
بقلم : ندي عثمان عمر الشريف
في كل مراحل التاريخ، كانت الشعوب الواعية تبدأ معركتها الحقيقية بالإقصاء المعنوي، والعزل المجتمعي لكل من يؤذي الضمير الجمعي، أو يحاول اختطاف الحقيقة لصالح الباطل. واليوم، في عصر الثورة الرقمية، لم يعد سلاح التنوير قاصراً على الميادين، بل أصبح الإعدام الرقمي” ضرورة في معارك الوعي.
إننا اليوم نعيش وسط سيل من المعلومات، لكن الخطر الحقيقي يكمن في المحتوى الموجه، المسموم، الذي تنشره مليشيات القتل والخراب ورموزها، عبر صفحات مدفوعة ومُمنهجة، هدفها إعادة صياغة الوعي الشعبي، وتبييض الجرائم، وبث الشك في الحقائق.
وهنا، نقف أمام مفارقة خطيرة: حين نتابع هذه الصفحات، أو نشارك منشوراتها حتى من باب السخرية، فإننا نمنحها منبراً، ومشاهدة تساوي ربحاً معنوياً ومادياً. نحن لا نتابع أخبارهم، بل نروّج لبروباغندا قذرة مغلفة بالإعلام
إن الإعدام الرقمي لا يعني فقط الحظر أو الإبلاغ، بل هو موقف يعبر عن وعي الشعب
وهو قرار فردي وجماعي بأننا لا نمنح المجرم مساحة للخطاب، ولا نساوي بين الجلاد والضحية.
ليبدأ كل واحد منا بحظر صفحات المليشيا، رموزها، ومروجيها،
فالمعركة اليوم ليست فقط في الخنادق، بل في كل شاشة وفي كل “مشاركة”.
ومن هنا، نوجّه مناشدة عاجلة لكل فرد في هذا الشعب العظيم، ولكل مكوّنات المجتمع المدني والإعلامي
لابد من مقاطعة هؤلاء إعلامياً، رقمياً، واجتماعياً.
فلا يجوز أن نمنح من يروّج للدم والدمار، صوتاً أو مساحة في أي منبر. المقاطعة ليست فقط موقفاً سياسياً، بل واجب أخلاًقي ووطني، فالتطبيع مع الجريمة ولو بالصمت، هو خيانة لقضية الوطن والشعب.
فلنكن على قدر المسؤولية، ولنغلق الباب تماماً في وجه الكذب والتضليل،
فلا منصة للقتلة، ولا صوت لمن يشرعن الخراب



