كلام سياسة : الصافي سالم
في وقتٍ تتضاعف فيه معاناة أكثر من 42 ألف أسرة نازحة من محليات النهود والخوي وبقية مناطق غرب كردفان، تأتي زيارة مفوض العون الإنساني سلوى بنية إلى شمال كردفان كحدث محوري طال انتظاره. ولكن تطرح هذه الزيارة سؤالاً مشروعًا: هل جاءت لإنصاف النازحين فعلاً، أم لتسجيل حضور رسمي في ظل كارثة إنسانية تتوسع كل يوم؟تُعد مناطق قبائل دار حَمَر تحديدًا من أكثر المناطق التي دفعت الثمن الباهظ للحرب؛ إذ قدّمت أكثر من ألف شهيد من أبناء الدار دفاعًا عن الدولة والأرض والعرض مع القوات المسلحة. ومع ذلك، لم يقابل هذا التاريخ من الفداء حتى الآن ما يتناسب مع حجم التضحية، حيث تعاني آلاف الأسر المهجرة قسرًا من النهود والخوي من شحّ الغذاء والدواء والمأوى، بينما تتزايد الحاجة إلى تدخل مركزي عاجل ومنظم.تحمل زيارة سلوى بنية في ظاهرها رسالة اهتمام، لكنها تُختبر اليوم بمقدار ما سيليها من أفعال: هل ستتبنى المفوضية خطة طوارئ خاصة بالنازحين القادمين من غرب كردفان؟ هل ستعالج الفجوات الحرجة في الإيواء والمياه والصحة، أم ستبقى الوعود معلقة؟ وهل ستُشرك حكومه الولاية والإدارات الأهلية في دار حمر في إدارة الملف، تقديرًا لتضحياتهم ودورهم الوطني؟إن النازحين لا يبحثون عن التصريحات، بل عن قرار يُنهي معاناتهم المتطاولة، وخطة واضحة تحفظ كرامتهم التي كانت دائمًا جزءًا من معركة الكرامة التي خاضوها إلى جانب القوات المسلحة. إنصاف نازحي النهود والخوي يبدأ من الاعتراف الرسمي بأن ما تعرضوا له ليس نزوحًا عابرًا، بل كارثة إنسانية كبرى تحتاج إلى تدخل يتجاوز حدود الزيارات الميدانية.فأهل دار حمر الذين قدّموا دماء أبنائهم في دفاع الوطن يستحقون اليوم أن تقف الدولة عبر مفوضية العون الإنساني موقفًا يليق بحجم عطائهم وثباتهم. زيارة سلوى بنية خطوة إيجابية، لكنها لن تكون منصفة إلا إذا تحولت إلى برنامج عملي يعالج الأزمة من جذورها، ويعيد للنازحين ما فقدوه من أمن وكرامة وسكن واستقرار.فالنازحون اليوم لا ينتظرون الوفود، بل ينتظرون القرارات. وإنصاف غرب كردفان يبدأ من هنا.
