
نحن كمراقبين نرى و نتابع كثير من قصص الشباب ، فنجد منهم من يتكئون على جدران الحواري ، والاحياء ، ويجلسون في المقاهي ، وعند بائعات الشاي ، ويمضون أوقاتهم على نواصي الشوارع حيث الفراغ سيد الموقف ، فقد قرر شاب من أبناء هذا الوطن الناضجين أن يسلك درباً غير معبد ، قد يفضي به إلى حلم وطن أكبر .
شاب إسمه إبراهيم يسن عويس ، أتى من قرى النيل الابيض إلى الخرطوم ، وكان يومها في مقتبل العمر ، و بعد أن أكمل دراسته الجامعية ، قرر أن يعمل شيئاً يستفيد الناس منه ، و هو لا يمتلك أي مقومات ، كان يحمل بيده دفتراً صغيراً وقلم (بك) لا يساوي ثمن ما يحمل شيئاً ، ولكن كان ذلك أغلى ما يملك يدون فيه أفكاراً كانت تبدو مستحيلة لمن حوله ، وأما هو فكان يراها خطته الكبرى لتغيير المشهد الإعلامي في بلاده .
لم يكن التوقيت مثالياً ، ولم تكن الوسائل متاحة ، ولكن عزيمة هذا الشاب كانت تكفي لتقود قافلة ، وفي تلك الحظة كان يمكن له أن يكون فيها مجرد رقم إضافي في طابور الانتظار الطويل نحو الهجرة أو اللا مبالاة ، و لكنه اختار أن يشعل شمعة يضيئ بها الدرب لغيره ، فأسس موقع النورس نيوز ، فهو موقع إخباري ، ومنصة تنبض بالحقيقة وتحمل الوطن في كل سطر من سطورها .
اللافت في الأمر إلى درجة الحيرة ، أن أول ما فكر فيه إبراهيم عويس لم يكن يريد أن يملأ الفضاء الرقمي بالخبر ، و لكنه كان يريد أن يقنن لنفسه مركزاً ينطلق منه ، في وقت كان البعض يتفنن في تجاوز القانون ، فكان هذا الشاب يسابق الزمن ليستوفي كل الشروط ويُسجل مركزه رسمياً ، ليصبح بعد ذلك المركز الأول في السودان الذي تم تسجيله وتقنينه ، ربما ظنه البعض مهووساً بالتفاصيل ، ولكنه كان يعرف جيداً أن البداية الخاطئة لا تُفضي إلى نهاية مشرقة .
هذا هو إبراهيم عويس مع الإعلام الرقمي ، وكان في ذلك الوقت الإعلام الرقمي جديداً على الساحة السودانية ، إلا أن هذا الشاب الذي شغلته قضايا بلده أكثر مما شغله عدد المتابعين ، رأى أن يجد وسيلة لتغيير الواقع ، ولذلك أسس موقع النورس نيوز على قاعدة مهنية صلبة ، ومنذ يومه الأول قرر أن يكون هذا المنبر صوتاً داوياً ، فأراده أن يكون نبضاً صادقاً ، ومؤتمناً على الخبر ، ويحترم العقول .
ولم تكن هذه هي المغامرة الأولى له ، فإبراهيم يحمل في جعبته الكثير من المبادرات ، و في جوفه طاقة شبابية لا تهدأ ، فكان من أوائل الذين قدموا مبادرات رائدة في مجال الطيران بالسودان و هي عبارة عن ورشة صناعة الطيران بالسودان ، فأصبحت لاحقاً ضمن الأوراق المعتمدة لدى هيئة الطيران المدني ، ولعل في هذا الأمر ، ما يكشف شيئاً عن شخصية هذا الشاب الطموح ، فلا يكتفي بأن يحلم فقط ، فنجده يخطّط ، وينفذ ، ويترك الأثر دون مقابل .
الآن مرت ثمانية أعوام على إطلاق موقعه ، فلم تكن هذه السنين سهلة ، لقد كانت مليئة بالتحديات ، و المقاومة ، و الإصرار أيضاً ، ولكن الموقع شقّ طريقه بثبات ، حتى أصبح اليوم مصدراً معتمداً للخبر ، يُقرأ في الداخل كما في الخارج ، وله حضوره وإحترامه في المشهد الإعلامي .
ولم يكن ذلك ليحدث لولا أن هذا الشاب لم يبع صوته في سوق الكلام ، ولم يساوم على الخط الوطني ، وظل وفياً لمبادئه مهما تبدلت الظروف ، لم يكن يسعى لأن يكون نجماً في سماء الشهرة ، و لكنه كان يريد أن يترك بصمة حقيقية في أرض الإعلام .
قد لا تلتفت إليه الدولة كثيراً ، وقد لا يجد اسمه طريقه إلى لافتات التكريم ، و لكن تظل (الحقيقة) من الثوابت بأنه أول من قنن منصة إخبارية في السودان، ومن أولئك الذين يصنعون الفارق من خلف الستار ، بجهدٍ صامت ، ومثابرة لا تنكسر .
واليوم بعد أن أكملت منصته عامها الثامن ، لا يتحدث إبراهيم كثيراً عن هذا الإنجاز ، لأنه يحمل هم القادم ، و يتحدث الآن عن خطة تحديث شاملة ، وعن تقنيات جديدة ، و عن محتوى أكثر رصانة ، وعن مسؤولية أكبر تجاه القارئ ، لأن الطموح عنده لا يُقاس بعدد السنوات، و لكن بالثقة ، والمصداقية .
ويبقى إبراهيم عويس نموذجاً حياً لشاب قرر أن يبدأ من الصفر ، ويصنع من فكرة بسيطة موقع كان عبارة عن حلم وطن ، ولكن بكل اسف وجد نفسه في وطنٍ يعاني من شحّ القدوات ، والإمكانيات والتقدير .. وطن لا يكرم إلا الموتي ، ولا يلتفت إليهم و هم أحياء .
و
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
نحن كمراقبين نرى و نتابع كثير من قصص الشباب ، فنجد منهم من يتكئون على جدران الحواري ، والاحياء ، ويجلسون في المقاهي ، وعند بائعات الشاي ، ويمضون أوقاتهم على نواصي الشوارع حيث الفراغ سيد الموقف ، فقد قرر شاب من أبناء هذا الوطن الناضجين أن يسلك درباً غير معبد ، قد يفضي به إلى حلم وطن أكبر .
شاب إسمه إبراهيم يسن عويس ، أتى من قرى النيل الابيض إلى الخرطوم ، وكان يومها في مقتبل العمر ، و بعد أن أكمل دراسته الجامعية ، قرر أن يعمل شيئاً يستفيد الناس منه ، و هو لا يمتلك أي مقومات ، كان يحمل بيده دفتراً صغيراً وقلم (بك) لا يساوي ثمن ما يحمل شيئاً ، ولكن كان ذلك أغلى ما يملك يدون فيه أفكاراً كانت تبدو مستحيلة لمن حوله ، وأما هو فكان يراها خطته الكبرى لتغيير المشهد الإعلامي في بلاده .
لم يكن التوقيت مثالياً ، ولم تكن الوسائل متاحة ، ولكن عزيمة هذا الشاب كانت تكفي لتقود قافلة ، وفي تلك الحظة كان يمكن له أن يكون فيها مجرد رقم إضافي في طابور الانتظار الطويل نحو الهجرة أو اللا مبالاة ، و لكنه اختار أن يشعل شمعة يضيئ بها الدرب لغيره ، فأسس موقع النورس نيوز ، فهو موقع إخباري ، ومنصة تنبض بالحقيقة وتحمل الوطن في كل سطر من سطورها .
اللافت في الأمر إلى درجة الحيرة ، أن أول ما فكر فيه إبراهيم عويس لم يكن يريد أن يملأ الفضاء الرقمي بالخبر ، و لكنه كان يريد أن يقنن لنفسه مركزاً ينطلق منه ، في وقت كان البعض يتفنن في تجاوز القانون ، فكان هذا الشاب يسابق الزمن ليستوفي كل الشروط ويُسجل مركزه رسمياً ، ليصبح بعد ذلك المركز الأول في السودان الذي تم تسجيله وتقنينه ، ربما ظنه البعض مهووساً بالتفاصيل ، ولكنه كان يعرف جيداً أن البداية الخاطئة لا تُفضي إلى نهاية مشرقة .
هذا هو إبراهيم عويس مع الإعلام الرقمي ، وكان في ذلك الوقت الإعلام الرقمي جديداً على الساحة السودانية ، إلا أن هذا الشاب الذي شغلته قضايا بلده أكثر مما شغله عدد المتابعين ، رأى أن يجد وسيلة لتغيير الواقع ، ولذلك أسس موقع النورس نيوز على قاعدة مهنية صلبة ، ومنذ يومه الأول قرر أن يكون هذا المنبر صوتاً داوياً ، فأراده أن يكون نبضاً صادقاً ، ومؤتمناً على الخبر ، ويحترم العقول .
ولم تكن هذه هي المغامرة الأولى له ، فإبراهيم يحمل في جعبته الكثير من المبادرات ، و في جوفه طاقة شبابية لا تهدأ ، فكان من أوائل الذين قدموا مبادرات رائدة في مجال الطيران بالسودان و هي عبارة عن ورشة صناعة الطيران بالسودان ، فأصبحت لاحقاً ضمن الأوراق المعتمدة لدى هيئة الطيران المدني ، ولعل في هذا الأمر ، ما يكشف شيئاً عن شخصية هذا الشاب الطموح ، فلا يكتفي بأن يحلم فقط ، فنجده يخطّط ، وينفذ ، ويترك الأثر دون مقابل .
الآن مرت ثمانية أعوام على إطلاق موقعه ، فلم تكن هذه السنين سهلة ، لقد كانت مليئة بالتحديات ، و المقاومة ، و الإصرار أيضاً ، ولكن الموقع شقّ طريقه بثبات ، حتى أصبح اليوم مصدراً معتمداً للخبر ، يُقرأ في الداخل كما في الخارج ، وله حضوره وإحترامه في المشهد الإعلامي .
ولم يكن ذلك ليحدث لولا أن هذا الشاب لم يبع صوته في سوق الكلام ، ولم يساوم على الخط الوطني ، وظل وفياً لمبادئه مهما تبدلت الظروف ، لم يكن يسعى لأن يكون نجماً في سماء الشهرة ، و لكنه كان يريد أن يترك بصمة حقيقية في أرض الإعلام .
قد لا تلتفت إليه الدولة كثيراً ، وقد لا يجد اسمه طريقه إلى لافتات التكريم ، و لكن تظل (الحقيقة) من الثوابت بأنه أول من قنن منصة إخبارية في السودان، ومن أولئك الذين يصنعون الفارق من خلف الستار ، بجهدٍ صامت ، ومثابرة لا تنكسر .
واليوم بعد أن أكملت منصته عامها الثامن ، لا يتحدث إبراهيم كثيراً عن هذا الإنجاز ، لأنه يحمل هم القادم ، و يتحدث الآن عن خطة تحديث شاملة ، وعن تقنيات جديدة ، و عن محتوى أكثر رصانة ، وعن مسؤولية أكبر تجاه القارئ ، لأن الطموح عنده لا يُقاس بعدد السنوات، و لكن بالثقة ، والمصداقية .
ويبقى إبراهيم عويس نموذجاً حياً لشاب قرر أن يبدأ من الصفر ، ويصنع من فكرة بسيطة موقع كان عبارة عن حلم وطن ، ولكن بكل اسف وجد نفسه في وطنٍ يعاني من شحّ القدوات ، والإمكانيات والتقدير .. وطن لا يكرم إلا الموتي ، ولا يلتفت إليهم و هم أحياء .
و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل