دكتور محمد يوسف إبراهيم يكتب : الفيتو الروسي يحرق اخر كروت تقدم والبند السابع في مهب الريح

عمدان النور

لا أود الغوص كثيرا في تحليل تعثر المشروع الاستعماري الجديد لبريطانيا والذي أرادت تمريره عبر منصة مجلس الأمن الدولي قبل يومين بقدر ما أود تأكيد الرباط المقدس ما بين مجموعة تقدم والمليشيا المتمردة وتنسيق المواقف بينهما
وبالرغم من أن الارتباط هذا ليس بالأمر الجديد إلا أنه شهد تحولا كبيرا وتوثقت الوشائج أكثر خاصة في آخر ثلاثة أشهر بدءاً باغسطس سبتمبر ونوفبمر وكل من يتابع المشهد يدرك ذلك بصورة جيدة
تقدم ومليشياتها العسكرية أرادوا مساندة ومعاونة انجلترا في تمرير المشروع الذي يضمر الشر للشعب السوداني
وماكان لبريطانيا من سبيل الا وان تحقق الحلم المستحيل لمجموعة تقدم وذلك باعادتها الي السلطة ولو على جثامين الشهداء ودماء واشلاء الأطفال
لذلك شهدت مناطق وقري شمال الجزيرة ابشع أنواع العنف والفظائع من القتل والتعذيب والابادة الجماعية واغتصاب النساء والعقاب الجماعي بلا رحمة ولا شفقة وآخرها وليست بالأخيرة هي مجزرة الهلالية المرعبة بالطبع كل هذه الجرائم تمت قبل أيام قليلة لانعقاد جلسة مجلس الأمن وهنالك رسائل مهمة وراء استهداف المدنيين بهذه الصورة من قبل تقدم ومليشياتها
الرسالة الأولى مفادها أن القوات المسلحة غير قادرة على حماية المدنيين وبالتالي لابد من التدخل الاممي من أجل حمايتهم ولا يتم ذلك الا بنشر قوات في كافة ارجاء البلاد تحت غطاء مكشوف الغرض منه استعمار السودان وفرض الوصاية الدولية عليه
اما الرسالة الثانية فكان مفادها هو تكرار أسطوانة عدم الإعتراف بشرعية حكومة السودان ومجلس السيادة والمحاولة اليائسة والبائسة في المساواة مابين القوات المسلحة والمليشيا المتمردة وذلك من خلال استخدام مصطلح الطرفين المحاربين في السودان إشارة إلى الجيش السوداني والمتمردين وهذا هو الخط الذي تتبناه تقدم وتسعى للترويج له من خلال الظهور الاعلامي لها في كل المنابر
اما الرسالة الثالثة كانت تدور حول الأوضاع الإنسانية للنازحين واللاجئين ومحاولة تسييس هذه الأوضاع والاتجار بها سياسيا لاستعطاف الداعمين لمشروع إنجلترا وهذا الملف وجد حظه من التداول في كافة أروقة الدول المناوئة للسودان وكذلك منظمات الأمم المتحدة وغيرها من الحكومات لممارسة الضغط على السودان من أجل الرضوخ لمطالب العدوان غير المشروعة وظل السودان عبر مندوبه بالأمم المتحدة وغيرها من المنابر يقدم تبريرات موضوعية ويصف هذا الضغط عبارة عن تدخل في الشأن الداخلي له وانتهاكا صريحا لسيادته الوطنية كما ظل يرفض اي محاولة لتسييس القضية الإنسانية
الرسالة الرابعة هو أن السودان به فراغ سياسي وان تقدم الحليفة الاستراتيجية للغرب هي وحدها مشرعنة ومؤهلة لسد هذا الفراغ لذلك لابد من إعادتها للسلطة لتمثل الجانب المدني وهذه اللعبة أيضا مكشوفة لأن تقدم أظهرت ذلك منذ وقت مبكر خاصة قبل اندلاع الحرب والعدوان السافر الذي قادته مع المليشيا المتمردة لحرق الأخضر واليابس في السودان كما ظلت تمثل الذراع السياسي للدعم السريع سرا وعلانية
قيادات تقدم وعلى رأسهم حمدوك ومن خلفهم الإمارات العربية المتحدة وبعض دول الجوار السوداني أرادوا تغيير الاستراتيجية من الاستمرار في الحرب التي تؤكد مجرياتها بأنهم خسروا فيها كل شيء وفقدوا حيالها كافة عناصرهم الصلبة المأول عليها وصعب الأمر عليهم لذلك أرادوا البند السابع الذي يضمن لهم تمرير المشروع المجهوض من قبل الجيش السوداني لذلك عمدوا على ارتكاب كافة الفظائع بمناطق شرق الجزيرة وحتى عشية انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي وذلك محاولة منهم لتوفير الأجواء المثالية لمشروع إنجلترا وتمهيد الطريق للبند السابع لاحراق ما تبقى من السودان
كانت تقدم قبيل انعقاد الجلسة تتبجح وتتبختر ظنا منها بأن المشروع سيجد طريقا ممهدا للعبور للضفة الأخرى وبالتالي تكون قد حققت انتصاراً كبيرا في الساحة الدولية لكنها لا تفهم ابدا بأن المواقف ليست كما تظن أو تتجمل به وتتزين أمام الحلفاء وان السودان غير في الخارطة الدولية
وأصبح احد أركان التوازن الدولي الحديث وسيرجح كفة ايا من المحاور المختلفة

والدليل الابرز على ما أقول هو الفيتو الروسي الذي احرق اخر كروت تقدم والمليشيا المتمردة وكل الحلفاء ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إنما تجاوز ذلك لان المندوب البريطاني كان قد فقد اعصابه وكال التشائم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يكن موجودا بقاعة الاجتماع وهذا دليلا قاطعا بأن إنجلترا تفاجأت بهذا بحق النقض الذي استخدمته روسيا ضد مشروعها لأنها كانت على ثقة تامة بأن المشروع سيعبر لا محالة الا ان لروسيا رأي اخر
دولة الإمارات وتقدم والمليشيا المتمردة يتوجب عليهم ضرورة الإدراك والفهم بأن السودان دولة ذات سيادة وطنية وحكومة شرعية معترف بها في كل مكان ولديها القدرة الدبلوماسية العالية في أحداث التوازن وكسب المعارك الدبلوماسية وخلق التحالفات وفقا لمصلحة الشعب السوداني وان كل الأمنيات والدعوات الي استعمار السودان عبر بوابة البند السابع وعودة العملاء الي كراسي السلطة بات من سابع المستحيلات وعلى تقدم ان تعي الدرس جيدا وان تدرك بأن المخطط العدواني الذي تقوده بقفازات ناعمة بات مكشوفا ولا مجال للاعيب القذرة لان للسودان رب يحميه وجيش يدافع عنه وشعب صابر على الاذى و حلفاء مخلصين لا يتهاونون ابداََ ابداََ…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى