الراصد – فضل الله رابح – هشام السوباط .. الطبعة الثانية

الراصد
فضل الله رابح

هشام السوباط .. الطبعة الثانية ..

هشام السوباط رئيس نادي الهلال رجل أعمال لم يتوقف دوره عند دعم السودان وجيشه والدفع بسخاء للرياضة ولمجتمع الرياضيين فحسب ، ولكن هشام تجاوز ذلك و لم يعد مجردُ رئيسٍ نادي رياضي كبير وعظيم مثل الهلال يوصفه البعض بزعيم أمة الهلال ، فهو لم يتجرد من شيم التآزر والتكافل الاجتماعي السوداني والقيم الأصيلة المركوزة فى أصل الشعب السودانى النبيل ، الرجل ظل قريبا من المجتمع وبرع فى تمثيلِ الطَّائفةِ الرياضية بإحساسه بالآخر وحضور المعني فى تفاصيل حياته اليومية ودواخله ، منتصف نهار أمس الاربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤م ومن دون إعداد وترتيب مسبق توقفت سيارة هشام السوباط في المهندسين بالقاهرة ، أمام العمارة ( ١٩ ) تحديدا وهى البناية المجاورة للسفارة الكاميرونية ، ترجل السوباط يرافقه كاتم أسراره محمد عصام ، حقا مثل السوباط بات آخر ممَّن تبقَّى من قادةِ «الأندية الرياضية » والنسخ الإجتماعية السودانية الأصيلة ببلادنا ، آخر الذين يمكن يلجأ إليهم المستجيرون من وعثاء الحرب اللعينة ومعاناتها اليومية ، قليل من تبقى يَنشدونَ مساعدة الاخرين ويبسطون فضائل أعمالهم بلا تكلف أو رياء .. هذا الموقف بادر به السوباط دون تكليف أو تفضل منه كما قال ، إذ تفاجأ أبناء الدكتور .الموسيقار .عبد القادر سالم وبناته تيسر والعائلة أن السوباط يطرق باب الشقة (101) سائلا ومتفقدا محبوب أغنية مقتول هواك يا كردفان .. ( عبد القادر سالم ) .. السوباط حقا رجل يستحق فضيلة الحديث عنه فهو يعطى ويجبر الخواطر رغم الشوائب التي ألحقتها حرب آل دقلو اللعينة على قطاعات المجتمع كافة والأمراض الاجتماعية الغبيثة التي خلفتها وإستوطنت بل نخرت جسد السودان وخربت نفوس السودانيين .. إن أهميةُ الزيارة ليست فى العطايا التى قدمت ولكن فى تثبيت حقيقة أن عبد القادر سالم يستحق وأن السوباط ليس من طينة من تستهويه الأضواء ويطغى علي الناس ، بالقدر الذي يخفض سقف أمل الآخرين ورجاءاتهم فى خيرية الأمة المحمدية ، الملفت بساطة الزيارة رغم مكانة الزائر والمزور فكل من السوباط وعبد القادر سالم حازا من المكانة ما يكفيهما ويجعل البعض يصنع من الزيارة منصة لحشد الاعلام وإلحاق الخطوة بالثناء وبعبارات المن تحت فلاشات كاميرات الاعلام الكاشفة ، معلوم بالضرورة كل منهما يمتلك الشَّرعيةِ الجماهيريةِ التى تؤهله لتفعيلِ خاصية وضع الاهتمام ولفت الانظار الى نفسه ، بيد أنَّ السوباط يمثّلُ الطَّائفةَ المتواضعةَ من علية أقطاب الأندية في وقتٍ صعدت فيه رأسمالية طفيلية خَطيرة ومتوحشة غيبت كثير من ملامح التاريخ الرأسمالى السوداني ، زمان الشيخ مصطفي الأمين وأبو العلا وبقية الخيرين من رجال المال والاعمال .. كانت جلسة غنية بحديث الراهن وبذكريات الماضي المحتشد بالعطاء إستدعي خلالها عبد القادر سالم أيام الفن السودانى النضيرة وكيف أن الفن و التعليم أثرت وجدان السودانيين بالقومية النبيلة .. عبد القادر تحدث بإسهاب عن دور الفنون والموسيقى الشعبية فى تذويب الأمراض الإجتماعية الخبيثة والاسهام في الانصهار والاندماج الوطنى ، تحدث كيف أنه جاب كل السودان وتوقف عند فترته فى جمهورية تشاد وأدواره الفنيه فى صناعة التبادل الثقافى بين البلدين ولما للفنون والموسيقي من سحر وهى تعمل على اجتثاثٍ الروح الشريرة وتمتص الإحتقانات وشحنات الغضب الشعبي السالبة وهي العلة التي فشلت السياسة على علاجها .. دلف عبد القادر سالم بذكرياته المثيرة إلى رحلاتهم الفنية فى عمق أوربا في ألمانيا وأسبانيا وفرنسا وبلجيكا وكيف كان شعب النَّازيّةِ يتراقص على ايقاع المردوم بحب ، تلك كانت أيام الفن السوداني الاصيل عندما كان يملأ فراغ الاوربيين ويرفع عنهم توترات ومخلفات الحروب ( العالمية الاولى والثانية ) ويمحو ظلالها .. ضمن أجندة الراهن الوطنى يستوجبُ علينا أن نعيد هذا العطاء البازخ حتى يسهم فى اعادة ترتيب حاضرنا ويعيد إنتاج ما تبقي من قيم لمنعَ الفوضَى والتشوهات الوجدانية التي صنعتها الحرب وتحولاتها السياسية والاجتماعية ، وقبل ذلك ما فعلته الثورة المصنوعة بالسودان وشعبه كي نستشرف مستقبلنا ونحن أكثر تعافيا .. إن مثل هذه المواقف وهذا التقدير يمكن أن تحولَ بين الطموحينَ مثل عبد القادر سالم واليأس وتعيدهم الى تسلُّقِ السُّلَّم مرة أخري والاندماج والتأثير فى ريادة المجتمع .. عبدالقادر سالم فى غمرة فرحه بالحضور أهدي هشام السوباط والمهندس .طارق حمزة وثيقة فنية رائعة وهى عبارة عن نسخ من كتابه : ( الغناء والموسيقى التقليدية بإقليم كردفان ) وهو ما تزال ذاكرته متقده إذ حرضه طارق حمزة لمزيد من توثيق الاغنية السودانية المليئة بالقيم والموروث الحضاري سيما ان الرجل لا يزالُ من أهمّ الشَّخصياتِ الفنيةِ السودانية بشكلٍ عام ، وكانت فتر قيادتُه لاتحاد الفنانين مليئة بالعطاء ولفت عبد القادر أن المهمة لا يمكن أن تتمَّ من دون مشاركةِ المكوِّنِ الفني العريض ، مع بقيةِ الطَّوائف الابداعية الأخرى ، حتى تمنحَ هذا المنتوج التأييدَ الفنيَّ والشرعيةَ التوثيقية كاملة . قطع السوباط الطريق أمام نية عبد القادر سالم العودة إلى السودان خلال الأيام المقبلة لمواصلة رحلة علاجه بإلتزام صارم من السوباط بأنه سيتكفل بمواصلة رحلة علاجه بمصر والبقاء إلى حين ميسرة هو ومن يعول من أسرته .. حاول عبد القادر سالم التعلل والتملص بأن لديه أحفاد ينتظرونه فى السودان لكن هشام السوباط حاصره بشهامته المركوزة قائلا أكمل عافيتك اولا أما أحفادك يمكن أن نلحقهم بك هنا لانك تمثل ثروة وطنية قومية غالية وقدمت ما فيه الكفاية ولم تسبق شيئا وحان وقت تكريمك من المجتمع والدولة لتعريف الأجيال الحالية والقادمة بأفضالك وما قام به ابناء ذاك الجيل المبدع من الفنانين والأدباء أمثالك .. إن موقف هشام السوباط مع عبد القادر سالم ليس الوحيد ولن يكون الأخير وقد فعل الرجل مثله عشرات المواقف مع قطاعات وفئات أخرى بلا من ولا أذي ،ينتظر أجره من السماء لكننا هنا نتحدث عنها محاولةً منا للتذكير والتحريض لعمل الخير ولما ينفع الأمة وضعفاءها بمواقف مملوءة بالأمل وحسن الفعال .. لا يمكنُ أن ننسَى أنَّ السوباط من أوائل الذين قادَوا لواء نصرة الوطن ليس بمثل هذه المواقف ، بل بكلَّ ما من شأنه أن يزيل عن السودانيين آثار الحرب ومواجع المذابح التى قامت بها عصابات آل دقلو الارهابية .. أخيرا نقول أن النماذج المؤلمة التى نراها من مآسيَ موجعةٍ فى الجزيرة وغيرها من الانتهاكات ماهو الا نتيجةٌ طبيعيةٌ لفتحِ مجموعة الحرية والتغيير السودان كجبهةِ حرب مخابراتية عالمية من دون رغيب ، وإن دقلو إخوان وأعوانهم من تنسيقية تقدم أدخلوا بسطاء السودان في حربٍ ليسَ لهم فيها ناقةٌ ولا جمل ، بل عرضوا البلاد للإختطاف لأربعةِ سنوات أو تزيد ، دمروا خلالها كل شئ وجعلوا السودان وطنا من للتخريب والدمار لكن السوباط وآخرين من المخلصين من أبناء البلد ما زالوا يسهرون علي تعميره بكل ما تحمل كلمة تعمير من معانى وأول معاني التعمير بعد الحرب هو إصلاح الإنسان وتعمير النفوس قبل البنايات والعماير .

Exit mobile version