أخر الأخبار

الراصد – فضل الله رابح – رجل من «بُناة الأمم» .. خبا بعد إلتماع

.

كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق لرجل ( حنون ولوف) مثل معلمي الذي هو بمكانة والدي – الراحل ( بشير المر جامع ) – لقد نزل علي خبر وفاته زلزالا ضرب أعمدة جسدي ، وهزّ الأرض من تحتي ، لكن تظلّ الحقيقة أن الموت نقاد علي كفه جواهر يختارمنها الجياد ، بل الحقيقة الفاعلة لقد أوجعني فراقه وقد وافته المنية بمستشفي مصر الدولي إثر علة مفاجئة لم تمهله طويلا .. لقد شق علي الخبر لكن لا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله : ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) – حقا المضمون الوحيد في هذه الفانية هو الموت .. ( إنك ميت و إنهم ميتون ) – إلتقيت الراحل قبل إسبوعين من وفاته حيث وصلوني هو واللواء .د. أزهري باسبار وبخاري باسبار وترافقنا جميعا بعربة إبنه علاء الدين إلى التجمع الخامس بالقاهرة لحضورمراسم زواج إبن الشيخ .دفع الله التوم .. لقد سلم على بطريقته المحببة لكن هذه المرة كأنه سلام مودع .. الحمد لله المعدودة تمت أستاذي بشير ..وتختزن ذاكرتي مواقف عديدة تختنق بالدموع ونحن نودع أحداً من جيل المربين والأساتذة الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية والتعليمية العظيمة من ذلك الزمن الجميل البعيد ، أستاذنا جميعاً المربي المرحوم بشير المر (أبو وفاء ) كما هو معروف في صقع الجمل ، بشير المر فارق الدنيا بعد مسيرة عطاء عريضة في خدمة الناس – بشيرالمر منذ أن عرفته وأنا في سنوات صباي الأولى كان مبتسما جهورالصوت والنداء حتى أن أهل المنطقة ينتخبونه بإستمرار للتعبيرعنهم وتقديم خطاباتهم الجماهيرية أمام المسؤولين وأثناء الإحتفالات والمهرجانات الوطنية , فهو رجل شجاع وذو قييم وثقافة جذابة ورغم أنه ضحوك إلا أنه حاسم لا يجامل ولا تأخذه في الحق لومة لائم – يمتلك وجهاً باسماً وقبضة يد قوية في نفس الوقت ، لم أجده عابساً قط ، بل له وجها بشوشا ويداً حانية.
الموت حقٌ على كل حي ، فحين يأتينا هذا المصاب الجلل في من نحب تختلف ردود أفعالنا معبرةً عما تختلجه صدورنا من الحزن والأسى، فكيف أرثيك يا رجُلاً توارى ذِكرهُ ، بين الأنام وهل يفيد بيانِ ، خالدٌ ولن يجد الزمان بمثلهِ، شهماً شريفاً طيفه أشجانِ.
( بشير المر ) متناسق ملبسا ومتسق سلوكا لقد رحل من غير وداع إلا من ذكرياته الطيبة وهمته وخفة وزنه ومحبة الناس إليه .. الحمد لله وإنني أنظر إليه وهو مسجي على مغسلة الموتى بمستشفي مصر الدولي وإبنه علاء الدين يقف على رأسه وبجواره خاله ضهر المرحوم.علي عبد الباسط والشيخ دفع الله التوم وبخاري باسبارلم أتمالك نفسي وقد أبكاني مشهد أستاذي بشيرالمر جامع كما لم أبكي عزيز ودعته من قبل .. الحمد لله الذي أكرمني بالنظرة الأخيرة إليه رحمة الله تغشاه في الفردوس الأعلى ..
بشيرالمرمن الذين علمونا من وقت مبكر أن ننظرللحياة بعزة وإباء وبعيون صافية مهما أرهقتنا السينين ومآسيها, لقد تعلمت منه الوعي المبكربقضايا الوطن الكلية وهورجل يمثل رأس مال وطني وحضاري وقييمي نادر ومن دون تفاصيل فبشير المر مديرمدرسة صقع الجمل الإبتدائية (ب) مطلع الثمانينات كان لا يمثل معلما فحسب بل رجل متعدد المواهب والأبعاد إذ تستطيع أن تنظر إليه من كل زاوية فترى كل مشهد يختلف عن الآخر .. بشير المر معلم ماهر .. ورياضي رشيق ومثقف حذق يمتلك معرفة واسعة ونظرة منفتحة على الجميع فهو يحترم كل وجهات النظر مهما إختلف مع الآخرين .. بشير المر أب حنون .. وأخص خصائصه إنه يمثل ( تراكب وتراكم) بيئات ثقافية ومجايلة وإحتكاك حضاري فمنه تعلمنا لباس الزي الأفرنجي الأنيق .. ومنه تعلمنا طريقة تصفيف الشعروتقليم ونظافة الأظافر وإسلوب تنسيق الأزياء مع الأحذية كان نظيفا جوهرا ومظهرا .. إنَّه حركة تحديث عملاقة وشاملة في حياتنا الأولى، سارفيها بخطى واثقة، وسرنا نحن في فضائها نقلة نوعية فريدة ماثلة للناظرين لكل من عاشر الجيل الذي تربي على يد أستاذنا الراحل بشير المر .. ليس دائماً التعليم الجيد أو التنظير المتماسك للطلاب أمام مدارج التعليم هو من يربي التلاميذ أو يجعلهم يتعلقون بمعلمهم ويصبح قدوتهم ، فأحياناً يأتي أناس بسطاء بعيون صافية ، يتربعون علي قلوب الناس فمثل الراحل (بشير المر ) سيرهق الذين من بعده وسيرهق أبنائه في الوفاء بمطلوبات صداقاته ومعارفه النبيلة وسيرهق محبيه بسداد فاتورة أفضاله .. عندما إحتسبته في صفحتي علي الفيس بوك إتصل علي معزيا الفريق شرطة البروفيسور. جلال تاور قال لي بشير المر زميلي وصديقي في مدرسة خور طقت الثانوية .. لقد عشنا مع بعض في داخلية أبو عنجة عنبر ( 5) فهو رجل منذ صغره مهذب وطيب وعبره تعرفت علي أسرته وإخوانه ..

أستاذنا ( بشير المر ) لقد عشت فينا كريما .. ورحلت عزيزا ..خالص العزاء والمواساة لأهله وأبنائه وإخوانه ومحبيه وأخص – أرملته الأستاذة أم كلثوم عبد الباسط وأبنائه علاء الدين وبهاء الدين وعلم الهدى ومنتصر ومحمد المصباح وشقيقاتهم وفاء وهناء وولاء وسناء .. اللهم أرحمه و أغفر له و أسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا..أحر التعازي لكل الاهل بكردفان عموما وصقع الجمل خصوصا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى