خبر و تحليل: عمار العركي – سؤال لمجلس الأمن والدفاع: صحي الدعامة جايين تاني؟ والمجلس يجيب

* جاء اجتماع مجلس الأمن والدفاع بمثابة تأكيد على ثبات الدولة ومؤسساتها على موقفها الوطني الراسخ، وعن رفضها القاطع لأي محاولات لتجميد المعركة تحت مسمى الهدنة أو التسوية.
* البيان جاء صادمًا ومحبِطًا لكثيرين ممن كانوا يعقدون آمالهم وأقلامهم وأصواتهم على تمرير مشروع هدنة التسعة أشهر، تلك التي رُوّج لها بوصفها مخرجًا إنسانيًا، بينما كانت في حقيقتها خطة لإعادة التموضع السياسي والتموضع العسكري للمليشيا الإماراتية وإنقاذها من مصيرها المحتوم.
* ورغم التصريحات الرسمية المتكررة والقول القاطع من رئيس مجلس السيادة والقائد العام ومساعديه وقادة القوات المساندة في توضيح الموقف العسكري والسياسي، ورغم انكشاف أساليب الحرب الإعلامية والنفسية منذ بداية التمرد، إلا أن “البعض” ما زال يقع في فخ التضليل ويُستدرج إلى مربع الشائعة الأول. تُطلق شائعة، فتجد من يصدقها ويسأل بقلق: “صحي الدعامة جايين تاني؟ صحي في هدنة؟ صحي البرهان وافق؟ … الخ”، وكأننا عدنا إلى المربع الأول من الحرب الإعلامية والنفسية، رغم أن التجربة أثبتت أن كل هذه الشائعات تنهار سريعًا أمام الحقائق على الأرض.
* والمؤسف أن بعض إعلاميي وصحفيي حرب الكرامة، ممن يُفترض أنهم في خندق الوطن، ينساقون – عن قصد أو بحسن نية – خلف هذه الموجات الإعلامية المضللة القادمة من منصات المليشيا والإمارات، فتجد بعضهم يضغط باتجاه استعجال الحسم وكأن الحرب تُدار بردود الفعل لا بالتخطيط، بينما ينشغل آخرون بترديد ما يكتبه أو يقوله بعض الصحافيين الرماديين المعروفين بولائهم للمليشيا أو لمن يدعمها، من بولس إلى عثمان ميرغني وأماني الطويل، مرورًا بمنصات الحدث والعربية والجزيرة.
* في المقابل، فإن الصحفيين الوطنيين الذين يعملون ليل نهار لتعزيز الثقة بين الشعب وجيشه، وإبقاء الروح المعنوية متقدة، من باب أولى أن يُترجموا هذه الثقة إلى التزام إعلامي واعٍ بالموقف الرسمي ورواية الدولة، وأن يدعموا الخطاب الوطني لا أن يُهملوه لصالح إعلام المنصات المعادية والأقلام المنحرفة والأصوات المخذّلة.
* فالإعلام في زمن الحرب ليس ميدانًا للتجريب، بل هو جبهة لا تقل خطورة عن الميدان، ومن يخسرها يُسهم – دون أن يدري – في إضعاف الروح الوطنية التي تُقاتل الدولة من أجل حمايتها.
* بيان المجلس جاء ليؤكد المؤكد ويعزز المواقف المعلنة من القيادة: لا تفاوض ولا اتصالات قبل تحرير آخر شبر والقضاء التام على التمرد. هذا التأكيد لم يترك مجالًا للاجتهادات أو التفسيرات المتباينة، وبمثابة إغلاق الباب أمام أي محاولة للاستغلال الإعلامي المضاد.
* البيان جاء ليضع النقاط على الحروف، ويؤكد أن القيادة ليست في موضع انتظار ولا تحت ضغط المساومات الدولية أو الإعلامية. فالموقف من الهدنة لم يُترك للالتباس أو التأويل؛ الدولة لا ترفض الهدنة من حيث المبدأ الإنساني، لكنها ترفضها عندما تتحول إلى خطة إنقاذ للمتمردين أو فرصة لالتقاط أنفاسهم، والانفتاح يكون على الجهود الصادقة التي تحترم سيادتها لا على الضغوط والإملاءات، ليغلق الباب أمام فرض واقع جديد بقوة التضليل.
* إن البيان في جوهره إعلان عن انتقال حقيقي في إدارة الصراع، من الدفاع إلى الفعل، ومن المراهنة على الخارج إلى التعويل على الداخل. هو تذكير بأن معركة الكرامة ليست معركة بندقية فقط، بل معركة وعي وثقة وإعلام. فمن يملك الكلمة الصادقة والرؤية الوطنية، يملك نصف النصر قبل أن يُحسم على الأرض.
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
* الإعلام الذي يُساند جيشه بوعي لا يحتاج توجيهًا، بل يحتاج إيمانًا بأن الحقيقة سلاح يُطلقه الصادقون في وجه الكذب والخذلان. إنها معركة وعي لا تقل أهمية عن معركة الميدان، ومن ينتصر فيها يكتب التاريخ كما يليق بالأمم التي لا تُهزم حين تتمايز صفوفها، وتتصطف وتتوحّد خلف قيادتها وجيشها، وتعرف أين تقف، ولمن تُوجّه صوتها.

Exit mobile version