شرف الدين أحمد حمزة يكتب :في الذكرى 52لثورة 25مايو الإشتراكية (لكي لا ننسى)

الخرطوم الحاكم نيوز

التقارير المخابراتية التي تجمعت على طاولة المرحوم الرئيس إسماعيل الأزهري رئيس وزراء السودان في عام 1969ضمن أزهى حقب الممارسة الديموقراطية في السودان أفادت بأن أصابع رجال المخابرات بالسفارة المصرية بالخرطوم تعبث داخل القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وأفادت بأنها قطعت شوطا بعيدا لإنهاء الحياة الديموقراطية في أجمل عصورها وإسدال الستار عليها في السودان.
وكانت الجمعية التأسيسية في ذاك العصر الزاهي قد شارفت على البدء في مرحلة القراءة الثالثة والأخيرة لمشروع الدستور الإسلامي بعد أن فاز هذا المشروع بموافقة أغلبية نواب الجمعية التأسيسية بعد مداولات مستفيضة كما تثبت ذلك وثائق مداولات الجمعية التأسيسية على مدار أكثر من سنتين.

■قام الرئيس المرحوم إسماعيل الأزهري رئيس الوزراء بإيفاد سكرتيره الخاص الأستاذ/صالح أحمد إسماعيل برسالة عاجلة إلي الرئيس المصري جمال عبد الناصر يرجو خلالها من الرئيس عبد الناصر التدخل وإيقاف النشاط الهدام لرجال مخابراته بالسفارة المصرية بالخرطوم والكف عن التدخل في شئون القوات المسلحة السودانية خاصة والحياة السياسية الديموقراطية في السودان إجمالا_وكان السيد/صالح أحمد إسماعيل معلوم عنه أنه يجد دوما طريقة سهلا وميسرا لمقابلة الرئيس المصري جمال عبد الناصر بمجرد أن تطأ قدماه القاهرة للثقة المتبادلة بين الرئيس المرحوم إسماعيل الأزهري،رئيس الوزراء والرئيس المصري جمال عبد الناصر_ فقد غادر الأستاذ صالح إسماعيل الخرطوم في22/مايو/1969وقام على الفور بالتواصل مع رئاسة الجمهورية بالقاهرة فور وصوله لتحديد موعد لمقابلة الرئيس لتسليمه رسالة الرئيس الأزهري،ومضى23/مايو/1969بكامله ولم تحدد الرئاسة المصرية موعدا للمقابلة على عكس ما كان مئلوفا دوما في مثل هذه الأحوال بين الرئاستين السودانية والمصرية سيما في الأحوال التي يكون فيها الأستاذ صالح أحمد إسماعيل هو المبعوث الشخصي للرئيس الأزهري.
وتكررت إتصالات الأستاذ/صالح بالرئاسة المصرية وكان الإعتذار الدبلوماسي الأنيق دوما بإنشغال جدول وبرنامج الرئيس عبد الناصر وكانت المفآجأة أنه في صباح25/مايو/1969أذاع العقيد أ.ح جعفر محمد نميري البيان الأول لثورة مايو الإشتراكية في السودان وهو البيان الذي أسدل الستار بقوة على الحياة الديموقراطية في أبهى عصورها في السودان،وتم إعتقال الرئيس إسماعيل الأزهري ورموز حكومته وإيداعهم بسجن كوبر توطئة لمحاكمتهم بتهم الفساد إلي أن مرض الرئيس الأزهري بعد السماح له بحضور جنازة شقيقه المرحوم” علي الأزهري” حيث نقل إلي المستشفى الجنوبي بالخرطوم ولاقى بعض الإهمال الطبي المتعمد إلي أن توفاه الله وتم نعيه للشعب السوداني بصيغة لا تليق بتاريخه الوفي وسيرته الوطنية الذاخرة حيث قالت إذاعة “أم درمان” ((توفي بمستشفى الخرطوم الجنوبي إسماعيل الأزهري المعلم السابق لوزارة التربية والتعليم))!!!

■قدم العقيد أ.ج/جعفر محمد نميري رئيس مجلس قيادة ثورة مايو الإشتراكية أعضاء مجلسه المكون من مجموعة الضباط من المنتمين للقوميين العرب الموالين للناصرية وهم اللواء خالد حسن عباس،والرائد مأمون عوض أبوزيد،والرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر،والرائد أبو القاسم محمد إبراهيم،كما ضم المجلس الرائد أبو القاسم هاشم وطعم العقيد أ.ج جعفر نميري مجلسه من الضباط الشيوعيين وهم العميدأ.ج/بابكر النور سوار الدهب،والرائد فاروق عثمان حمدلله،والرائد هاشم العطا،ووضع السيد/القاضي بابكر عوض الله رئيسا للوزراء وهو كذلك من المنتمين للناصرية فكرا وعقيدة سياسية.

■لم يتوار أو يختفي الحزب الشيوعي بل بادر ودعم ثورة مايو الإشتراكية بثقله كله وبكوادره العسكرية والسياسية حيث سطعت نجوم كوادر الحزب الشيوعي ورموزه وقيادته التاريخية على مسرح الحياة السياسية السودانية في عهدها الجديد فكان أن برز نجم المحامي فاروق الوعيسى،والمحامي الجنوبي جوزيف قرنق،ومحجوب عثمان،كما إجتهد الشفيع أحمد الشيخ رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال السودان في قيادة وتوجيه الحركة النقابية وعضويتها في مواكب النصرة والتأييد وتلوين الخرطوم بالأعلام الحمراء والتوزيع الأروكسترالي للهتاف الخطير بأن((الخرطوم ليست مكة))!!
وبدأت خطاباتهم في الحشود الجماهيرية تؤكد بأنهم ما جاءوا إلا لتمزيق((الورقة الصفراء)) في إشارة لمشروع الدستور الإسلامي الذي كان قد وصل إلي مرحلة القراءة الثالثة والنهائية قبل الإنقلاب العسكري الشيوعي،وبدأت مرحلة ترجمة الشعار الثوري بأن((التطهير واجب وطني))و((القصاص بالرصاص))وعندها بدأت أعمال أكبر مجزرة للخدمة المدنية في السودان حيث إستهدفت الغالبية العظمى من الكوادر الإسلامية والأخرى المعروف عنها معاداة الشيوعية وبرزت سياسات التمكين لكوادر الحزب الشيوعي السوداني داخل أروقة ومؤسسات الخدمة المدنية،كما إنتهزت المخابرات المصرية فرصتها في زرع كوادرها داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها الحساسة خاصة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

■كان الحزب الشيوعي السوداني سباقا في محاولاته الباكرة لفرض كامل وصايته على ثورة مايو الإشتراكية وحكومتها بصورة سافرة لم ترق للعقيد” أ.ج جعفر محمد نميري” رئيس مجلس قيادة الثورة حيث بدأ يبدي إمتعاضه وترمزه من تكرار الخروقات البرتكولية لسكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب في صعوده لمنصة الخطاب في اللقاءات والحشود الجماهيرية التي يخاطبها رئيس مجلس قيادة الثورة خاصة ما أقدم عليه سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني في اللقاء الشهير في مدينة”بري”بعد أن تكلم الرئيس الأمر الذي دفع العقيد أ.ج/جعفر نميري بمواجهته بحدة رافضا ذلك المسلك الذي يحط من قدر رئيس مجلس قيادة الثورة ويبرز مقام الحزب الشيوعي وسكرتيره العام بكونه القائد الحقيقي للثورة.
لكن الطامة الكبرى أتت بحديث مرتجل للسيد/بابكر عوض الله أمام الجالية السودانية “ببرلين” عاصمة جمهورية ألمانيا الديموقراطية(آنذاك)حيث كانت تمثل محطة مهمة من معسكرات الشيوعية الدولية حيث قال بابكر عوض بالواضح((إن ثورة مايو لن تتقدم وتستمر إلا بالتعاون مع الحزب الشيوعي)).وهنا إنتبه العقيد أ.ج للأهداف الحقيقة التي يسعى إليها الحزب الشيوعي السوداني فباغت الحزب الشيوعي السوداني بضربة قاضية حيث قام بعزل رئيس الوزراء بابكر عوض الله من منصبه، وإعتقال عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني ونفيه إلي مصر، كما قام بطرد الضباط الشيوعيين الثلاثة من مجلس قيادة ثورة مايو وهم:” العميدأ.ج بابكر النور سوار الدهب،والرائد فاروق عثمان حمدلله،والرائد هاشم العطا_كما تحول العقيد جعفر نميري إلي التعاون مع الجناح المنشق من الحزب الشيوعي السوداني_وعندها بدأ الحزب الشيوعي السوداني خطواته غير المحسوبة للإنتحار الجماعي كيف ومتى ولماذا؟؟
♧نواصل إن شاء الله تعالى♧

*شرف الدين أحمد حمزة*
0114541743

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى