أخر الأخبار

حـدود المنطـق – اسماعيل جبريل تيسو – الكتلة الديمقراطية،، فليكن جنوب السودان بدايةً لاستعادة عافية السودان

حسناً فعلت الكتلة الديمقراطية لقوى الحرية والتغيير التي يممت وجهها شطر الجنوب للتشاور والتفاكر مع رئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت بشأن التوصل إلى أنجع السبل لإنهاء الحرب المندلعة في السودان منذ منتصف أبريل من العام ٢٠٢٣م، على خلفية تحرك ميليشيا الدعم السريع للانقلاب على القوات المسلحة، وتعبيد الطريق أمام قائدها محمد حمدان دقلو ليدخل هذه المرة إلى بلاط القصر الجمهوري، محمولاً على أكتاف الاتفاق الإطاري رئيساً للجمهورية.

إن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي مطلقاً، ذلك أن الكتلة الديمقراطية لقوى الحرية والتغيير تأخرت كثيراً في إعادة هيكلة إداركها لتستيقظ وتستفيق من صدمة الحرب، وهي القوى التي كانت محسوبة على المكوّن العسكري منذ اعتصام القصر الجمهوري منتصف أكتوبر من العام ٢٠٢١م، والذي انتهى بذهاب حكومة حمدوك، وتقليم أظافر قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي فيما اسماه الجيش بالإجراءات الإصلاحية واسمته قوى المجلس المركزي بالانقلاب، واطلقت عليه الكتلة الديمقراطية فضّ الشراكة بين الجيش والمجلس المركزي للحرية والتغيير.

ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١م، كان يُنظر إلى قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية على أنها الجناح السياسي للمكوّن العسكري، وإن كانت الكتلة الديمقراطية ترفض ذلك، وتُسرُّ في نفسها غضباً من المكوّن العسكري لما تعتقده ( تهميشاً ) بعدم التشاور معها في الكثير من القرارات والإجراءات التي ظل يتخذها المكوِّن العسكري في سبيل استعادة عافية الدولة، ومحاولة العبور بسفينة الفترة الانتقالية فوق أمواج الاضطربات المتلاطمة، وتيارات الاستقطابات الحادة التي جرفت البلاد إلى انسداد الأفق السياسي.

إن تأخر الكتلة الديمقراطية لقوى الحرية والتغيير في التقاط القُفَّاز والاضطلاع بدور وطني لتجاوز الحرب وتداعياتها المرهقة، يعود إلى مشكلات واجهت الكتلة نفسها في بواكير الحرب، حيث كنا نحسبهم جميعاً، ولكن للأسف كانت قلوبهم شتى، إذ كشفت الحرب عن تباين في مواقف مصفوفة الكتلة الديمقراطية بين قوى مساندة وداعمة للجيش، وأخرى اتخذت طريق الحياد المحفوف بالريبة والشك، قبل أن تتراجع عنه وتعود إلى الجادة والمنطق وتعلن دعمها للقوات المسلحة بعد أن اجتاحت ميليشيا الدعم السريع أربعاً من أصل خمسٍ من ولايات دارفور وعاثت فيها فساداً وارتكبت فيها من الفظائع والجرائم التي يندى لها الجبين.

إذن اجتمعت عـدة مواقف وعناصر جعلت خيول الكتلة الديمقراطية متاخرة في مضمار الاصطفاف والاضطلاع بدور وطني ينزع فتيل الحرب ويعيد روح الأمن والأمان إلى جسد السودان، وفي المقابل كانت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي التي تحولت فيما بعد إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ( تقدم) في حراك مستمر ( ظاهره) يعكس اجتهاد هذه القوى من أجل إيجاد مخرج للأزمة الأمنية والإنسانية التي أفرزتها الحرب، ويحكي ( باطنه) عن طموحات وتطلعات للعودة إلى سُدة الحكم، “والأعـور في بلد العماية ملك”.

رؤية مقنعة تلك التي تحملها الكتلة الديمقراطية إلى طاولة رئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميار ديت بضرورة إسكات صوت البندقية وإجراء حوار شامل لا يستثني أحداً يطوي لحاف الأسباب التي أدت إلى الحرب في مقدمتها انفراد جهة أو مجموعة معينة بقرار الحوار وآلياته كما حدث في الاتفاق الإطاري، الذي كان سبباً مباشراً في إشعال نار الحرب التي أكلت الأخضر واليابس وأوردت البلاد مورد الهلاك.

ما أرجوه هو أن تكون جوبا هي القطرة الأولى التي يعقبها غيثُ حراكٍ كثيف ومتصل يشمل دول الجوار الأفريقي، والمحيط العربي، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة المتهم الرئيس في إشعال فتيل الحرب بدعم وإسناد ميليشيا الدعم السريع، فالفرصة مازالت مواتيةً أمام الكتلة الديمقراطية لتغطية الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد منذ منتصف أبريل من العام ٢٠٢٣م، ذلك أن تحرك قوى سياسية بحجم الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير والتي تضم في تشكيلتها أسماء وشخصيات ورموزاً وطنية معطونة بعصير خبرات سياسية وتجارب في العمل التنفيذي، ومسنودة بعلاقات كبيرة وقبول واسع على المستوى الإقليمي والدولي، لقادرة بهذه الكوكبة المتميزة على إقناع الآخر، وتحقيق الاختراق المطلوب في جدار الأزمة السودانية.

إننا نأمل في أن تنجح الكتلة الديقمراطية لقوى الحرية والتغيير في مسعاها بأن يكون إسكات صوت السلاح مدخلاً لعودة النازحين واللاجئين، وإيقاف نزيف التهجير القسري، وإدخال المساعدات الإنسانية بالكميات المطلوبة والسرعة اللازمة لغوث جميع أهل السودان، وتهيئة المناخ السياسي لانطلاق حوار سوداني سوداني لايستثني أحداً، يلعب فيه المجتمع الإقليمي والدولي دور المسهِّل، بعيداً عن أي أجندات أو مصالح، غير مصلحة الوطن والمواطن الذي الشعب يتطلع إلى استقرار السودان، باعتبار أن استقرار السودان يعني استقرار المنطقة الأفريقية والعربية، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى