خالد شقوري يكتب : ورحل عنا حمد الريح

الخرطوم الحاكم نيوز
اذكر ..وانا يافع ..كنت استرق السمع للصوت المنبعث من الراديو الموضوع على شباك (التكل) في بيتنا في حي الحلنقة بكسلا ..وأمى رحمها الله تدندن بصوت خفيض مع ود البادية (ياجنا ..في بعادنا عن ارض الحنان الليله مرت كم سنة ) رائعة هاشم صديق .. ثم تنقلها طلبات المستمعين الى صداح آخر وهو يحاكي قمريات المساء (حليل الراحو وخلو الريح تنوح فوق النخل) وهنا يتصاعد صوت أمى وهي تمسح دمعة انحدرت على خدها ثم تواصل ضرب (المفراكة) على البامية التى يحبها والدى ..

وانا بين الاغنيتين اسافر بخيالى الغض الى عوالم من الجمال وابنى بالطين تحت شجرة الجوافة بيتا من الجالوص وبقطع الفحم اصنع اغناما وباعواد الشجر اقيم اشجارا .. لوحةً تعزز ما اتصوره في خيالى وانا هائم بين الاغنيتين .. ثم ياتي صوت ابن (بارا) ابراهيم موسى ابا (قشيشة الخريف خدرة شايلالا نوارة) .. فتزداد الصورة التى في ذهنى اخضرارا وانا في عمر الزقزقة كما طيور الجنة التى تحوم حول (ماعون النقاع) تحت جر الماء

ويمضى اليوم وامضى الى ملعب اترابى في الحي وصدى الاغنيات يملأني .. واعود حين عودة والدي لنشاركة سجادة المغرب انا واخوتي ثم نتزاحم على صدره الواسع .. واحيانا اسمعه يردد (خداري البى حالى ماهو داري) رائعة حسن عطيه .. ماهذا الاخضرار الذي يلفنى والذى اسمعه في همسات أمى ورزيم صدر والدى وانبعاث صوت الراديو واراه في اشجار الليمون واللارنجة والجوافه التى تتوسط دارنا المستأجر وفي عيون جدتى لامى مريودة التى تمنحنا اشهرا كل عام ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى