قبيل أيام قدم السيد جعفر الميرغني دعوة لحوار (سوداني سوداني) دون استثناء وذلك في مدينة بورتسودان وأن يكون الحوار بضمانات من رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان. ترى ما هو عدد الدعوات التي قدمت لهكذا مبادرة على مدار تأريخ السودان السياسي؟ وكم نسبة نجاحها؟.
المؤكد الذي يقطع به ذات التأريخ أن النتيجة غالبا صفرية لأسباب عدة على رأسها بل أسها عدم الاتفاق بين الأحزاب السياسية ولو بالحد الأدنى وهكذا دواليك منذ ذاك التأريخ وإلى حينه.
دعكم من التأريخ البعيد ولنعدد من الحوار الوطنى بين مكونات الشعب السوداني السياسية والمدنية والعسكرية المختلفة الذي دعا إليه الرئيس المعزول “عمر البشير” في يناير 2014م والذي اطلق عليه (الوثبة). هذا الحوار الذي اعدت له العدة من لجان ولجان مختصة وغيره من التحضيرات والمؤتمرات والاجتماعات التي استمرت لاسابيع انتهى بلا أدنى نتيجة بسبب مقاطعة مكونات سياسية رئيسية بينها حزب الأمة القومي بزعامة “الصادق المهدي” فقبرت (الوثبة).
تلت ذلك العديد من الدعوات من كيانات مختلفة وكلما تفاقمت الأوضاع السياسية في كل حقبة حكم تنوعت الدعوات وشكلت أجسام بمسميات مختلفة تملأ الدنيا ضجيجا ثم تنتهي إلى لا شيء.
كما أسلفت أس المشكل عدم الإتفاق ورفض الآخر كما حدث في عهد حكومة :حمدوك” التى زادت الطين بلل لتجذر الكراهية بين الأجسام إلى جانب الانشقاقات، وما اتفاقهم الإطاري إلا تكريس ( لفرتقة ) القوى السياسية، فضلا عن الانتقاء المخل ورفض الآخر بصورة معيبة وشائهة.
فإن كانت الدعوات لحوار وطني سوداني فشلت والسودان متماسك إلى حد، وكذا الأحزاب والقوى السياسية فما بالكم الآن والحزب الواحد يحتاج إلى حوار داخلي لترتيب بيته الذي تبعثر. عندما يلتئم شمل الأحزاب والقوى السياسية التي باتت أثرا بعد عين عندها فالندعو لهذا الأمر.
ما احوجنا فعليا لهذا الحوار (السوداني سوداني) ولو كانت التجارب والدعوات السابقة نجحت لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. ولما تجرأت دول بدس انفها في شئون السودان وفرض الوصايا عليه في انتهاك صارخ لسيادته والتي من أسف ترك لها الباب موارب. دول عدة تدعو خلال هذه الفترة من الحرب إلى ترك أمر السودان للسودانيين مستهجنة التدخل السافر لدول بعينها وهي تحسب أنهم _ أي السودانيين _ جميعا ولا تعلم أن قلوبهم شتى.
الآن وحتى تتم الدعوة لحوار سوداني سوداني لا يستثنى أحد أو أي من الكيانات، على بعضها نفض يده بل وغسلها وتطهيرها من دنس ما ارتكبت _ هذا أن قبلها الشعب طبعا_ وعلى بعضها أيضا التنازل والسعي لجمع صفهم وكلنا نشهد بالفرقة بين المكونات السياسية، وبعض العسكرية والحركات، وزعماء القبائل وكل مكونات المجتمع. يليها المجتمع الذي تفرق أيدى سبأ ولا يتأتى جمعه إلا بتماسكها وخطاب الكراهية بلغ أشده.
على الجميع وضع مصلحة البلد العليا في المقام الأول قبل النظر لمكاسبهم،تلكم المكاسب التي اوردت البلاد مورد الهلاك ولم ولن يلتئم المجتمع وينهض السودان من كبوته أن لم يتنازلوا عنها. فانانية النخب السياسية واطماعها يدفع تكلفتها المواطن المسكين. والآن تفاقمت التكلفة ليدفعها تهجيرا، وقتلا، واذلالا، واغتصابا وغيره مما وجد نفسه فيه بلا ذنب جناه.
ما احوجنا فعليا لحوار سوداني نستعيد به بلادنا وسيادتها، وتماسك الجبهة الداخلية بدء يعزز من ذلك، فالوثبة فوق كل تلك الشروخ غير مجدية والأمر يحتاج لتدرج كيما يبلغ تمامه، ومعينات ذلك متوفرة فقط تحتاج لتنازلات، ونظرة شمولية بعيدا عن الضيقة، وبعيدا من الأنا. أو سنستمر في ذات السيناريو و( كلاكيت) لعاشر مرة أو فشله كما سابقاته لأكثر من مرات.