أخر الأخبار

قبيلة المسيرية ومحرقة الصراع: قراءة في المشهد الراهن وتداعيات الانخراط في مليشيا الدعم السريع

ضل الحراز

بقلم علي منصور حسب الله

تعيش قبيلة المسيرية اليوم واحدة من أكثر لحظات تاريخها تعقيدًا وخطورة إذ تفقد القبيلة أبناءها واحدًا تلو الآخر في ما يمكن وصفه بـ محرقة مليشيا الدعم السريع التي زجّت بهم في معارك عنيفة لا علاقة لها بمصالح القبيلة ولا بأمنها القومي ولا بمستقبلها وآخر من سقطوا في أتون هذا الصراع هم الذين قُتلوا في محور كازقيل بولاية شمال كردفان في معركة حاولت فيها مجموعات من عناصر الدعم السريع تنفيذ التفاف فاشل لإنقاذ بقية أفرادها الذين كانوا محاصرين من قبل القوات المسلحة والقوات المساندة في متحرك الصياد في تلك المواجهة قُتل الصادق ماكن وهو من أبرز قيادات المليشيا في كردفان، وكان قد ظهر سابقًا في منطقة السنوط مؤكّدًا أن (الدعم السريع يحمل قضية العطاوة) سبقه إلى المصير نفسه إسماعيل الفيوك قائد المجموعة (43) الذي لقي حتفه في ذات المحور وعيسى فولجنق قائد المجموعة (13) ليلحقوا جميعًا بسلسلة طويلة من قتلى المسيرية الذين سقطوا في معارك مختلفة، ومنهم حسب الكريم محمد ماكن (حسبو) (في عملية نوعية بالحمادي)،
وحسن رابح (بمحور أم كريدم) ورحمة الله المهدي الشهير ب جلحة (الخرطوم) والتاج فلونجانق (محور أم روابة) إضافة إلى اختفاء كل من إسماعيل حسن وحسين برشم والتاج التجاني بينما لا يزال اللواء الأسود حاتم موسى مفقودًا إلى جانب ذكر اللواء خلاء وقائد محور كردفان غرب النوير واسمه الحقيقي القريش حبيب زمام حارن فمن الحقائق التي لا يمكن تجاهلها أن عددًا كبيرًا من المجموعات التي تقاتل ضمن الدعم السريع يتحدرون من قبيلة المسيرية بحكم أنّ المليشيا في أساس تكوينها بنيت على أساس قبلي ومن أبرز هذه المجموعات فالمجموعة (31) بقيادة محمود شيخ الدين والمجموعة (25) بقيادة محمد الدودة والمجموعة (32) بقيادة أحمد أبو علي
والمجموعة (13) بقيادة تاج أبو رقيبة ومجموعة (42) بقيادة جلحة (ثم أحمد حمدين وأبو الجود المسيري) والمجموعة أبو عرديب (449) بقيادة جويد حجير والمجموعة الخاصة (104) بقيادة حسين برشم والمجموعة (28) بقيادة صالح أحمد أبو ملسة والمجموعة (13) بعد موت التاج فولجنق آلت إلى شقيقه عيسى ثم إلى شقيقه الثاني أحمد فولنجق
والمجموعة (37) بقيادة عبد الله شياطين والمجموعة (27) بقيادة جبريل إبراهيم البشير
كما يُذكر قادة آخرون من المسيرية ضمن تشكيلات المليشيا مثل أبو الجود القائد العام لعمليات كردفان لواء الأسود حاتم موسى وعمر إسماعيل علي وحمدين صلاح وعبد الرحمن حمدين وحمدان الضواي وأحمد خميس دكوم والغالي رحمة الله والنزير لنجي،د زصدقي جقود وعبد الله جرمة ويوسف سعد الله وقيدوم حامدين هنو قيدوم ومحمد عبد الله الكاس وعبد الرحمن محمد عطش قائد المجموعة (393).
وقد شهدت الفترة الماضية تصفية كل من:د
الحريكة إسماعيل يوسف (من المسيرية الحمر – العجايرة الفيارين)
وموسى عبد المنعم الشوين (نجل ناظر المسيرية الحمر الفلايتة)
كما تم اعتقال كل من حمدتو حماد فرج ومهدي عبد الجليل بكار وحمدون من المسيرية الحمر (العجايرة الفيارين)، وذلك حسب الروايات المتداولة بتواطؤ من بعض أبناء المسيرية ووردت اتهامات إلى العميد خلا أحمد عوض بأنه تسبب في اعتقال موسى الشوين الذي توفي لاحقًا تحت التعذيب في معتقلات المليشيا رغم دور والده المعروف في الاستنفار والدعم وقد أدى ذلك إلى تفجير صراعات داخلية داخل القبيلة كسرت تماسكًا تاريخيًا وأعادت إشعال خلافات بين أولاد سرور والمتانين من المسيرية الحمر الفلايتة وهما اللذان كانا حليفين سابقًا في صراعاتهم مع أولاد هيبان لكن أصبحت بينهم اليوم عداوات جديدة بسبب تورط أبنائهم في صفوف المليشيا وسبق أن حذّرت في تسجيلاتي الموقعة باسم (الدكشنري) من مغبّة التنسيق بين حميدتي وفرانسيس دينق ودينق ألور وهو التنسيق الذي أدى وفق التقديرات والتحليلات المتداولة إلى تجنيد الدينكا نقوك في مليشيا الدعم السريع وأشرت حينها إلى أن هذا التنسيق لن يكون في صالح المسيرية وأنه سيُستخدم لتغيير الواقع على الأرض في منطقة أبيي وتمكين الدينكا نقوك من التمدد بقوة السلاح إلى مراعي المسيرية في غرب كردفان كما أوضحت أن حميدتي في ذلك السياق لم يكن يسعى إلى (نصرة) المسيرية بل كان ينفّذ وفق القراءة السياسية أجندات ياسر عرمان الذي يرتبط بمصاهرة مع الدينكا نقوك ويُنظر إليه على أنه صاحب مصلحة مباشرة في تمكينهم ووفق هذا التحليل فإن أهداف عرمان كانت ثلاثية تتمثل في تأمين قوة عسكرية بديلة بعد فقدانه لقواته السابقة في جبال النوبة والحركة الشعبية واستهداف قبيلة المسيرية بوصفها خصمًا تاريخيًا لدينكا نقوك وجر السودان وجنوب السودان لصراع جديد يستثمره سياسيًا لصالح مشروع (السودان الجديد) تجلّت هذه المخاوف مؤخرًا في خطوة اتُّصفت بأنها أحادية وغير قانونية حين أصدر د. رياك مشار نائب رئيس دولة جنوب السودان توجيهات للمجلسين التنفيذي والتشريعي لإدارة أبيي لإجازة (الاستفتاء الأحادي) الذي جرى في 31 أكتوبر 2013 رغم رفض السودان والمجتمع الدولي له وقد شهدت الفترة الماضية تحركات مثيرة للقلق، منها اجتماع مشار مع شول دينق ألاند بحضور دينق ألور وفرانسيس دينق لرفع القرار لمجلس الوزراء
لقاء مشار بـ اللواء روبرت أفرام قائد قوات اليونسفا بالإنابة ومطالبته بنشر شرطة في أبيي كل ذلك يأتي رغم قرار مجلس الأمن (2760) الصادر في 24 نوفمبر 2024 الذي يمنع أي إجراءات أحادية بشأن مصير أبيي وتؤكد هذه التطورات بحسب تحليل المقال أن تحالف الناظر مختار بابو نمر مع حميدتي أسهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في خلق أزمة تهدد وحدة القبيلة ومصالحها المستقبلية المطلوب الآن وفق هذا الرأي أن تتحرك القبيلة عبر وقفات احتجاجية منظمة أمام قوات اليونسفا وتحرك دبلوماسي لإيصال صوتها دوليًا وإعادة ترتيب البيت الداخلي بعيدًا عن الاستقطابات التي زجّت أبناءها في صراعات ليست لهم إن ما يجري اليوم ليس حدثًا عابرًا بل مفصلٌ تاريخي يعيد تشكيل الخريطة القبلية والسياسية في منطقة أبيي وكردفان ودارفور المسيرية أمام امتحان صعب إمّا أن تستعيد قرارها المستقل وتحافظ على أرضها ومراعيها ونسقها الاجتماعي أو تستمر في مسار يهدد وجودها ووحدتها ومستقبل أجيالها
لقد دفعت القبيلة ثمنًا باهظًا بالفعل ولا تزال قادرة إن توحّدت على استعادة دورها كقوة أصيلة في غرب السودان وفاعل محوري في توازن الإقليم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى