بيان ناري لـ “الإصلاح الآن” حول التطبيع .. (يوم حزين من أيام أمتنا) و الاتفاق صفقة دعائية رخيصة

الخرطوم : الحاكم نيوز

 

أصدر المكتب السياسي لحركة الاصلاح الان السودانية برئاسة الدكتور غازي صلاح الدين العتباني بيانا للرأي العام حول الاتفاق بين السودان وإسرائيل لإنهاء العداء وبدء ما يعرف بالتطبيع ، وقال البيان إن الاتفاق صفقة دعائية رخيصة لترامب وخطوة لم تراعي الحكومة كلفتها السياسية والأخلاقية .

نص البيانح _ حركة الإصلاح الآن

المكتب السياسي

إنه ليوم حزين من أيام أمتنا. يوم يقف فيه رئيس الوزراء الأسرائيلي مفتخراً ومنتشياً ليعلن أن الخرطوم، بعد ثلاث وخمسين سنة من القمة العربيةعام 1967 ، لم تعد عاصمة اللاءات الثلاث، ذلك الاسم الذي كان يجلل هامتها بأكاليل الفخار. الخرطوم اليوم، هي كما قال عاصمة نعم للتفاوض، نعم للصلح، ونعم للسلام مع اسرائيل. صفقة بيعت فيها جبال الوهم لحكام السودان مقابل تنازلهم عن واحدة من أهم ركائز سياسة السودان الخارجية كما عبرت عنها والتزمت بها حكومات السودان الوطنية المتعاقبة في اجماع وتقليد وطني قوي وراسخ.

إن القضية الفلسطينية لم تكن تمثل محوراً من المحاور القليلة التي تجمع عليها الدول العربية فحسب، لكنها كانت قضية تعدى نفوذها إلى معظم بلاد العالم، وصارت محوراً لتضامن إفريقي، آسيوي، لاتن أمريكي، وأكثر من ذلك وقفت إلى جانب الحق فيها دول كالصين وروسيا، والهند وعديد من الدول الأوربية، وأضحى الحراك السياسي اليومي الذي تولّده مجاهدات الفلسطينيين ومقاومتهم ملهماً لنضالات المسحوقين والمستضعفين في كل أنحاء العالم، ومعياراً عالمياً متفقا عليه في قياس التزام الدول بمعايير الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. بهذا الوصف، لم تكن مساندة الفلسطينيين في قضيتهم عبئا على الدول النامية ومجتمعاتها، بخلاف ذلك، كانت محوراً لتلاقيهم وتحاورهم وتضامنهم.

إن اتفاق التطبيع الذي رعته أمريكيأ بالأمس يعبر عن موقف الحلف الإسرائيلي الأمريكي الذي يرفض عمداً وبقوة أية إشارة إلى حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وبدلا من ذلك هو يكافئ دولة الاحتلال الاسرائيل على استهانتها بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والمنظمات الأقليمية والدولية. وبالضرورة فإن مثل هذا الاتفاق يتجاهل الحقوق الدينية للمسلمين والمسيحيين واليهود غير الصهاينة، وبخاصة يتجاهل حقوق المسلمين في المسجد الأقصى، بينما إسرائيل ماضية في ترسيخ سياسات التهجير والاستيطان والقتل.

إن الصفقة التي تمت بالأمس هي صفقة دعائية رخيصة، لم يكن الدافع إليها الرغبة في إحقاق الحق، الداعي إليها هو إعطاء الرئيس ترمب دفعة إعلامية دعائية في الانتخابات الأمريكية الوشيكة دون اعتبار لكلفتها السياسية أو الأمنية. وهي في خلاصتها، كما لاحظ كثيرون، عملية ابتزاز دنيئة للحصول على المال من السودان الدولة الفقيرة وشعبها العزيز مقابل وعد مكذوب، لا يمكن قياسه ولا تقدير الوفاء به، ولن يندهش أحد بعد الآن إذا ما قدم السودان، تحت التهديد، كل ما يطلب منه، ثم لم تعد عليه عائدة من تعويض أو ذكر حسن.

إن القوى السياسية في السودان، عليها، في ظل ضخامة الخطر المخيم فوقها الانتباه لمرامي الاتفاق والإسراع بإبطاله في أرض الواقع، ولن يكون ذلك متاحاً بغير تضامن سياسي داخلي قوى، وهو لن يبلغ أهدافه بغير مبادرات شجاعة. لم يعد مقبولا في ظل تحديات البقاء والمدافعة هذه، أن يظل السودان وقواه السياسية بهذه الدرجة من التفرق والتباعد. كما لم يعد محتملا هذا الاستقطاب الاجتماعي البغيض. على كل القوى السياسية والاجتماعية تنمية الوعي في جماهيرها، فإن الوعي هو الترياق الأنجح للغفلة وشفاء من السذاجة التي تمرر بها مشروعات الانقسام والتشظي بدعوى الإصلاح والفلاح. وعلىها مقاومة مشروع التطبيع بكل الوسائل المشروعة، من خلال المؤسسات الرسمية كالمجالس التشريعية والأجهزة التنفيذية المركزية والولائية المنتخبة، ومن خلال الجامعات والمؤسسات البحثية التي اتضح من تجارب التطبيع في عدد من البلدان العربية أنها مستهدف رئيسي للاستغلال والتوجيه من أجل ترسيخ ثقافة التطبيع وخدمة الأجندة الإسرائيلية.

على الحكومة حماية نفسها ومؤسساتها، خاصة القوات المسلحة والأجهزة النظامية، من الاختراق المجرب الذي يتم بدعاوى التدريب والعمليات المشتركة التي ترمي في حقيقتها إلى إدماج الخطط والوسائل والبرامج التنفيذية والثقافة المهنية الإسرائيلية في المؤسسات الوطنية المقابلة لها.

إن المخاوف المذكورة هي مخاوف حقيقية، ليست متخيلة، وليس مخفياً أن سياسة إسرائيل إنما تقوم على إضعاف الدول العربية من حولها، واتباع سياسة شد الأطراف، كما صرح بذلك زعماؤهم في أكثر من مناسبة: بن غوريون، ومائير، وديان. فهل تغيرت هذه السياسة، ومتى حدث ذلك؟

“واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد” إبراهيم – ١٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى