تأملات – جمال عنقرة – الحرية والتغيير .. وهلال التبلدي

قلت أكثر من مرة أني لا أشجع فريق الهلال مطلقا، لا هلال أم درمان، ولا أي هلال آخر، ولا أشجع الهلال الا عندما يلعب خارجيا باسم السودان، شريطة ألا يكون الفريق الآخر الزمالك المصري، فالزمالك عندي مقدم علي الهلال، ولا أجد في ذلك حرجا البتة، المرة الوحيدة التى شجعت فيها الهلال بقوة مضاعفة عندما تقابل مع الأهلي المصري في نهائي كأس أبطال دوري الأندية الأفريقية عام 1987م، وشهدت المباراتين في الخرطوم والقاهرة، وكان الهلال قاب قوسين أو أدنى من الفوز بكأس البطولة، لولا تغيير المدرب أحمد عبد الله بالدكتور كمال شداد في المباراة الأخيرة، واستبعاد الكابتن مصطفي النقر من قبل الرئيس الطيب عبدالله له الرحمة والمغفرة، ثم الحكم المغربي المرحوم لاراش الذي قضي علي كل الآمال في مباراة الختام، ونحمد للكابتن فاروق جعفر صراحته التى كشفت كيف كان يساعد الحكام الأفارقة الفرق المصرية للفوز.
الهلال الوحيد الذي وجدت نفسي أشجعه من داخل أعماقي هو هلال التبلدي، هذا الفريق الذي استطاع مولانا أحمد هارون أن يجعل منه أيقونة ونشيدا يتغني به كل الكردافة الناس القيافة، وكان هلال التبلدي واحدا من ممسكات أهل كردفان، وحشدهم حول مشروع النفير الذي تجلت فيه عبقرية الشعب والقيادة في كردفان، فصرت، وصار معي كثيرون من المريخاب هلالاب أكثر من متعصبي الهلال، وكنا نقاتل في سبيل هلال التبلدي، وأذكر عندما اقترحت مرة علي إبننا همام عبد الباقي عبد الله هلال، نجل أختنا هادية عبد المطلب الهدي، أن أنتظرهم في الزواج في الخرطوم، ولا أحضر الحنة في الأبيض، فقال لي همام (إنت يا خال بتجي لمباريات هلال التبلدي، ما تجي لحنتي؟) ولعل كثيرين لا يعلمون أن راعي نهضة هلال التبلدي، قائد مشروع نفير نهضة الولاية مولانا أحمد محمد هارون، هو ذاته مريخابي، ولكنه هلال التبلدي الأيقونة التى التقينا حولها جميعا.
وقوي إعلان الحرية والتغيير عندي مثل هلال التبلدي، لست عضوا فيها، ولا في أي من مكوناتها، ولن أصير بعد ذلك عضوا فيها بالطبع، ولقد تجاوزنا تماما مرحلة التحزب، والتخندق، ومع ذلك أجد نفسي، ومعي كثيرون نقف مع قوي الإعلان، وقد ارتضيناها حاضنة لثورة ديسمبر المجيدة، وأستطيع أن أقطع واجزم وأتحدي، وأقول أن عودي في الثورة، مثل سير السيد عبد الرحمن المهدي (مضاعف) كما قال مادح الأنصار، فلو أن بعضهم ثار لشهور، أو حتى بضع سنوات، فأحمد الله أن ثورتي ضد الإنحراف لم تخمد نارها منذ شهور الإنقاذ الأولي حتى سقوطها، ولقد لاقيت في ذلك ما لاقيت من اعتقال وتشريد ومصادرة أموال، وغيرها، ولقد كان قولي واحدا لم ابدله، ولن أبدله أبدا بإذن الله تعالي، ولا زلت عليه ثابتا، وهو أن السودان وطن يسع الجميع، ولقد كتبت مقالا مشهورا في سنوات الإنقاذ الأولي بعنوان (مواطنون لا رعايا) عبت فيه طريقة التمييز بين أهل السودان، ثم كتبت مقالا آخر في العيد الثالث للإنقاذ منع من النشر كان عنوانه (الإنقاذ .. الثورة والثورة المضادة) نشرته بعد ذلك في كراسة بعد (لف ودوران) والثورة الماضدة حددتها في أدعياء الثورة الذي يتعالون علي الآخرين ويصنفونهم حسب هواهم، وأحمد الله أني لست مثل كثيرين من أدعياء الثورة اليوم من الذين رفلوا في نعيم الإنقاذ في بعض مراحلها بمزاعم وادعاءات مختلفة، ومع ذلك نتعامل مع الحرية والتغيير كما يتم التعامل مع المهاجم الذي يحرز الهدف، فقبل أن تصل الكرة لهذا المهاجم تمر علي عدد من اللاعبين في الدفاع والهجوم، وقد يكون من بينهم صاحب لمسة ساحرة، وقد يكون أحدهم قد وضعها (مقشرة) للمهاجم الذي أحرز منها الهدف، وسجل باسمه، وهتفت له الجماهير، وحملته علي الأعناق، وقد يكون هذا الهدف سببا في نيله الكرة الذهبية التي تمنح لهداف البطولة، ولا ينافسه أحد في ذلك، ولا يحقد عليه أحد، المهم أن الهدف كان سببا في نيل الفريق كأس البطولة، فقبلنا بالحرية والتغيير لأنها أحرزت كأس النصر، وتجمع حولها كل الوطنيين من أهل السودان، لكننا كنا نريدها أن تكون مثل هلال التبلدي تحمل أشواقنا جميعا، وتوحد كلمتنا، وتجمع شملنا، من أجل أن نقود معا معارك الإصلاح والتنمية والتعمير والبناء.
وللأسف الشديد فكما يقول المثل السوداني الشعبي (الطمع ودر ما جمع) فبعض الطامعين من منسوبي قوي الإعلان استأثروا بكل شئ، ليس دون أهل السودان الآخرين، ولا دون الذين يشجعونهم ويدعمونهم مثلنا، ولكن حتى دون شركائهم في قوي الإعلان، وصار بعضهم يستعدي بعضا، ويعاديه، فصارت قوي ذات ثقل جماهيري من المستعدين، مثل حزب الأمة القومي، وأخري ذات كسب نضالي، مثل المؤتمر السوداني، كما تم استعداء وشيطنة بعض أيقونات الثورة مثل الأصم، وذو النون، وإسماعيل التاج، ومحمد عصمت ، ومشاعر البدوي، وغيرهم كثر. ومع ذلك لا زلت أحسن الظن، وأرجو من الأخوة في قيادة قوي الإعلان أن يقودوا معركة تصحيح المسار بأنفسهم، وقديما قال أهلنا (الني يرجع للنار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى