منذ توليه رئاسة الوزارة في ١٣ مايو ٢٠٢٥ ظلت الادارة المدنية لدكتور كامل ادريس محل تجاذبات واراء مختلفة حول طريقة صناعة القرار وطريقة ادارته للدولة .
بعض الاراء ترى ان الاداء صفر حتى اللحظة وان رئيس الوزراء لم ينجح في تحريك دولاب العمل من تحت اجنحة القيادات العسكرية العليا التي كانت تقتسم الإشراف على الوزارات قبل تشكيل الحكومة المدنية .
البعض الاخر يعتقد ان الفرصة لازالت امام كامل ادريس لإحداث اختراق لتمكين السلطة المدنية من اداء دورها . ولو ان الشواهد تقلل من هذا الاحتمال بالنظر إلى طريقة الرجل في ادارة شئون البلاد اليومية وطريقة وضع السياسات ومتابعة تنفيذها.
اكثر ما يهدد وزارة دكتور كامل ادريس هو ظهور الخلافات والتقاطعات في صناعة القرار الحكومي ، والذي يبرز في شكل صراع بين المصالح المؤسسية ، وتضارب في المعلومات ، وتنافس بين اللاعبين الرئيسيين مما يظهر القرار النهائي في الحكومة وكانه نتاج مساومة لا نتاج مصلحة وطنية.
غالبا ما تبدو الخلافات في صناعة القرار الحكومي على شكل دائرة من المساومات البيروقراطية والاختلاف في التفسير مما يثير بلبلة في دوائر الرأي العام والإعلام ، ويخلق عدم الثقة في الحكومة .
يزداد الوضع تعقيدا مع بروز التسريبات التي تخرج من النقاشات الداخلية للاجتماعات الرسمية والتي اصبحت سمة المرحلة يعقبها ضغط اعلامي على الخصوم المفتعلين وإضعافهم وفق عملية تخطيط، وتصميم، وتوجيه ممنهج لتحقيق أهداف سياسية أو استراتيجية معينة.
فقد اصبح تسريب معلومات حقيقية كانت او مضللة لوسائل الاعلام احد اهم ادوات ضرب مصداقية الخصوم او إجبارهم على اتخاذ قرارت تحت ضغط الرأي العام .
الملاحظة الجديرة بالاهتمام مؤخرا هي استخدام الصراع كأداة للضغط أو الإكراه او عبر الابتزاز الإعلامي لدفع صانعي القرار لتبني مسارات سياسية او تنفيذية معينة
هناك من يعتقد ان هذه الصراعات مفتعلة وليست حقيقية وذات اهداف محددة لتشتيت الانتباه وتحويل أنظار الرأي العام عن قضايا الحرب وتأثيراتها على المواطنيين وما تقوم به مليشيا الدعم السريع من تمدد في دارفور وكردفان وعجز حكومة كامل ادريس عن تحقيق الاستقرار في المناطق الآمنة التي يسيطر عليها الجيش ، والإخفاقات الكبيرة في توفير الخدمات ومعاش الناس.
تتخذ عملية هندسة الصراع داخل الهياكل الحكومية ومراكز صنع القرار أشكالاً متعددة، منها صراع الأجنحة والبيروقراطيات وتضارب المصالح كذلك نشوء صراع بين مختلف الوزارات والأجهزة والمؤسسات الحكومية، حيث تسعى كل منها لتعظيم نفوذها وهذا طبعا خلقته ظروف انهيار العمل المؤسسي قبل الحرب وزادت درجته بعد الحرب مع النفوذ الشخصي للأفراد الذين هم على راس المؤسسات الحكومية بحسب القرب من مراكز القيادات العليا في المكون العسكري الذي يلجأ
لاستخدام الصراع لتمكين “جناح” على حساب آخر ضمن النخبة الحاكمة.
هندسة الصراع تبدو مع التلاعب بالأجندة الإعلامية لخلق حالة من الاستقطاب أو تأييد قرار معين او خلق أزمات مصطنعة وافتعال أزمات صغيرة (اقتصادية، اجتماعية، أو أمنية) للتمهيد لقرارات كبيرة أو لتبرير إجراءات استثنائية تعزز سلطة رئيس الوزراء في الاستمرار في السلطة.
السؤال الاهم
هل يستطيع رئيس الوزراء استحداث نظام يقيد استخدام الصراع كاداة ويخضع المسئولين في الجهاز التنفيذي للمسائلة ام انه هو نفسه من يمكن للصراع ويغذي أدواته ليستمر الضرب تحت الحزام .
