا

واخبرني خلال لقائي به ان اجتماعه مع سمو ولي العهد السعودي كان من انجح الاجتماعات خصصت بشكل كبير لوقف الحرب في السودان وكشف المزيد من تفاصيل الدور الذي يقوم به كفيل الحرب ومعاونيه لكسر الجيش السوداني وهزيمته واستسلامه في ارضه ، لصالح مليشيا اختطفها هذا الكفيل من احضان الجيش نفسه وموله وسلحه في اطار مشروعه لتوسيع نفوذه في افريقيا وحوض البحر الأحمر بعدما تمدد في اليمن مستفيدا من تسامح السعودية وصبرها طوال الفترة الماضية

وفي اعتقادي ان الرؤية السعودية للحرب في السودان قد تطورت كثيرا بعد هذا اللقاء فالرياض والقاهرة والخرطوم وأسمرة بمعاونة عواصم اخرى صديقة مثل تركيا وقطر يسعون حاليا لإعادة تشكيل الترتيبات الأمنية الاقليمية خاصة مع تحول البحر الأحمر إلى مساحة جيوسياسية متنازع عليها بشكل متزايد ، مما يفرض اعادة تموضع سعودي يمكنها من العمل مع دول حوض البحر الأحمر على اعادة الأمور الى نصابها ووضع حد للفوضى التي تحدث بفعل تدخلات دول صغيرة نيابة عن اسرائيل التي تمضي قدما في تنفيذ خطتها القديمة والمعروفة بخطة ” ينون ” ، والتي تسمى ايضا بخطة ” كيفونيم ” بمعنى (اتجاهات) نسبة للمجلة التي نشرتها وهي مجلة تصدر عن المنظمة الصهيونية العالمية ، وانصح بالاطلاع عليها

الرئيس اسياس افورقي يلح على ضرورة ان تعيد السعودية تموضعها في منطقة حوض البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الإفريقي باعتبارها دولة محورية تنتمي جيوسياسيا الى هذا الفضاء المشحون بالأزمات ، فهو يعتبر ان هذا التموضع ليست خيارًا تكتيكيًا، بل ضرورة استراتيجية تمليها معادلات الأمن القومي، والتحولات الدولية، وطموحات المملكة المستقبلية وتدعمه .

وفضلا عن الأهمية الأستراتيجية لزيارة الرئيس افورقي للرياض والتي جاءت بناء على دعوة من سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تمت اضافة الى كل ما ذكر سابقا ، في إطار رؤية المملكة 2030 التي تولي اهتماماً كبيراً بتعزيز الشراكات مع دول الجوار الإقليمي ، حيث تتمتع إريتريا بموقع استراتيجي حاكم على مضيق باب المندب، مما يجعل التعاون معها ركيزة أساسية في منظومة أمن البحر الأحمر

فالرئيس الإريتري يؤمن ايمانا عميقا بأن أمن البحر الأحمر لا يمكن أن يُدار من خارج الإقليم، بل يجب أن يكون مسؤولية الدول المشاطئة له، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية لما لها من ثقل سياسي دولي واقليمي ، وقد أكد في أكثر من مناسبة أن الرياض تمثل ركيزة استقرار أساسية في منطقة حوض البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي ، وأن دورها يجب أن يكون استراتيجيًا طويل الأمد، لا موسميًا أو ظرفيًا.

ومن منظور الرئيس أفورقي، فإن أي فراغ تتركه القوى الإقليمية المسؤولة، ستملؤه بالضرورة قوى أخرى لا تشارك شعوب المنطقة مصالحها ولا أولوياتها ، لذا فهو يدعو إلى شراكة سعودية – إفريقية قائمة على الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، التعاون الأمني دون وصاية أو إملاءات خارجية المصالح الاقتصادية المشتركة

انتهى
ملحق صورة حديثة اثناء اللقاء مع الرئيس افورقي قبل اسبوع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى