مبارك أردول يكتب : هل آن الآوان للبدء في بناء الاحتياطي الفدرالي من الذهب؟

يجول في خاطر الكثيرين هذا السؤال، وطرح علي في منابر متعددة من مهتمين عن أمكانية بناء الاحتياطي الفدرالي من الذهب؟ هذا السؤال ينبع أهميته في أنه يجعل بلادنا تتحاشى السقوط في الأوضاع الاقتصادية المتعثرة التي نمر بها الان، وتؤمن عملتنا القومية وتسندها احتياطات المودوعة من الذهب.

الدول التي تشهد استقراراً في إقتصادياتها الان قد مرت بنفس خيبات ونكسات وركود في إقتصادياتها قبل عقود من الزمان، حتى قامت ببناء إحتياطياتها من الذهب أمنت به نفسها وتدرعت بالذهب من السقوط، فالولايات المتحدة على سبيل المثال شهدت ثلاث محاولات لبناء بنك مركزي ، ولم تنجح الا في الثلاثينيات في القرن الماضي بعدما شرعت بشكل جاد في بناء إحتياطياتها من الذهب فبعد أربعة عشر عام تمكنت من بناء احتياطيها. إننا لا نريد ان نخترع العجلة من جديدة بل يمكننا ان نسلك طريق السابقين من الأمم ونضفي عليها بعض من خصوصيتنا، فهو الطريق الوحيد حتى الان للنجاح، وليست بالضرورة اكماله الان خلال سنين الفترة الانتقالية وخلال تنسم مجلس الوزراء بواسطة الدكتور عبدالله حمدوك، بل من المهم الشروع بناءه ويستمر حتى يحقق الوصول الي السقف المحدد.

لبناء الاحتياطي من الذهب أهمية تتقدم على العملات الحرة، فالعملات الحرة خاصة الدولار وغيره يسنده رصيد من ودائع من الذهب في البنوك المركزية لدولها الام، فالسند يجب ان يكون على قاعدة متينة تجعلنا على الأقل نتساوى ولو بعد عقود من الزمان من تلك الدول وهو طريق ليس بالشاق العبور فيه، وحتى نتحاشى عمليات التصدير الكاملة للذهب التي نشهدها الان بغية استجلاب المواد والسلع الاستراتيجية علينا ان نحتفظ بنسبة ملزمة قانوناً من السلطات التشريعية بالبلاد حتى يبني ذلك بالتراكم إحتياطيتنا.

يتبادر الي الذهن من اول وهلة ان الاحتياطي الفدرالي معني به انتاج الذهب او الجهات المنتجة له وحدها، ولكن الامر يتعدى ذلك ويشمل كل ما يمكن تحويله لعملة نقدية، ففي خطواته الاولي الامر في حاجة لتشريع يبتدره وزير العدل ويصدر بمصادقة مجلس الوزراء والسيادي يلزم مدير الفدرالي القومي ووزارة المالية والطاقة والتعدين والبنك المركزي والجهات الأخرى ذات الصلة باستقطاع جزء محدد من انتاج الذهب ليودع في البنك المركزي دون المساس، بل ويعتبر أي تصرف فيه إجراء غير قانوني، ومن ثم يعين مدير للاحتياطي الفدرالي بدرجة وزير من السيد رئيس الوزراء يتولى بدوره قيادة الامر وتوجيه طاقات البلاد نحو تلك الغاية.

مدير الفدرالي القومي يضع سقف سنوي يستقطعه بشكل منتظم ويمكنه أيضاً تقسيم البلاد الي قطاعات فرعية ويقوم باختيار مدراء لكل القطاعات المختلفة، السقف من الذهب للولايات المنتجة للمعادن يمكن ان يستقطع فوراً ومن الولايات الغير منتجة يمكن ان يحصل السقف من المحصولات النقدية الأخرى من الذرة والفول السوداني والقطن والقمح والسمسم والصمغ وغيرها وكذلك المواشي يتم بيعها وتستبدل بالذهب.

الولايات وكذلك المركز تحدد مساهماتها بعمليات اقتصادية تستند على عدد السكان وانتاجها من السلع النقدية وبسقوفات ومواعيد محددة تصل الي عشر او عشرين عاماً اذا استمرينا بخطى واثقة يمكننا الوصول الي الكمية المخططة كل عام، وبالتراكم السنوي يمكننا ان نصل الي الغاية النهاية التي تجعل دولتنا نصطف في قائمة الدول التي تمتلك إحتياطياتها مما سيمكننا من ان يكون لبنكنا المركزي سندات مالية مضمونة.
من المتوقع ان تشوب العملية عدة تحديات وصعود وهبوط وحتى الفشل ولكن لا يجب ان يقودنا ذلك ان نتخلى عن المضي في هذا المسار الذو الاتجاه الوحيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى