هل إرتكب رئيس وزراء السودان .. الخيانة العظمي؟

تاج الدين بشير نيام
باحث في الشؤون الدولية والأمن الإنساني

تأنيت في الكتابة لاتابع طريقة تعاطي الصحفيون ،المعلقون السياسيون، والخبراء القانونيون و أستاذة العلاقات الدولية عن موضوع الساعة،وهو طلب سعادة رئيس الوزراء تدخل الأمم المتحدة تحت البند السادس.. ولكن ظلوا كالعادة معظمهم يفكرون داخل الصندوق. وتراشق الناس بعيدا عن المطلوب في جدل بيزنطي:
هل أخرج رئيس الوزراء السودان من الفصل السابع إلي الفصل السادس؟ وهل بذلك قدم خدمة للسودان؟ و ماذا يعني الفصل السادس والفصل السابع؟ وغيرها من الاسئلة التي تعتبر ملهاة عن القضية الاساسية. وهذه الطريقه أشبه بالطبيب الذي يعطي اسبرين لمريض يشتكي من الملاريا لتخفيض الحرارة ، بدلا من فحصه وتحديد مرضه و إعطائه الدواء الصحيح بدلا عن المسكنات.
و السودان في مرحلة ما بعد التغير و يضطلع جموع الشعب السوداني إلي مرحلة جديدة إنتقالية سلسة.وتمشيا مع هذه المرحلة( التغير) و إرساء قواعد جديدة علي أسس جديدة كذلك.لذلك يجب أن تكون طريقة تناولنا للقضية بموضوعية و بحيادية وبشفافية وبعيدا عن العواطف والمواقف الحزبية الضيقة،سيما في قضية وطنية يتأثر بها كل الشعب السوداني ربما حتي الاجيال القادمة.
و السؤال الذي يفرض نفسه،وهو كيف يتعاطي مجتمع يرفع شعار( حرية، سلام، و عدالة)،وحكومة انتقالية مقيدة ببرنامج الثورة، كيف يتعاطي مع قضية جوهرية مثل الذي حدث.كيف نستطيع تحديد مواقفنا منها؟؟ في تقديري عبر الاجابة علي هذه الاسئلة، يمكن أن نتخذ مواقفا واحدا.
1- هل خاطب رئيس الوزراء الأمين العام للأمم المتحدة بخطاب دون التشاور مع مجلس وزرائه الذي اختاره هو بنفسه في يناير 2020 ؟ والي أي مدي مشروعية وقانونية هذا الخطاب؟
2- ما هي القضايا التي يجب أن يتخذ فيها رئيس الوزراء قرارا بمفرده دون العودة إلي حكومته؟
3- إذا صح ان رئيس الوزراء خاطب مجلس الامن الدولي دون علم مجلس الوزراء ومجلس السيادة ،الا يعتبر ذلك شروع في الخيانة العظمي؟
4- هل صحيح أن المجلسين السيادة والوزراء عقدا اجتماعا مشتركا مطولا،وبكامل الأعضاء، وأقرا بعدم علمهما بالخطاب الأول، واتفقا علي خطاب ثاني يخاطب به رئيس الوزراء الامين العام للامم المتحدة ،ويتم فيه إلغاء خطابه الأول ويستعوض عنه بخطاب ثاني متفق بين أعضاء المجلسين، وكلفا رئيس الوزراء بذلك، ولكن سعادته لم يتلكأ فقط ولكن رواغ في تنفيذ ما وافق عليه امام المجلسين. إذا كان هذا صحيحا،الا يعتبر رئيس الوزراء انتقل من خانة الشروع الي مرتكب بالفعل الخيانة العظمي؟
5- هل كان دخول السودان في الفصل السابع من قرارات مجلس الامن الدولي بطلب من الحكومة السابقة أم فرضتها القوي الدولية انذاك؟
6- هل معظم الشعب السوداني ضد تدخل الأمم المتحدة تحت الفصل السادس؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
في الحالة الاولي: تبين بما لا يدعو للشك،ان رئيس الوزراء خاطب الأمين العام للامم المتحدة دون علم مجلس الوزراء ويعتبر خطابه غير شرعي. ومطالبة تدخل الامم المتحدة من القضايا الكبيرة Majar issues التي تتطلب مناقشته والتوافق عليه بين اعضاء مجلس الوزراء ومجلس السيادة والحاضنه السياسية للحكومة (قحط).وبالتالي فهو شرع في ارتكاب الخيانة العظمي، ان لم يكن قد ارتكبه فعلا.
وفي الحالة الثانية: أكدت المعلومات المتدوالة صحة عقد المجلسين أجتماعا مشتركا، واقرا بعدم علمهما بالخطاب الاول، واتفقا علي خطاب ثاني يحال للامين العام للامم المتحدة ،وكلفا رئيس الوزراء بتنفيذه، وفق مخرجات الاجتماع المشترك.ولكن رئيس الوزراء لم ينفذ الاتفاق ( وأنه آخر الخطاب قصدا)حتي ناقش واتخذ أعضاء المجلس القرار وفق الخطاب الأول. وبالتالي، ثبتت الخيانة العظمي في رئيس الوزراء. و أخل باليمين الذي اداه امام مجلس السيادة، ووفق الدساتير و العرف السياسي والدبلوماسي المعروف لدي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية. وعليه امام سعادة رئيس الوزراء خياران لا ثالث له.
الخيار الاول: ان يتقدم بإستقالته طوعا وبذلك يحفظ بعض من ماء وجهه.
الخيار الثاني: أن يظل بهذه الحالة مقاوما. وفي هذه الحالة يفترض أن يتدخل مجلس السيادة و يقوم بإقالة رئيس الوزراء. لأنه السلطة العليا الذي أدي رئيس الوزراء اليمين أمامه.
وفي الحالتين يسقط طلب رئيس الوزراء المستقيل أو المقال. وبعده يمكن لرئيس الوزراء الجديد الذي يتفق عليه السودانيون، ان يطالب من الأمم المتحدة دعم السودان بالطريقة المعهودة وفق الفصل السادس في مناطق النزاعات .
والحق يقال ان الفصل السابع الذي يتحدث عنه بعض الناس اما جهلا أو مراوغة او من باب( حتي لو طار حمل)، فإن الفصل السابع فرضتها القوي الدولية في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا. وقاومت الحكومة السابقة كما لم يقاوم أي دولة من قبل.ولكن في المقابل كان الفصل السابع نتائج أعمالها وخروقاتها المتعددة وارتكابها الفظائع ضد سكان دارفور.
أنا شخصيا داعم للتدخل وفق الفصل السادس، و إنني طالبت بقاء قوات اليوناميد في السودان ( انظر مقالي باللغة الانجليزية بتاريخ 03.06.1441 تجربة الموافق27.0102020 بعنوان: هل نحن بحاجة إلي إبقاء قوات اليوناميد بدارفور؟ذكرت عدة أسباب للابقاء من بينها قرب توقيع تفاق سلام بين الحكومة والحركات المسلحة الدارفورية في جوبا والتي تحتاج إلي اليوناميد في تنفيذها).وهي مشروطة في حدود ولايات/ إقليم دارفور. واعتقد معظم السودانيين داعمين الفصل السادس ولكن في مواقع التي يتم فيها السلام.وليس في كل السودان.
ليس هناك دولة طالبت بارادتها الحرة دخول الشامل للأمم المتحدة تحت الفصل السادس علي مدي التاريخ .حتي الدول التي عانت ولا زالت تعاني من ويلات الحروب الأهلية: مثل الكنغو، كولومبيا، الصومال، ليبيا، اليمن،سوريا، العراق ودولة جنوب السودان، وأفغانستان ، وغيرهم،لم يجرؤ أي رئيس،أو رئيس وزراء منهم بطلب تدخل الشامل تحت البند السادس الأمم المتحدة.
دعونا جميعا نعمل علي إنجاح الفترة الانتقالية بكامل التزاماتها والتي تنتهي بقيام انتخابات حرة ونزيهة ومقبولةومراقبة محليا،إقليميا ودوليا.و بذلك نشارك جميعا في إثبات مبدأ: التدوال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع بدلا من الوسائل الأخري.
فالسؤال المطروح الآن كيف يكون الحال، إذا اصر رئيس الوزراء علي عدم تقديم استقالته ولم يجرؤ المجلس السيادي علي اقالته؟؟

03.05.2020

‫4 تعليقات

  1. خالد الإعيسر يتحدث عن الأسباب التي استدعت معالي رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك لطلب البعثة الأممية، ومطلوبات العبور بالفترة الانتقالية بسلام إلى مرحلة الإنتخابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى