أخر الأخبار

دكتورة ميادة سوار الدهب تكتب : قراءة في خطاب دكتور كامل ادريس

اتسم خطاب رئيس الوزراء د. كامل إدريس بالاتزان والوسطية والمباشرة في الطرح بلغة واضحة تخلو من الخطب الانشائيه والبلاغية المعدة مسبقا والمتكررة كان واضحا في تحديد الأولويات اذ وضعها في نقاط موجزة ومختصرة وهذه منهجية علمية في تناول القضايا
تدل على عقل مرتب وأسلوب علمي متقدم في التخطيط ومايميز هذا الخطاب الذي كان مرتجلا ان رئيس الوزراء اعد
الخطاب بنفسه ويتبدى ذلك من خلال طريقة التقديم والالقاء وهذا يعني ان رئيس الوزراء يدري تماما ماذا يريد وماذا سيفعل وعلى دراية كاملة بكل تفاصيل الازمة وابعادها الداخلية والخارجية

ترتيب القضايا والاوليات كان في منتهى الدقة والاحترافية وهذا يعد مؤشرا ممتاز لاحاطة رئيس الوزراء بتعقيدات المشهد ومتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية وعلى سلم اولوياتها الأمن القومي و فرض هيبة الدولة في ظل حرب ما تزال تستعر وهذا يتوافق مع رؤية القيادة العسكرية حول الحرب ويشير الى تنسيق وتناغم بين القيادة العسكرية ورئيس الوزراء ويقطع الطريق امام اي تأويلات عن مفاوضات مزعومة لا تحفظ للدوله هيبتها وسيادتها هذا بافتراض ان المقصود من ذلك هيبة الدولة التي تتطلب اتخاذ إجراءات تعزز الارادة الوطنية في قضايا الحرب والسلام ومايتعلق بالتفاوض الذي يحقق مصالح السودانيين دون المساس بسيادة وهيبة الدولة التي جاءت مقرونة بالامن القومي او مرادفة لها في الخطاب وفي اقتران متصل مع القضاء على التمرد والمليشيات وداعميها

بانتظام متسلسل تناول الخطاب الحفاظ على دولة القانون والعدالة مركزا على النيابة والقضاء والمحكمة الدستورية المرتكز الرئيسي والاهم على الاطلاق في مطلوبات المرحلة الانتقالية التي تعزز دولة القانون والدستور اذ تسبب غياب المحكمة الدستورية لسنوات في تعطيل سير العدالة في عدد من القضايا الدستورية

السنوات السابقه شهدت فراغا دستوريا وتنفيذيا متمثلا في عدم وجود رئيس وزراء اذ اثر سلبا في احتياجات الناس اليومية الأمر الذي يجعل إدارة المرحلة بكفاءات وطنية امرا في غاية الأهمية لتجاوز هذه الأوضاع الحرجة في تاريخ البلاد ..
معايير رئيس الوزراء لحكومة الفترة الانتقالية وفق متطلبات المرحلة اول خطوه في سلم النجاح او الاخفاق
بعيدا عن الترضيات والمحاصصات او التدخلات اذ تبرز من هذه الخطوه ملامح مشروع كامل إدريس للفترة الانتقاليه .

رئيس الوزراء اختار عبارات شديده الدقة والذكاء السياسي
في مخاطبة المكونات الميدانية وتقديره لدورها في معركة الكرامه بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم ومسمياتهم وثمن دور حركات الكفاح المسلحة في معركة الكرامة وفي ذات السياق شدد على الالتزام بمعايير الكفاءة في المناصب التنفيذية وهذا يعني بشكل ضمني عدم مشاركتهم في الجهاز التنفيذي باستثناء مقاعد اتفاق جوبا

الوقوف على مسافة واحدة من الجميع ملمحا نظريا مهما وضروريا في ظل الاستقطاب السياسي الحاد ولكن في ذات السياق من المهم عمليا دعم واسناد القوى السياسية الداعمة للجيش برنامج حكومة إدريس… كما يعتبر حياد رئيس مجلس الوزراء واستقلاليته اتجاها يتسق مع مشروع الحوار السوداني السوداني الذي لايستثني احد وهذا يفتح المجال واسع لكل الوطنيين وتحالف تقدم مما يشير إلى احتمالية مصالحة شاملة ببن القوى السياسية والجمع بين الظهير السياسي للمليشيا والتيار الوطني في مائده واحده وهذا التحدي عمليا يعد الأصعب وضد الارادة الداخلية التي تعتبر الظهير السياسي للمليشيا شريك أصيل في الحرب

اهمية الانفتاح على العالم الخارجي وعلى وجه التخصيص دول الجوار والمحيط الاقليمي في ظل انعدام رؤية استراتيجية للعلاقات الخارجية و عدم انخاذ خطوات جريئة تجاه المحاور الخارجية لتحقيق المصالح والعجز في بناء تحالفات اقليمية ودولية متوازنة في علاقتنا الخارجية وفقا للمبادى والمصالح التي تحفظ سيادة الدولة وارادتها الوطنية.

قضيةإعادة هيكلة الدولة السودانية تعد الامر الاهم والاساس ومربط الفرس في تغيير حقيقي وفعلي يخاطب جذور الازمة السودانية ويعيد تأسيس الدولة السودانية وفق اسس جديده في اطار رؤية وطنية وباجماع وطني يشمل كل مكونات المجتمع السوداني دون استثناء
الخطوه الأولى في مسار هيكلة الدولة تتجلى في إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي
وهذا تحدي كبير يتطلب رؤية وطنية استراتيجية وكفاءات حقيقية وحاضنة سياسية داعمة وارادة صلبة تتخطى العقبات وتواجه المعوقات وتتصدى لكافة الصعاب

محاربة الجهوية التي اقعدت البلاد لعقود من الزمان ومحاربة مافيا الفساد وحاشية السلطان الفاسده وشبكة النفوذ الموازية لمؤسسات الدولة أبرز العقبات التي ستواجه رئيس الوزراء وقد أشار إلى ذلك في بداية خطابه وهذا تحدي يتطلب حصافة وحكمة ويستدعي المزيد من الاصطفاف الوطني وتقوية الجبهة الداخلية وتضافر الجهود المخلصة من أبناء الوطن الأوفياء لاعادة الأعمار واعادة الاستقرار وتحقيق الرفاهية المنشود لشعبنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى