عمار حسن عمار أحد شباب المجاهدين الذي باعوا أنفسهم لله وركلوا الدنيا بعد أن احتاجهم الوطن ، فقد عرف عمار العمل الطلابي وهو المدخل الى العمل العام فاصبح قيادياً بجامعة الزعيم الازهري وكان يمكن له بذات الدفع أن يتسنم مواقع كثيرة في وظائف حكومية ولكنه اختار العمل الخاص فدخل الأسواق وهو يجسد سيرة ومسيرة سيدنا عبد الرحمن ابنعوف، ونتيجة لعلاقاته الطيبة مع معظم المؤسسات نجح عمار سريعاً فأوجد لنفسه مكانه يزينها خُلق المسلم الملتزم، ( سمحاً اذ باع، سمحاً اذا اشترى، سمحاً اذا اقتضى ) وقد عضد ذلك بالالتزام في مواعيد انجاز الاعمال فتحقق له الاستقرار المالي بعد أن أصبحت كبريات المؤسسات العامة والخاصة تتعامل معه وكيف لا يتحقق ذلك وعمار اضافة الى صلاته تلك باراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً كما التمست منه هو شخصياً وبشهادات آخرين .
مثل معظم الناس تأثر عمار بما جرى للسوق بعد سقوط الإنقاذ خاصة السوق العربي وما جاوره من الأسواق حيث أصبحت تلك المنطقة موئلا لفوضى لا تنتهي وتكاد تكون سيادة الدولة قد اصبحت مفقودة في ذلك المكان فالدخول نفسه مشكلة لأي شخص راكباً أو راجلاً حيث تجد الشوارع كلها مغلقة بالانترلوك الذي في السابق كان يزينها واطارات السيارات المشتعلة ويحرس ذلك الخراب شباب من المغرر بهم تعرفهم.
نعم سقطت سيادة الدولة تماماً في منطقة وسط الخرطوم التي استحالت خراباً بعد أن كانت تنبض بالحياة وذات مرة اتصلت على عمار كثيراً ولم يكن هاتفه متاحاً فحاولت الوصول إليه في مكتبه فلم استطع نتيجة للفوضى المذكورة فاتصلت عليه مرة أخرى فدخل هاتفه هذه المرة فسألته اين أنت فقال لي عدت لتوي من رحلة خارجية الى بلاد كذا تصدق يا بروف أسست عملاً وسجلت لدراسة الماجستير باجراءات من مقر اقامتي وخلال اسبوعين فقط ،جهز عمار نفسه إذا لتلك الرحلة وجاء ليصفي حساباته ثم يعود الى تلك الدولة ولكن الحرب قد اندلعت ونادى منادي الجهاد لحماية الأنفس والبلاد والاعراض فلم يقل عمار أن لدي والدين وأسرة صغيرة مستقبلها بيدي فيتخذ من ابناءه مجبنة كما في معنى الحديث النبوي الشريف ولكنه يمم وجهه صوب المعارك فخرج منتصراً من الواحدة تلو الأخرى واصبح ينتقل بين جهاد السلاح وجهاد الاعلام فتجده في هذا الكبري أو ذلك الموقع او تلك المدينة ليذرع الابتسامة في النفوس عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأمور لا تزال بخير فتسير بذلك الركبان وتطير فرحاً به القلوب .
لم ينس عمار الأهل في كركوج في الدفاع عنهم بالسلاح وبالكلمة المكتوبة فعندما مكثت المليشيا بالمسيد الطاهر وأجبرت الشيوخ على ما يفهم منه تعايشهم مع المليشيا أغضب ذلك كثيرين فقال عمار قولته الشهيرة، جدوا العذر لشيوخنا فإنهم قد أجبروا على ذلك وقلوبهم مطمئنة بالإيمان.
وعندما تم تحرير كركوج ضمن مدن ومناطق كثيرة في ولاية سنار زار عمار مسقط رأسه فتدافع الجميع صغاراً وكباراً، شيوخا واطفالا للترحيب بابنهم واخيهم البار عمار فتجدهم يقبلون العربة التي تقله حتى خرج منها فعانقوه وصافحوه فرداً فرداً في مشهد غير المعاني تماماً حيث كان هذا الأمر قاصراً على كبار الشيوخ وبعض الزعامات الطائفية التي تزور تلك المناطق أيام الانتخابات لتمكث وسطهم ساعات ثم تعود فقط عند الإنتخابات القادمة كما يقول عبقري الرواية العربية الطيب صالح واصفاً تلك المواسم (تأتينا الشوارع بالغرباء تلقيهم على أبوابنا كما يلقي موج البحر بالحشائش الغريبة ) والقتال في الإسلام كره وفيه خير ولعل من خيراته أن غير الشباب أمثال عمار المعاني من الترحيب بمن يأتي في المواسم الى التبجيل لمن يقدم نفسه وماله في سبيل الله والوطن ونسأل الله أن يحفظ عماراً وصحبه المصطفين الأخيار وأن يحقق على أيديهم النصر المؤزر الذي يشفي صدور قوم مؤمنين.