كلمة كانت سببا في إنشاء إذاعة القرآن الكريم المصرية

قبل 56 عاما كانت المرة الأولى التي تنطلق فيها موجة إرسال إذاعة القرآن الكريم من القاهرة بوصفها أول إذاعة متخصصة في إذاعة القرآن على مدار الساعة، قبلها لم يكن يعرف العالم الإسلامي قراءة القرآن إلا بصورة مباشرة في المساجد والمناسبات الدينية والحفلات الخاصة. وكانت قراءة القرآن والإنشاد الديني من طقوس تجمعات المصريين.

في عام 1964 تم افتتاح إذاعة القرآن الكريم المصرية، والسبب كلمة في طبعة فاخرة ومذهبة من المصحف الشريف كانت تباع بثمن زهيد في أنحاء مصر في ذلك التوقيت.

كان سبب سرعة انتشار النسخة المذهبة هو رخص ثمنها، وأحيانا توزيعها المجاني، وهو ما عرف سره بعد قليل، إذ تم اكتشاف تحريف لبعض آيات القرآن الكريم، وكان تحريفها خفيا على نحو لا يثير الشكوك، ففي سورة آل عمران تم تحريف الآية رقم 85 “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” تم تحريف الآية وطبعها دون كلمة “غير”، فأصبح المعنى مختلفا تماما.

وحين تم تدارك الأمر وسحبت النسخة من الأسواق، كان البديل هو طبع المصحف المرتل للشيخ محمود خليل الحصري على أسطوانات، وتوزيعها في كافة أرجاء العالم الإسلامي، في أول جمع صوتي للقرآن الكريم، باعتبار أن تلك الوسيلة هي الأكثر انتشارا في ذلك الحين، لكنها لم تكن كافية.

بقرار من الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر تم البث الإذاعي للقرآن الكريم على مدار 14 ساعة يوميا على الموجتين القصيرة والمتوسطة، وكانت تلك الوسيلة هي الأفضل في الحفاظ على القرآن الكريم من التحريف، حيث كان بث الإذاعة يمتد إلى الملايين من المسلمين في آسيا وشمال أفريقيا.

الدور السياسي للإذاعة
كثيرون لا ينتبهون للدور السياسي الذي لعبته إذاعة القرآن الكريم منذ نشأتها. في الإذاعة المخصصة لتلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، تم إدخال البرامج إلى خارطتها الإذاعية بقرار سيادي في عام 1966، حيث تم اختيار برامج مثل “حديث الروح” و”الدين المعاملة” و”القاموس الإسلامي”.

في عام النكسة 1967، وتهوينا من أثرها السلبي وتحجيم المد الاشتراكي في الإذاعة، تم إدخال القرآن المجود بأصوات كبار القراء المصريين، وفي عام 1973 وبعد حرب أكتوبر تم مد إرسال الإذاعة ليصل إلى 19 ساعة، ثم مده الرئيس الراحل حسني مبارك ليشمل اليوم بأكمله في الاحتفال بعيد الإعلاميين عام 1996.

أزمة تجديد التراث
منذ أيام قليلة تصدّر وسم “ادعم إذاعة القرآن الكريم” في تويتر بعد ظهور فيديو لأحد الممثلين الساخرين يقلد مذيعي المحطة الإذاعية وبرامجها بصوة ساخرة.

كانت هاجر سعد الدين، رئيسة الإذاعة السابقة وأقدم المذيعات اللاتي تخصصن في البرامج الدينية، محط سخرية من الممثل الشاب، عاب الشاب على المحطة الشهيرة تقليديتها المعهودة في نطق أسماء المذيعين والبرامج. لكن الشاب الذي اعتذر لاحقا، فهو -ربما- لا يدري تاريخ تلك السيدة التي حفرت بصوتها العذب وطريقتها المختلفة في الآداء الصوتي، طريقا طويلا بلا مساعدة ولا وساطة.

موسوعة الفقه الإسلامي كان البرنامج الأكثر شهرة لهاجر سعد الدين في الإذاعة المصرية، حيث بدأت ببرنامج “دين ودنيا”، ثم “فقه المرأة”، ثم قدمت “موسوعة الفقه الإسلامي” مع برنامجها الرمضاني “فقه المرأة في رمضان”.

الإذاعية هاجر سعد الدين (مواقع التواصل الاجتماعي)
كانت هاجر هي أول سيدة تعمل بإذاعة القرآن الكريم، التي كانت ترفض في البداية عمل النساء بها، ثم جاءت هاجر لتكسر القاعدة وتكون أول صوت نسائي، وأنثى دون حجاب، تعمل في الإذاعة القرآنية، ثم استمرت في كسر القواعد الجامدة حتى وصلت لرئاسة شبكة القرآن الكريم، ثم حصدت جائزة رسول السلام من الأمم المتحدة في عام 1996.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى