كرم الله محمد الأمين سليطين يكتب: قراءة المتمرد للإنسانية في ظل الانتهاكات

في صورة تثير التساؤلات والتناقضات، يظهر احد متمردي مليشيا الدعم السريع يجلس بملابسه العسكرية على سجادة داخل بيت يحتله بعد أن قتل أهل هذاالبيت أو شردهم ، ممسكاً بكتاب يحمل عنوان “هذا هو الإنسان”. هذه الصورة تجسد المفارقة العميقة بين ما يمثله الكتاب من قيم الإنسانية والفكر، وبين سلوك هذا المتمرد الذي يعكس انتهاكاً صارخاً لتلك القيم الجميلة.

القراءة فعل إنساني يعبر عن السعي نحو المعرفة والتفكر في معاني الحياة والوجود. عندما يمسك المتمرد بكتاب عن الإنسان، ينشأ سؤال ملح: هل هو فعلاً يسعى لفهم الإنسانية أم أنه يتظاهر بذلك؟ كيف لشخص ينتهك حقوق الآخرين بوحشية أن ينشغل بقراءة كتاب يتناول جوهر الإنسان وقيمه؟

إن تواجد هذا المتمرد داخل بيت يحتله بشكل غير شرعي بعد أن أزهق أرواح أهله أو شردهم إلي خارج السودان يضيف طبقة أخرى من التناقض. البيت، الذي كان من المفترض أن يكون ملاذاً آمناً لأهله، تحول إلى موقع للجريمة وانتهاك الخصوصية. والآن، يتحول نفس المكان إلى موقع لقراءة كتاب عن الإنسانية، في مشهد يثير السخرية والمرارة في آن واحد.

قد يكون الكتاب نفسه غنيمة حرب بالنسبة لهذا المتمرد، مما يزيد من تعقيد الصورة. الكتاب، الذي يمثل رمزاً للثقافة والفكر، يتحول إلى مجرد قطعة مسروقة تضاف إلى سلسلة ممتلكات أخذت بالقوة. هذا الفعل يعكس افتقاراً عميقاً لاحترام الثقافة والفكر، ويحولها إلى مجرد سلعة تُنهب وتُستغل.

هذه الصورة تطرح سؤالاً عميقاً: أين تنتهي الإنسانية؟ هل يمكن أن نجد بقايا من الإنسانية في قلب شخص ارتكب مثل هذه الجرائم؟ هل يمكن للقراءة والتفكر أن يعيدا الإنسان إلى مساره الصحيح؟ أم أن ما نشهده هو مجرد تظاهر بالثقافة والمعرفة دون أي تأثير حقيقي على السلوك؟

إن مشاهدة متمرد مسلح مغتصب يقرأ عن الإنسان داخل بيت يحتله بعد أن قتل أهله هو مشهد مليء بالتناقضات والمرارة. يعكس هذا المشهد الصراع الأبدي بين الفكر والسلوك، بين القيم والانتهاكات، وبين ما نطمح أن نكونه وما نحن عليه فعلاً. في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة الثقافة والفكر على تغيير الإنسان وتحويله نحو الأفضل، حتى في أحلك الظروف وأكثرها ظلاماً هذه الثقافة التي تتخذها المليشيا المتمردة مدخلا نحو ترسيخ قيم جديدة في مجمتع راسخ عاش آلاف السنين حضارة وثقافة وهي ثقافة الدقلوقراطية المغتصبة للحرائر السارقة للاموال الطامسة لقيم الخير والحق والجمال .
………

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى